تبادل عضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس الاتهامات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يوم السبت، في ما بدا تراشقاً حاداً، بعدما هدد الأول بالانسحاب من حكومة الطوارئ لعدم بحث خطط "استراتيجية" بشأن الحرب على غزة، وذلك في أحدث إشارة إلى الانقسامات والتوترات المتصاعدة بين القادة الإسرائيليين حول ما يسمونه "اليوم التالي" للحرب.
طالب الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، السبت 18 مايو/أيار 2024، بالالتزام برؤية متفق عليها للصراع في غزة تشمل تحديد الجهة التي قد تحكم القطاع بعد انتهاء الحرب مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وفي مؤتمر صحفي قال غانتس إنه يريد من حكومة الحرب وضع خطة من ست نقاط بحلول 8 من يونيو/حزيران، مشيراً إلى أنه في حالة عدم تلبية توقعاته، فسوف يسحب حزبه المنتمي لتيار الوسط من حكومة الطوارئ التي يرأسها نتنياهو.
غانتس أضاف: "منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول وحتى اليوم نعيش حرباً وجودية"، مضيفاً: "لم يتم اتخاذ أي قرارات حيوية بعد سيطرة أقلية صغيرة على سفينة إسرائيل وقيادتها نحو هوة سحيقة".
كما أوضح غانتس أن هناك أقلية صغيرة "سيطرت على قيادة دولة إسرائيل وتقودها إلى المجهول"، مشيراً إلى أن "الائتلاف الحكومي الذي دخلناه مع نتنياهو كان هناك وحدة قوية، ولكن في الفترة الأخيرة هناك تشويش".
في سياق متصل، قال الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية إن "من يتحكمون في دولة إسرائيل يتصرفون حالياً بجبن، وجزء من السياسيين يفكرون فقط في أنفسهم"، مشدداً في الوقت ذاته على أننا "ننتصر في الحرب فقط إذا كانت لنا بوصلة استراتيجية واضحة".
وبين غانتس أنه "دون هذه البوصلة لن ننتصر في الحرب، وهناك حاجة لتغيير فوري، وأنا وزملائي سنفعل كل ما بوسعنا لتغيير المسار"، مطالباً "مجلس الحرب ببلورة استراتيجية عمل جديدة بحلول يوم 8 يونيو/حزيران، تتضمن إعادة مختطفينا وتقويض حكم حماس".
إعادة المستوطنين للشمال
كما أشار إلى أنه "يجب العمل على إعادة المستوطنين إلى الشمال، وتعزيز التطبيع مع السعودية، وضمان خدمة كل الإسرائيليين للدولة، وعلى نتنياهو أن يختار بين الفرقة والوحدة وبين النصر والكارثة".
كما هدد غانتس رئيس الوزراء الإسرائيلي قائلاً: "إذا واصل نتنياهو طريقه الحالي سنتوجه إلى الشعب لإجراء انتخابات"، مؤكداً أن مقترح الصفقة الأخير متوازن ويمكن تطويره.
نتنياهو يرد
ولم يتأخر ردّ نتنياهو على تصريحات غانتس كثيراً، وقال إنه بدلاً من إنذار حماس، فإنّ غانتس ينذر رئيس الحكومة ويحدد له مهلة نهائية، الأمر الذي سيؤدي إلى هزيمة إسرائيل بالحرب. وجاء في بيان صدر عن مكتبه: "بينما يقاتل جنودنا الأبطال لتدمير كتائب حماس في رفح، يختار غانتس إصدار إنذار نهائي لرئيس الوزراء بدلاً من إصدار إنذار نهائي لحماس".
وأضاف: "الشروط التي يضعها بيني غانتس، هي كلمات معناها واضح، وهو نهاية الحرب وهزيمة إسرائيل، والتخلّي عن معظم المختطفين (المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة)، وترك حماس على حالها، وإقامة دولة فلسطينية. جنودنا لم يسقطوا سدىً وبالتأكيد ليس من أجل استبدال حماسستان بفتحستان".
وأردف نتنياهو: "إذا كان غانتس يفضّل المصلحة الوطنية ولا يبحث عن ذريعة لإسقاط الحكومة، فليجب عن الأسئلة الثلاثة التالية: هل هو مستعد لاستكمال عملية رفح لتدمير كتائب حماس، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن أن يهدد بتفكيك حكومة الطوارئ في منتصف العملية؟ هل يعارض السيطرة المدنية للسلطة الفلسطينية في غزة، حتى بدون (محمود) عباس؟ هل هو مستعد للقبول بدولة فلسطينية في غزة ويهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة) كجزء من عملية التطبيع مع السعودية؟"،
مضيفاً: "موقف رئيس الوزراء (نتنياهو) من هذه القضايا المصيرية واضح: رئيس الوزراء مصمم على القضاء على كتائب حماس، وهو يعارض إدخال السلطة الفلسطينية إلى غزة وإقامة دولة فلسطينية ستكون حتماً دولة إرهاب.
ويعتقد رئيس الوزراء أن حكومة الطوارئ مهمة لتحقيق جميع أهداف الحرب، بما في ذلك عودة جميع مختطفينا، ويتوقع أن يوضح غانتس مواقفه للجمهور بشأن هذه القضايا".
بدوره، ردّ غانتس على تصريحات مكتب نتنياهو بالقول إنه "لو كان (نتنياهو) يصغي لكنا دخلنا رفح قبل أشهر وأنهينا المهمة، وعلينا أن نكملها، وأن نهيئ الظروف اللازمة لذلك".
وأضاف غانتس في بيان صادر عن مكتبه: "السلطة الفلسطينية لن تتمكّن من السيطرة على غزة. ولكن يمكن لجهات فلسطينية أخرى القيام بذلك، إذا نجحنا في الحصول على دعم من دول عربية معتدلة ودعم أميركي.
ومن الجيد أن يهتم رئيس الوزراء بالتعامل مع هذا الأمر، وعدم تخريب هذه الجهود. وكما قال غانتس في خطابه، لا نية لإقامة دولة فلسطينية، وهذا ليس مطلب السعوديين. وغانتس، على عكس نتنياهو، لم يُعد الخليل، ولم يعلن دعمه لحل الدولتين في بار إيلان".
وأردف البيان: "إذا كانت حكومة الطوارئ مهمة بالنسبة لرئيس الوزراء، فعليه أن يجري المناقشات اللازمة، ويتّخذ القرارات اللازمة، وأن لا يماطل خوفاً من المتطرفين في حكومته".
بن عفير يدخل على الخط
ووسط التراشق الكلامي بين الطرفين تدخل وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير قائلاً إنّ غانتس "قائد صغير، منافق وكاذب".
وأضاف، في منشور على منصة إكس، أنّ غانتس "منذ اللحظة الأولى لانضمامه إلى الحكومة، كان منخرطاً بشكل رئيسي في محاولات تفكيكها. رحلاته إلى واشنطن لإجراء محادثات ضد موقف رئيس الوزراء (وعقب المحادثات أصبحت الإدارة الأميركية معادية) لم تكن سوى جزء صغير من تخريبه".
وتابع بن غفير: "الرجل الذي استضاف أبو مازن في منزله، وأدخل عمالاً من غزة، وقاد اتفاقية الخضوع بالغاز مع لبنان، وأزال حواجز أمنية مهمة في الضفة الغربية، وعرّض جنود غولاني للخطر حرصاً على الفلسطينيين، هو آخر من يمكنه تقديم بدائل أمنية. من عرض على الحريديم تفاهمات حول قانون التجنيد مقابل حل الحكومة، ويردد الآن شعارات حول المسؤولية، هو منافق وكاذب. لقد حان الوقت لتفكيك الكابنيت، وتغيير السياسة إلى سياسة حازمة وقوية وحاسمة".
وتأتي تصريحات غانتس بعد ثلاثة أيام من انتقادات علنية وجهها وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت بشأن عدم توفر تصوّر لليوم التالي للحرب، وقال فيها إنه لن يوافق على حكم عسكري في قطاع غزة، داعياً نتنياهو إلى إعلان أن ذلك لن يحدُث.
وكشف غالانت، في مؤتمر صحافي، مساء الأربعاء الماضي، عن أنه طالب بإيجاد بديل لحكم حركة حماس في القطاع، وطرح الأمر مرّات عدة في المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، لكن تجاوباً مع طلبه لم يحدُث.
وتشهد المفاوضات غير المباشرة جموداً، عقب رفض إسرائيل مقترحاً وافقت عليه حركة حماس بداية مايو/أيار الجاري بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة بهدف إجراء صفقة تبادل أسرى ووقف الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتتعمق الخلافات على المستويات العسكرية والسياسية داخل إسرائيل مع استمرار الحرب المدمرة على غزة للشهر الثامن دون تحقيق أهدافها المعلنة سواء بالقضاء على حركة حماس أو إعادة الأسرى من القطاع.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في 6 مايو/أيار الجاري، بدء عملية عسكرية في رفح، متجاهلاً تحذيرات إقليمية ودولية من تداعيات ذلك، في ظل وجود نحو 1.4 مليون نازح بالمدينة، دفعهم إليها بزعم أنها "آمنة" ثم شن عليها لاحقاً غارات أسفرت عن قتلى وجرحى.
وخلفت الحرب الإسرائيلية على غزة المتواصلة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أكثر من 114 ألفاً بين قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً، ما أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".
(وكالات + العربي الجديد)