واصل إسرائيليون تظاهراتهم في شوارع تل أبيب، الأحد، لليوم الثاني على التوالي، وهم يهتفون "لن نستسلم"، وذلك للضغط من أجل التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين في غزة، من خلال إبرام اتفاق مع المقاومة الفلسطينية لوقف إطلاق النار. ويطالب المتظاهرون رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بإبرام اتفاق ينهي الحرب على غزة، ويشمل إطلاق سراح المحتجزين، أو التنحي.
وقالت أورلي ناتيف، العاملة الاجتماعية من تل أبيب البالغة 57 عاماً، التي انضمت للمشاركة مع المئات في التظاهرات، "طفح الكيل". وأوقف متظاهرون حركة المرور عند تقاطع طرق رئيسي في تل أبيب، مطالبين الحكومة بإطلاق سراح المحتجزين. وأضافت ناتيف "الحكومة لا تهتم بما يفكر فيه الناس، لا تفعل أي شيء لإعادة إخوتنا من غزة". ووصف يوني بيليغ التظاهرة بأنها "صرخة أخيرة طلباً للدعم من البلاد بأكملها لمساعدتنا على إنهاء الحرب وفي استعادة أقاربنا". وأضاف "لقد حان الوقت لأن يتنحوا وتحمّل المسؤولية والسماح لشخص آخر بمحاولة إصلاح ما دمروه هنا".
ودفعت شرطة الاحتلال بتعزيزات أمنية حول مقر إقامة نتنياهو في القدس قبل تظاهرة الأحد. وقال الرئيس الإسرائيلي، إسحق هرتسوغ، على منصة "إكس": "تؤيد غالبية مطلقة اتفاقاً لإطلاق سراح الرهائن (المحتجزين). واجب الدولة إعادتهم". مساء السبت، أغلق متظاهرون مناهضون للحكومة طريقاً سريعاً في تل أبيب، واشتبك بعضهم مع شرطة الخيالة قبل أن يستخدم عناصر الشرطة خراطيم المياه لفتح الطريق. وقدر منظمو الاحتجاج أن نحو 176 ألف شخص احتشدوا بحلول الساعة التاسعة مساء في تقاطع بتل أبيب، يُطلق عليه اسم "ساحة الديمقراطية"، ما يجعل هذه التظاهرة الأكبر منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة.
احتجاجات كبيرة في تل أبيب
وتشهد تل أبيب كل ليلة سبت احتجاجات كبيرة تطالب أيضاً بإجراء انتخابات، إلى جانب احتجاجات أصغر حجماً في كل أنحاء إسرائيل للضغط على حكومة نتنياهو لإعادة المحتجزين من خلال إبرام اتفاق مع حركة حماس، التي تطالب بإنهاء الحرب على غزة. وتأتي هذه الاحتجاجات فيما استعادت مفاوضات وقف إطلاق النار غير المباشرة بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس زخمها، بعد أشهر من الدبلوماسية الفاشلة.
وفي وقت سابق اليوم، وجّه أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، رسالة إلى الرأي العام الإسرائيلي وعائلات جنود الاحتلال في غزة وعائلات المحتجزين بقوله: "بات معلوماً لديكم ولكل العالم أن النصر المطلق الذي يتحدث عنه نتنياهو هو انتصاره الشخصي في إقصاء خصومه وبقائه في السلطة في مقابل التضحية بأبنائكم"، مضيفاً: "وبالتالي فإن مصير أبنائكم يا جمهور العدو أصبح لعبة في يد رئيس حكومتكم ووزراء حكومته". واعتبر أن كل ما يفعله نتنياهو "هو محاولة للهروب من الحقيقة والإخفاق الذي سيلاحقه بقية حياته".
من جهته، قال نتنياهو إن أي اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة يجب أن يتيح لإسرائيل "مواصلة القتال حتى تتحقق أهداف الحرب"، مضيفاً، بحسب ما أوردته وكالة رويترز، أن الاتفاق يجب أن "يمنع تهريب الأسلحة إلى حماس عبر الحدود بين غزة ومصر"، ويجب ألا يسمح لآلاف المسلحين بالعودة إلى شمال غزة. وقال نتنياهو، في بيان، إن الاحتلال الإسرائيلي سيعمل على إعادة أكبر عدد من المحتجزين الإسرائيليين الأحياء في غزة. ورداً على بيان نتنياهو، تساءل زعيم المعارضة الإسرائيلية يئير لبيد: "ما فائدة البيانات الاستفزازية، ونحن في لحظة حاسمة من المفاوضات تعتمد عليها حياة الأسرى؟".
متظاهرة: الحرب جعلت العالم يكرهنا
وعارض نتنياهو باستمرار أي اتفاق يسمح لحماس بالبقاء. لكن الضغوط تتزايد مع ترديد أسر المحتجزين بأن حياة أبنائهم تساوي أكثر من إعلان "النصر على حماس". وقال ساخر مور، أحد أقارب المحتجز أبراهام مندر، في تجمع منفصل نظمته عائلات المحتجزين مساء السبت: "للمرة الأولى منذ أشهر عدة، نشعر بوجود بارقة أمل"، مضيفاً "هذه فرصة لا يمكن تفويتها". بدوره، قال يهودا كوهين، والد الجندي المحتجز نمرود كوهين: "رسالتنا للحكومة بسيطة جداً. هناك هدنة مطروحة. اقبلوا بها". أما إنبار ر. (27 عاماً)، وهي عاملة في مجال التكنولوجيا في تل أبيب لم ترغب في كشف اسمها الكامل فقالت: "هذه الحرب فشل. الشيء الوحيد الذي حققته هو جعل العالم يكرهنا".
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي حربه على قطاع غزة للشهر التاسع، وبالتزامن معها تشهد حدود لبنان الجنوبية تصعيداً متبادلاً وعمليات استهداف من جانب حزب الله لمواقع إسرائيلية، في خطوة قال حزب الله إنها تأتي دعماً للفلسطينيين في غزة. ولم يحقق جيش الاحتلال حتى اليوم أياً من الأهداف الرئيسية للحرب على غزة، والمتمثلة في القضاء على حماس، واغتيال أبرز قادتها في القطاع (محمد الضيف ويحيى السنوار)، وإعادة الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين.
(فرانس برس، العربي الجديد)