فور دخول مجموعة من الرجال الملثمين الذين يحملون الهراوات إلى أحد شوارع رفح اتجهت الأنظار إليهم سريعا باعتبارهم جزءا من جماعة للأمن العام شكلتها فصائل مسلحة في غزة، بعد أن توارت قوات الشرطة المدنية، قائلة إنها أصبحت هدفا للضربات الجوية الإسرائيلية.
وتجولت مجموعة من تسعة رجال ملثمين، مكتوب على عصابات رؤوسهم "لجان الحماية الشعبية"، في أحد الأسواق هذا الأسبوع، بعد ظهورهم لأول مرة في مدينة رفح، أواخر الشهر الماضي.
وقال أحدهم "متواجدين في الشارع عشان نضبط الشارع من كافة أطياف الشر الموجود في الشارع الفلسطيني".
وأضاف: "نحن وحدة تشكلت لحماية المواطن من غلاء الأسعار ومن الوضع اللي بيصير فينا في البلد، عبر الوزارة الداخلية والتنظيمات الفلسطينية التابعة للشارع في غزة".
ولم تتمكن رويترز من الوصول إلى متحدث باسم وزارة الداخلية، التي تديرها حركة حماس، في غزة التي توقفت عن العمل بشكل طبيعي منذ بدء الحرب. ولم يستجب المتحدثون باسم حركة حماس، والجهاد الإسلامي وفصيل رئيسي آخر على الفور لطلبات التعليق.
وقال شهود إنه عند الظهور الأول للحراس في الأسواق، وكان بعضهم يلوح ببنادق، تجمع حولهم عشرات الشباب وراحوا يصفرون ويصفقون وهتفوا "الله أكبر" دعما لهم.
لكن في حين بدا أن بعض سكان رفح يرحبون بظهور لجان الحماية الشعبية لمعالجة الفوضى ومواجهة المستفيدين من الحرب، بدا أن آخرين يشعرون بالقلق من فكرة تولي رجال مسلحين وملثمين مهام الشرطة.
وقال أب لأربعة أطفال لرويترز عبر الهاتف في رفح "ربما لو كان لدينا رجال شرطة حقيقيون بلا أقنعة، وأشخاص معروفون لدى الناس، لكان الأمر أكثر تنظيما وأكثر راحة".
ولم يرغب أي من الأشخاص الذين تحدثت إليهم رويترز في الكشف عن أسمائهم الكاملة. وقال أحد الأشخاص إن الحراس، يخشون أن تتعرف عليهم إسرائيل أو عشائر المنتفعين الذين صادروا بضائعهم. ويشعر من يدعمون هذه الجماعات بالقلق من أن تنظر إليهم إسرائيل على أنهم من أنصار حماس.
وقالوا إن من أعربوا عن تخوفهم بشأن هؤلاء المسلحين يشعرون بالقلق من إثارة غضب الجماعة أو الفصائل التي تدعمها.
"مراقبة الأسعار"
وتدير حركة حماس، التي أشعل هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر شرارة الصراع، قطاع غزة منذ عام 2007 وتبسط سيطرتها على الشرطة المدنية.
وقال مسؤولون من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن الشرطة البلدية بالزي الرسمي في غزة رفضت مرافقة قوافل المساعدات، بعد مقتل عدد من رجال الشرطة في الغارات الإسرائيلية.
ولم يرد الجيش الإسرائيلي على الفور على طلب للتعليق على ما إذا كان يهاجم الشرطة.
وأدى الصراع إلى نقص حاد في جميع السلع في غزة، حيث سمحت إسرائيل بدخول المساعدات الإنسانية فقط إلى القطاع، والتي تدفقت بمعدل أبطأ بكثير مما كان عليه دخول الغذاء والدواء قبل الصراع.
وارتفعت الأسعار بشكل صاروخي مما أثار غضب السكان الذين فقد جميعهم تقريبا منازلهم ويعيشون الآن في خيام أو ملاجئ مؤقتة أخرى مع القليل من المقتنيات بخلاف الملابس التي يرتدونها.
وقال أحد الملثمين "وزارة الاقتصاد بتعطينا تسعيرة إن الكل يمشي عليها، التاجر الكبير قبل الصغير، واللي بيخالف بنعمل له ضبط، بنبلغه مرة أولى، وثانية، والتالتة بنصادر البضاعة بتاعته ونبيعها للمواطن بنفس تسعيرة الوزارة".
وقال أكرم، وهو أحد سكان رفح، الذي أغضبه التضخم المتفشي، واضطر إلى الإقلاع عن التدخين لأن سعر سيجارة واحدة يعادل سعر علبة كاملة في السابق، "إنهم يستجيبون لطلبنا بالحماية من ارتفاع الأسعار".
وتابع أكرم، وهو أب لأربعة أطفال، أنه رحب في البداية بفكرة المجموعات الأمنية، لكنها أثبتت عدم فعاليتها وكانت تلاحق الأشخاص الخطأ.
وأضاف "عليهم إنهم يركزوا على معبر رفح الحدودي حيث تدخل البضائع وعليهم الضغط على كبار التجار لخفض الأسعار".
وقال مواطن آخر من رفح إن التجار الذين يبيعون البضائع بسعر مرتفع هم في الغالب من النازحين الذين أجبروا على شراء بضائعهم بأسعار عالية من المنتفعين أنفسهم.
وتساءل "لماذا لا تستطيع وزارة الاقتصاد تشكيل مجموعات للقيام بهذه الحملات وتفقد الأسواق؟".
المصدر: رويترز