نشر الكاتب الإسرائيلي نيهيميا شتراسلر مقالا في صحيفة "هآرتس" عما قال إنه السبب الحقيقي، وفقا لوجهة نظره، لعدم رغبة اليهود الحريديم (الشرقيين) في تجنيد أبنائهم في الجيش الإسرائيلي.
وقال إنه يجب على الإسرائيليين العلمانيين أن يدركوا أن الأرثوذكس المتطرفين، لا يحترمونهم، ويعلمون أطفالهم أن يحتقروهم. فهم لا يعترفون بالدولة، ومعادون للصهيونية. وبالنسبة لهم، "نحن ببساطة احتياط مالي يجب سرقته".
وأضاف أن الحريديم ينظرون إلى الحكومة العلمانية على أنها حكومة أجنبية يجب استغلالها وخداعها والكذب عليها وابتزاز أكبر قدر ممكن من المال منها. إنهم لا يرون الدولة على أنها بداية "الخلاص"، بل على أنها استمرار مباشر للنفي التوراتي.
ليس لديهم مشكلة في عدم الوفاء بالواجبات المدنية
ويستمر شتراسلر قائلا إن الحكومة لدى الحريديم هي مثل مالك الأرض غير اليهودي الذي كان يعمل معه اليهود في أوروبا الشرقية، وكان عليهم التعايش معه، ولهذا السبب ليست لديهم مشكلة في عدم الوفاء بأي واجب مدني: تدريس المناهج الأساسية، والعمل، والخدمة في الجيش.
وعندما يُطلب منهم، في المحادثات الخاصة، الإجابة عن السؤال: لماذا لا يخدمون في الجيش؟، فإنهم يندهشون ويجيبون بسؤال آخر: "لماذا يجب أن نجند للقتال في الحروب التي تشنها أنت؟ تريد القتال، يمكنك أن تخدم. نحن لسنا على استعداد للتضحية بأطفالنا من أجل دولتكم".
ويوضح الكاتب أنه وعلى مر السنين توصل الحريديم إلى جميع أنواع الأسباب لتجنب التجنيد الإجباري، قائلا: هذه المرة برز الحاخام الأكبر الحريدي يتسحاق يوسف بما وصفه الكاتب بـ"كلامه الفارغ"، إذ يقول: "دون التوراة، دون المدارس الدينية للرجال المتزوجين، لن يكون هناك شيء، لن يكون هناك نجاح للجيش. الجيش ينجح فقط بفضل أولئك الذين يدرسون التوراة، التوراة هي ما يحمينا".
تبرير عرقي
وحجة أخرى مضحكة أيضا لمشروع التهرب من التجنيد، يضيف الكاتب، إذ يقول الحاخام يوسف: الحريديم "لاويون"، ينحدرون من قبائل اللاويين، معفون من الخدمة العسكرية.
ويعلق الكاتب بأنه يبدو أن يوسف لديه معرفة بأبحاث النسب والعرق، ويبدو في الواقع أن الحريديم ينحدرون من قبائل جاد ورؤوفين، التي قال فيها نبي الله موسى: "هل يذهب إخوانكم إلى الحرب، وتجلسون أنتم هنا؟"، مما يدل على أنه كان هناك دائما متهربون من التجنيد.
ويستمر الكاتب في الكشف عن السبب الحقيقي لامتناع الحريديم من الخدمة العسكرية، قائلا يمكننا التعرف على الموقف الحريدي تجاه الجنود الإسرائيليين من تصريحات اثنين من القادة البارزين في التيار الأرثوذكسي، أحدهم الحاخام دوف لانداو الذي ينصح طلاب المدارس الدينية بعدم حضور الجنازات العسكرية أو حتى القيام بزيارات المستشفى للجنود الجرحى، ويقول "دعهم يموتون في سلام، ماذا يهم؟".
والآخر هو الحاخام يسرائيل بونيم شرايبر الذي يقول إن جنود الجيش الإسرائيلي هم مثل "رجال القمامة"، و"لا يهمنا من قُتلوا، ليس لديهم أي صلة بنا، فهم ليسوا إخواننا".
السبب الحقيقي هو حماية حياة أبنائهم
ويعود الكاتب ليقول لقد حان الوقت لأن ندرك أن السبب الحقيقي لتهرب الحريديم هو الرغبة الصريحة والمباشرة في حماية حياة أبنائهم. فحتى المشرعين الحريديم يتم انتخابهم وفقا لالتزامهم بتعاليم المذهب.
ودعا الكاتب إلى ألا يكون الرد العلماني على الحريديم أقل حدة ووضوحا: التجنيد الإجباري لجميع الحريديم، في سن 18، دون إعفاءات، دون حيل ودون اختراعات مثل "الخدمة المدنية البديلة".
المشكلة هي بنيامين نتنياهو
لكنه عاد ليقول إن العلمانيين لن يردوا كما دعا، لأنه طالما كان بنيامين نتنياهو رئيسا للوزراء، فلن يحدث ذلك. سيسمح نتنياهو للحريديم بالبقاء في مدنهم الآمنة، دون عمل، دون تجنيد، وتلقي المليارات من الدولة. وكل ذلك بشرط واحد: أن يستمروا في الولاء للائتلاف الحاكم. فبعد كل شيء، البقاء في السلطة هو الشيء الوحيد الذي يهتم به "الرجل الأكثر حقارة في تاريخ الشعب اليهودي"، حسب قوله.
وختم بالقول إن لديه شيئا واحدا جيدا ليقوله عن الحاخام يوسف: قبل 22 عاما، قالت سارة نتنياهو، زوجة رئيس الوزراء، إنه ما لم يظل زوجها رئيسا للوزراء، "سننتقل إلى الخارج، ويمكن للبلاد أن تحترق بأكملها"، مضيفا أن يوسف هدد فقط بالانتقال إلى الخارج، ولم يشعل النار بالإسرائيليين بعد، كما فعل نتنياهو.
المصدر : هآرتس