كشف مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عن تزايد القلق تجاه تخطيط إسرائيل لتوغل بري في لبنان يمكن أن يبدأ في أواخر الربيع أو أوائل الصيف المقبل "في حال فشلت الجهود الدبلوماسية في دفع حزب الله إلى التراجع عن حدود لبنان الجنوبية".
ونقلت شبكة "سي أن أن"، اليوم الخميس، عن مسؤول في إدارة بايدن قوله: "نعمل على افتراض حدوث عملية عسكرية إسرائيلية في لبنان في الأشهر المقبلة"، لافتاً إلى أنّ التوغل قد لا يتم في الأسابيع المقبلة، بل في وقت لاحق من هذا الربيع. وأكد أن احتمال وقوع العملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان "أمر واضح".
وقال مسؤول أميركي كبير للشبكة إنه سمع آراء متباينة داخل الحكومة الإسرائيلية حول ضرورة التوغل في لبنان، لافتاً إلى أن ما تفعله إسرائيل هو أنها تثير هذا التهديد على أمل التوصل إلى اتفاق عن طريق الدبلوماسية. وأشار إلى أن مسؤولين إسرائيليين آخرين يتحدثون عن ذلك باعتباره "ضرورة عسكرية ستحدث".
وأكد مسؤول كبير آخر في إدارة بايدن أن مسؤولين داخل الحكومة والجيش الإسرائيليين يؤيدون التوغل، محذراً، في الوقت ذاته، من أن أي توغل في لبنان قد يؤدي إلى "تصعيد كبير جداً لا نعرف مدى حجمه".
وتدعو الولايات المتحدة إلى التركيز على الدبلوماسية لإيجاد حل للتصعيد العسكري في لبنان، بعد تحذير إسرائيل من أنها ستواصل ملاحقة حزب الله حتى لو تم الاتفاق على وقف لإطلاق النار في غزة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر للصحافيين، أول أمس الثلاثاء: "لا نريد أن نرى أياً من الجانبين يصعّد النزاع في الشمال".
الاستخبارات الأميركية تدق ناقوس الخطر بشأن لبنان
وتحدث مسؤول آخر على صلة بالاستخبارات الأميركية عن وجود مخاوف من أن يتطور الأمر إلى حملة جوية موسعة في المناطق المأهولة بالسكان في لبنان، ويتطور في نهاية المطاف إلى توغل بري أيضاً، موضحاً أن الاستخبارات الأميركية "تدق ناقوس الخطر".
ويرى مسؤول كبير في الإدارة الأميركية أنه إذا نجحت جهود مستشار الرئيس الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي عاموس هوكشتاين، في التوصل إلى تسوية بين إسرائيل وحزب الله، فإنّ احتمال القيام بعملية عسكرية في وقت لاحق من هذا العام سوف يتراجع بشكل كبير.
ويقرّ المسؤولون الإسرائيليون بأنّ الحرب مع حزب الله ستكون أكثر كلفة وتدميراً لإسرائيل من الحرب الحالية مع حركة حماس، نظراً لحجم ترسانة حزب الله وطبيعتها الأكثر تقدماً.
وأشار مسؤول إسرائيلي، في حديثه مع شبكة "سي أن أن"، إلى أنّ إسرائيل كانت على استعداد لمنح الدبلوماسية فرصة وتأمل أن تنجح، لافتاً إلى أنه إذا لم يتم حل القضية دبلوماسياً، فسيتعين على إسرائيل أن تفكر في "وسائل بديلة".
وعلى الرغم من وجود مؤشرات على تقدّم في المفاوضات بشأن وقف القتال في غزة، ويعتقد أن توقف الحرب على غزة سيؤدي إلى انخفاض في إطلاق الصواريخ من جانب حزب الله، إلا أنّ المسؤولين الإسرائيليين يقولون إنّ ذلك لن يحلّ المشكلة.
وهدّد وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، الأحد الماضي، بتكثيف قصف حزب الله في لبنان، حتى إذا تمّ التوصل إلى هدنة مؤقتة مع حماس في حربها على قطاع غزة. وأردف: "إذا كان هناك من يظن هنا أنه عندما نتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المختطفين في الجنوب (غزة) وتتوقف النيران مؤقتاً، فإن ذلك سيخفف مما يحدث هنا، فهو مخطئ". واستدرك قائلاً: "سنواصل إطلاق النار، وسنكثفها بشكل مستقل عن الجنوب حتى نحقق أهدافنا".
وتتركز جهود أميركية فرنسية على محاولة موافقة حزب الله على سحب عناصر "وحدة الرضوان" إلى شمال الليطاني، فضلاً عن التزامه بعدم إعادة نصب نقاط المراقبة التي دشنها على طول الحدود، والتي قصفها جيش الاحتلال. ويطالب لبنان بالتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، الذي على أساسه انتهى العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006.
وأكد مسؤول كبير في الإدارة الأميركية لـ"سي أن أن" أنّ الاتفاق الذي يدفع حزب الله ببساطة إلى التراجع عن الحدود قد لا يكون كافياً لإسرائيل، ومن شأن التوغل البري أن يمنح إسرائيل فرصة "لجزّ العشب" وتدمير البنية التحتية لحزب الله في الجنوب، الأمر الذي من شأنه على الأقل إبطاء العودة المستقبلية إلى المنطقة الحدودية.
ولفت المسؤول إلى أنه إذا لم يحدث التوغل، فسوف يتعين ملء المنطقة العازلة بقوات من القوات المسلحة اللبنانية وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل).
وقال مسؤول آخر: "أعتقد أن غالبية الأشخاص المسؤولين في كلا الجانبين لا يرغبون في التصعيد ويريدون التوصل إلى حل دبلوماسي يسمح لنا بوقف التصعيد".
المصدر: سي إن إن