صعّد الاحتلال الإسرائيلي من وتيرة المجازر التي يرتكبها في مدينة غزة شماليّ القطاع، خلال اليومين الأخيرين، بعد فترة من الهدوء شهدتها المدينة في ظل العمليات العسكرية "المركزة" التي تشهدها بقية مناطق القطاع خلال الأشهر الأخيرة. ويركز الاحتلال في عملياته على القصف الجوي في مدينة غزة بعد أشهُر من انتهاء العملية البرية في المدينة، حيث يقصف مراكز الإيواء والمنازل التي ما زال يوجد فيها آلاف الفلسطينيين.
وتوقع عمليات القصف عدداً كبيراً من الضحايا بين شهداء ومصابين نتيجة لحالة التكدس التي تشهدها تلك البيوت ومراكز الإيواء، إذ يستخدم الاحتلال كثافة نارية عالية في عمليات القصف الجوي التي ينفذها. وتكررت في الفترة الأخيرة عمليات قصف فصول دراسية داخل مدارس تحولت إلى مراكز إيواء، بعضها يتبع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وأخرى تتبع للحكومة، عدا عن المدارس التي توجد بالمخيمات مثل مخيم الشاطئ.
وخلال اليوم الأخير، ارتكب الاحتلال عدداً من المجازر، من أبرزها مجزرتا الشاطئ والدرج، ما أدى إلى استشهاد وإصابة العشرات غالبيتهم من المدنيين الفلسطينيين، وعلى رأسهم مجزرة استهدفت عائلة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية. وقال الفلسطيني محمد علوان، إن الاحتلال الإسرائيلي قصف مدرسة عبد الفتاح حمودة بحيّ الدرج الملاصقة لمدرسة يافا، وهما مدرستان فيهما عدد كبير من النازحين من مناطق شمالي القطاع.
وأضاف علوان في حديث لـ "العربي الجديد" أن هؤلاء النازحين فقدوا بيوتهم وكانوا يبحثون عن مناطق آمنة وهم مقيمون في المدرسة منذ عدة أشهر، ولم يتوقعوا أن تقصف المدرسة، لأنه لم يسبق أن طاولها القصف سابقاً، مشيراً إلى أن أغلب النازحين كانوا ينتظرون انتهاء الحرب للعودة إلى المناطق التي يقيمون فيها، ولو على أنقاض المنازل، في ظل تكرار عمليات النزوح من مكان لآخر داخل مدينة غزة، وتواصل الحرب على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ولفت إلى أن القصف الإسرائيلي داخل المدرسة أوقع ما لا يقل عن 10 شهداء، إضافة إلى عشرات المصابين بجراح متفاوتة، وباتت المدرسة مكاناً غير آمن بالنسبة إليهم في ظل عمليات القصف التي تطاول المدارس. وأوضح علوان أن المدرسة تحولت إلى ساحة حرب في أعقاب القصف الإسرائيلي الذي طاولها بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار، علماً أن أغلب الشهداء والمصابين هم من النساء والأطفال الذين نزحوا مع عائلاتهم.
مجزرة الشاطئ في مدينة غزة
أما غربيّ مدينة غزة، فارتكب الاحتلال الإسرائيلي عدة مجازر خلال الساعات الأخيرة، كان أبرزها استهداف منزل شقيقة هنية، زهر التي استشهدت مع نحو 30 فرداً من عائلتها. وكشف الشاب أحمد لبد، أحد الشهود العيان، أن قصفاً إسرائيلياً عنيفاً استهدف المنزل، ما أدى إلى قلبه رأساً على عقب، حيث بالكاد تمكنت الطواقم من انتشال الشهداء وبعض المصابين فيه بإمكانات بسيطة.
وأضاف لبد لـ "العربي الجديد" أن القصف كان عنيفاً، وسُمع دوي الانفجارات في مختلف المناطق الغربية من مدينة غزة في وقت مبكر من صباح الثلاثاء، فيما هبّ الأهالي من محيط المنطقة أملاً في إجلاء ناجين. وأشار إلى أن مخيم الشاطئ لم يعد منطقة آمنة نتيجة تلاحُق عمليات القصف الإسرائيلي التي طاولتها في الأيام الأخيرة بعد قصف مربع سكني كامل قبل عدة أيام، ما أوقع عدداً كبيراً من الشهداء والمصابين. وأشار إلى أن المخيم شهد مجزرة أخرى تمثلت باستهداف الاحتلال لمدرسة تتبع للأونروا، وهي مدرسة "أسماء ج" حيث تكتظ بالنازحين من مختلف مناطق مدينة غزة، فيما كانت غالبية الشهداء من النساء والفتية والأطفال. وخلال نهار الثلاثاء استهدف الاحتلال الإسرائيلي عدداً من المنازل ومراكز الإيواء، منها ️مركز إيواء عبد الفتاح حمود بحيّ التفاح، ومركز إيواء أسماء بمخيم الشاطئ، ومنزل لعائلة الزميلي بحيّ الشجاعية، وتجمعاً للمواطنين بحيّ الرمال، ومبنى نادي الجزيرة بشارع الوحدة في حيّ الدرج.
تركيز على استهداف مراكز الإيواء
من جانبه، قال المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني في غزة محمود بصل، إن هناك عملية تركيز واضحة في استهداف مراكز الإيواء، حيث استُهدِفَت 5 مراكز إيواء في مدينة غزة خلال الساعات الـ 48 الماضية. وأضاف بصل في تصريح لـ "العربي الجديد" أن غالبية المراكز تتبع للأونروا، ولجأ إليها النازحون في ظل عمليات القصف التي طاولت منازلهم وبيوتهم التي كانوا يوجدون فيها طوال فترة الحرب المتواصلة منذ أكتوبر الماضي.
وشدد على صعوبة التعامل مع عمليات الاستهداف التي تحصل، مشيراً إلى أن غالبية من انتشلتهم طواقم الدفاع المدني من مجزرتي الشاطئ ومجزرة الدرج هم من النساء والأطفال وعبارة عن أشلاء ممزقة بفعل القصف. ووفق المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني، فإن نحو 80% من مقدراتهم دُمرت منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، وهو ما ينعكس بالسلب على عملهم، ويجعل من الصعب انتشال العالقين أسفل الأنقاض، ولا سيما في ظل شحّ الوقود.
العربي الجديد