منذ أيام بدأ معلمو ومعلمات عدد من المدارس بمحافظة الحديدة بالإضراب عن العمل وتنفيذ اعتصامات وفعاليات احتجاجية نتيجة انقطاع وتوقف صرف مرتبات المعلمين بالمحافظة منذ قرابة خمسة أشهر.
وتعتبر هذه الفعاليات هي الأولى من نوعها في محافظة تحكمها الميليشيات الانقلابية بالحديد والنار، منذ فرضت عليها سيطرتها بالكامل في وقت مبكر، من شهر أكتوبر 2014.
وتعرض معلمو ومعلمات الحديدة المحتجون للإهانات والتهديدات من قبل نائب مدير مكتب التربية بالحديدة نتيجة قيامهم بالإضراب والاحتجاجات الأخيرة، التي يصرون على مواصلتها حتى يتم تسليمهم رواتبهم المقطوعة بالكامل.
للمزيد حول هذا الموضوع أقرأ أيضا: الحديدة: إضراب عن التعليم في المدارس والميليشيات تهدد المعلمين بالعقوبات
ولتسليط الضوء أكثر على هذه الأحداث الأخيرة بالمحافظة المتعلقة بالمعلمين، أجرى مراسل "يمن شباب نت" بمحافظة الحديدة، لقاء سريعا عبر التراسل الألكتروني، مع نقيب المعلمين بالمحافظة الأستاذ طارق سرور، المتواجد حاليا خارج البلاد، منذ أن تم إطلاق سراحه من الاعتقال.
وفي حين أدان نقيب المعلمين بالمحافظة ما يتعرض له زملاؤه المضربين من انتهاكات وتهديدات نتيجة ممارستهم حقوقهم القانونية المشروعية، أكد أن الأساليب القمعية والاعتقال والتهديد لن تجدي مع المعلمين، بل سيزيد ذلك من تضامنهم وتوسع الاضراب أكثر.
وكشف نقيب المعلمين أن 80% من الذين تم اعتقالهم في محافظة الحديدة هم معلمون وينتمون للنقابة.
وحمل سرور حكومة الانقلاب، أو ما يسمى بـ"سلطة الأمر الواقع" مسئولية الأوضاع المأساوية التي يعيشها المعلمين بالمحافظة، كما لم يتسثني أيضا الحكومة الشرعية من المسئولية ولكن بدرجة أقل، مؤكدا أن قيادة النقابة تتواصل مع المسؤولين في الحكومة بخصوص كيفية تسليم رواتب المعلمين بالحديدة.
نترككم مع تفاصيل الحوار:
* من يتحمل برأيك مسؤولية تدهور أحوال المعلمين بالحديدة نتيجة انقطاع الرواتب منذ أكثر من خمسة أشهر ؟
- بالتأكيد الوضع الذي يمر به زملاؤنا المعلمين والمعلمات يزداد سوءً كل يوم ويعيشون أوضاًعاً مأساوية صعبة نظراً لانقطاع الرواتب منذ خمسة أشهر, ويتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى حكومة الانقلابيين، أو ما تسمى بـ"سلطة الأمر الواقع" التي عملت على إفراغ البنك المركزي والخزينة العامة للدولة ونهبتها لصالح جبهاتهم القتالية والحروب العبثية التي تسببوا فيها.
* ألا ترى بأن الحكومة الشرعية تتحمل جزءً من هذه المعاناة أيضا؟
- لا شك أن الحكومة الشرعية تتحمل أيضا مسؤولية ذلك، ولكن بنسبة أقل، خاصة في المناطق المحررة التي تسيطر عليها.
* بصفتكم نقيب فرع المعلمين بالمحافظة: هل هناك مساع قمتم بها في هذا الجانب، كي يحصل المعلمون والمعلمات حقوقهم الضائعة؟
- نحن كنا ومازلنا وسنظل في خدمة إخواننا وزملائنا المعلمين، ونبذل قصارى جهودنا من أجلهم، ولكن ليعذرنا زملائنا على بعض التقصير الخارج عن إرادتنا نتيجة الوضع الحالي الذي فرضته المليشيات على النقابة منذ سيطرتها على المحافظة في 2014م. فأنا وأمين عام النقابة كنا من أول من تم اختطافهم في محافظة الحديدة من قبل هذه المليشيا، ولهذا كما تعرفون وربما يعرف الجميع أننا أضطررنا إلى الخروج، ونحن حاليا خارج الوطن. بالإضافة إلى مصادرتهم ونهبهم اشتراكات النقابة منذ بداية الانقلاب، كما أن الاعتقالات والمداهمات لم تتوقف إلى الآن مستهدفة قيادات وأعضاء النقابة, فهناك اثنين من رؤساء اللجان النقابية في المديريات لازالوا رهن الاعتقال، أضف إلى ذلك أن أكثر من 80%من المختطفين في محافظة الحديدة هم من المعلمين وأعضاء في النقابة، تم اختطافهم من 24 مديرية في هذه المحافظة.
* إذا كنتم خارج اليمن، ففي ما ذا تمثلت مساعيكم؟
- تمثلت مساعينا في بعض القضايا التي ما زال بمقدورنا القيام بها، أهمها، على سبيل المثال، تفعيل قضية المعلمين والانتهاكات والمأسي التي يتعرضون لها لدى المنظمات الداخلية والخارجية، كما قمنا مؤخرا بإيصال الكشوفات إلى الحكومة الشرعية بالتنسيق مع السلطة المحلية، ممثلة بالأخ وليد القديمي وكيل المحافظة الذي بذل جهودا مشكورة ومقدرة في هذا الموضوع.
* وماذا بعد تسليم الكشوفات؟ ما الجديد بخصوص صرف الرواتب؟
- الكشوفات فعلا تم رفعها إلى الحكومة الشرعية بعد مراجعتها, وهناك توجيه صريح من رئيس الحكومة الدكتور أحمد عبيد بن دغر بالصرف.
* ولماذا لم يتم تحويلها حتى الأن؟
- آخر تواصل لي بوكيل المحافظة الاستاذ وليد القديمي، أكد لي فيه بأنهم فقط بانتظار توجيهات محافظ البنك المركزي بتحويل الاعتماد إلى مصرف الكريمي. ونحن في انتظار محافظ البنك المركزي الذي سيعود إلى عدن في اليومين القادمين بمشيئة الله، والذي بدوره سيقوم بالتوجيه بتحويل الاعتماد إلى مصرف الكريمي بالمحافظة.
* كان هناك مؤخراً قرار بتعيين الدكتور حسن طاهر محافظاً للحديدة خلفاً لـ"بلغيث".. لماذا برأيكم لم نلاحظ أي تحركات أو مساعي للمحافظ الجديد (طاهر) في هذا الجانب؟
- محافظ الحديدة المعين من الشرعية لم يؤدي اليمين الدستورية بعد, نظراً للظروف الصحية التي يمر بها, وبالتالي لم يباشر العمل حتى الأن, لكن الأخ الوكيل يبذل جهودا كبيرة. وأنتهز هذه الفرصة لأوجه له، عبر موقع "يمن شباب نت" جزيل الشكر باسم فرع النقابة بالمحافظة.
* هناك عدد من المعلمين والمعلمات تعرضوا للإهانة من قبل نائب مدير مكتب التربية بالحديدة نتيجة الاضراب والاحتجاجات الأخيرة التي ينفذونها بها بسبب انقطاع الرواتب.. ما موقفكم في قيادة النقابة من ذلك؟
- نحن نرفض وندين بشده إهانة أي معلم او معلمة أو تعرضه للتعسف بسبب الإضراب. ونذكر قيادة مكتب التربية والتعليم بالمحافظة’ بأن الإضراب حق مكفول دستورا وقانونا. وفي الوقت الذي نجدد فيه تضامننا الكامل مع المعلمين بالمحافظة في ممارسة حقوقهم القانونية المشروعة، فإننا نحذر قيادة مكتب التربية بالمحافظة من الاستمرار في إهانة المعلمين.
للمزيد أقرأ أيضا: معلمات الحديدة يواصلن الإضراب للمطالبة بصرف المرتبات رغم التهديدات ومحاولات التهدئة
* نلاحظ توسع رقعة الاحتجاجات والاضرابات حاليا في الحديدة من قبل المعلمين.. هل ترى أنها مجدية؟
- بالتأكيد أن من حق المعلم المطالبة براتبه, لأنه قوت اولاده ومصدر دخله الوحيد. وبالتالي من حقه الإضراب حتى توفير راتبه. وهو ليس بيده شيء غير ممارسة حقه المكفول دستورا وقانونا.
* قد يتعرض بعضهم للاعتقال, خصوصاً وأن الميليشيات قد هددت بذلك وهددت باستخدام اساليب قمعية.. ما موقفكم؟
- الأساليب القمعية والاعتقال والتهديد, أؤكد لك أنه لن يجدي مع المعلمين, بل سيعزز تضامن المعلمين مع بعضهم وسيوسع عملية الإضراب, مما سيعمل على شل العملية التعليمية بشكل عام, فضلا عن انه سيكون وصمة عار إضافية على حكومة الانقلاب. أما دورنا، فسنواصل توثيق هذه الانتهاكات وسنعمل على كشفها للجميع عبر التغطية الإعلامية الواسعة لها، في الوقت الذي نؤكد فيه أن مرتكبيها لن يفلتوا من العقاب آجلا أم عاجلا، فهي جرائم لا تسقط بالتقادم..
*هل هناك من رسالة تود توجيهها من خلال هذا اللقاء؟
نعم رسالتي الأولى والأخيرة، في مثل هذا الظرف، أوجهها للحكومة الشرعية، وعلى رأسها رئيسها الدكتور أحمد عبيد بن دغر: أن تعمل بشكل سريع على تنفيذ توجيهاتهم وعدم التأخير, فوضع المعلم لم يعد يتحمل أي تأخير أو مماطلة.
وفي الوقت الذي يطيب لي أن أكرر شكري أيضا للحكومة على تحملها مسؤولية صرف رواتب المدنيين في كآفة محافظات الجمهورية، أشدد عليها بإن المعلمين في مقدمة من يحتاجون دعمكم بصرف رواتبهم ليتسنى لهم الاستمرار وأداء رسالتهم التربوية.
ولا أنسى أيضا أن نشكر موقع "يمن شباب نت" الإخباري ومراسله في المحافظة، وكذا جميع الإخوة الصحفيين ووسائل الإعلام الذين تبنوا قضية المعلمين، رغم أننا ندرك المخاطر التي يعرضون أنفسهم لها كونهم يعملون في ظروف أمنية صعبة, ومع ذلك لم تثنهم كل المحاولات التي تنتهجها الميليشيات لإسكات الأقلام الحرة التي تقف مع صف المواطن ومظلوميته.