لملم أهالي رفح، أمس الإثنين، جراحهم بعد المجزرة البشعة التي اقترفها الاحتلال بحق نازحين غرب المدينة، ما أسفر عن 45 شهيداً وإصابة أكثر من مئتين. فيما روى بعضهم لـ “القدس العربي”، شهادات مروّعة عن المذبحة التي أثارت غضبا فلسطينيا وعربيا ودوليا.
وأطلق جيش الاحتلال 8 صواريخ على مخيم للنازحين قرب مخازن رئيسية تابعة لوكالة غوث اللاجئين “الأونروا” شمال غرب رفح. وتضم المنطقة المستهدفة بالقصف الإسرائيلي 100 ألف نازح كان قد أجبرهم جيش الاحتلال على النزوح إليها بدعوى أنها منطقة آمنة.
ومع جلاء الليل تبين حجم الدمار الكبير الذي لحق بالمنطقة، فقد امتزجت الدماء بقطع الخيام البلاستيكية، التي كانت تؤوي تلك الأسر قبل المجزرة، وتناثرت بعض أشلاء الضحايا في المكان، فيما تركت الصواريخ حفرا كبيرة في الأرض، كما ظلت النيران مشتعلة في المكان حتى صبيحة اليوم الثاني.
وكان من بين الضحايا الكثير من الأطفال، وأظهرت لقطات مصورة للدقائق الأولى بعد الاستهداف المواطنين وطواقم الإسعاف والإنقاذ وهم ينتشلون الضحايا عبارة عن أشلاء، فيما كانت النيران قد التهمت أجساد الكثيرين منهم.
وفي ساعات الصباح والظهيرة أمس شيع أهالي الضحايا جثامين الشهداء إلى مقبرة المدينة، وسط حزن كبير. وأنزل أحد الرجال جثمان طفلة من عربة نقلته من المشفى إلى المقبرة، وحمله بين ذراعيه وهو يبكي بحرقة، حتى ووري الثرى، فيما حضرت إلى المكان أمهات الشهداء، حيث ارتفعت هناك أصوات البكاء في لحظات الوداع الأخيرة.
وكان من المشاهد المؤلمة، أم مصابة بجروح غائرة في اليد اليمنى ومناطق أخرى من جسدها، وهي تحضن طفلها الذي لا يتجاوز عمره العامين، خلال قيام الفريق الطبي بإجراء غيار على جرح له في الرأس.
وقال الشاب حسام صالح، الذي يقطن على مقربة من المكان وتحديدا في الحي السعودي لـ “القدس العربي”، إن صوت الانفجار الناجم عن تلك الغارة الجوية، هزّ المنطقة بعنف.وبيّن إنه جرى انتشال ضحايا وقد تفحمت أجسادهم من الحريق، وأن بعضهم كانوا أطفالا مبتوري الأعضاء أو قد قطعت رؤوسهم.
لافتا إلى أنه وغيره الكثير ممن حضروا للمساعدة انتشلوا جثامين من داخل الخيام المحترقة بصعوبة بالغة، مؤكدا أن من بين الضحايا من مات حرقا داخل خيمة النزوح.
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المجزرة بأنها “حادث مأساوي”، مشيراً إلى أنّ حكومته “تحقّق فيه”.
وزعم متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، لم تذكر وكالات الأنباء اسمه، بأن تقارير أولية عن غارة استهدفت الليلة الماضية قيادات من حركة “حماس” في رفح، تشير إلى اندلاع حريق عقب الغارة ومقتل مدنيين.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي لخيام النازحين في رفح بشكل متعمد “فاق كل الحدود”، مؤكدا أن هذا الأمر يتطلب تدخلا عاجلا لوقف هذه الجرائم التي تستهدف الشعب الفلسطيني فورا. ف
ي حين حمّلت حركة “حماس” الإدارة الأمريكية والرئيس جو بايدن بشكلٍ خاص المسؤولية الكاملة عن هذه المجزرة.
إلى ذلك، أعرب مفوض حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة فولكر تورك، عن شعوره بـ “الهلع”، حيال المذبحة، مطالبا بـ “محاسبة” المسؤولين. كما أثارت المجزرة ردود فعل غاضبة من دول عربية وغربية.
الاتحاد الأوروبي يفعّل مهمة بعثة حدودية في رفح
احتضن الاتحاد الأوروبي، أمس الإثنين، بمشاركة 5 دول عربية، مباحثات في بروكسل لحشد دعم دولي لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وحلّ الدولتين.
والتقى وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي نظراءهم من السعودية وقطر ومصر والإمارات والأردن، فضلاً عن الأمين العام لجامعة الدول العربية.
وقال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إن وزراء الخارجية الأوروبيين أعطوا الضوء الأخضر لإعادة تفعيل بعثة حدودية للاتحاد الأوروبي في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وقال “لقد حصلت على الضوء الأخضر من وزراء الاتحاد الأوروبي لإعادة تفعيل بعثة رفح الحدودية”، مضيفا أن مثل هذه المهمة ستحتاج إلى دعم مصر وإسرائيل والفلسطينيين.
وكان بوريل قد أكد أن المباحثات ستتضمن كيفية تنفيذ قرارات المحكمتين “الجنائية” و”العدل” الدوليتين في حق إسرائيل، رداً على مقتل عشرات النازحين في رفح.
كما شدد على أن “القول بأن المحكمة الجنائية الدولية معادية للسامية (لإصدارها مذكرات اعتقال بحق قادة إسرائيليين) غير منطقي فحكمها مهم جداً لتحقيق جوهر العدالة في الأمم المتحدة”.
وأكد ضرورة “المطالبة بتنفيذ قرار المحكمة الجنائية، لأن ما نراه أن إسرائيل مستمرة بالقيام بالإجراءات التي طُلب منها التوقف عنها”.
(القدس العربي)