يخيّم شبح المجاعة على مختلف أنحاء قطاع غزة، حيث يعاني نحو 2.2 مليون شخص من نقص حاد في الغذاء والدواء وحتى في أماكن الإيواء، في حين ترصد الجزيرة تكدس شاحنات المساعدات في الجانب الآخر من معبر رفح.
وفي شمال القطاع تتزايد مظاهر نقص الغذاء الحاد في المناطق المحاصرة من قبل قوات الاحتلال. وأظهرت مشاهد لقناة الجزيرة احتشاد النازحين في طوابير طويلة للحصول على ما يسد رمقهم رغم قلة الإمكانات والنقص الحاد في المواد الغذائية الأساسية والذي ينذر بحصول مجاعة، وفق ما تحذر منه المنظمات الإنسانية الدولية.
تكدس الشاحنات
وأظهرت صور طائرة مسيّرة لمعبر رفح في 22 فبراير/شباط الجاري حصلت عليها قناة الجزيرة تكدس مئات الشاحنات على معبر رفح، في حين يعاني نحو مليونين و200 ألف نسمة خطر الجوع الشديد.
ويستمر الوضع الإنساني في التدهور في القطاع حيث باتت الغالبية العظمى من سكانه مهدّدة بخطر "مجاعة جماعية"، وفق الأمم المتحدة.
ويخضع إدخال المساعدات إلى غزة لموافقة إسرائيل، ويصل الدعم الإنساني الشحيح إلى القطاع بشكل أساسي عبر معبر رفح مع مصر، لكن نقله إلى الشمال دونه مخاطر بسبب الدمار والقتال.
وفي جباليا شمال القطاع، أظهرت مقاطع فيديو تدافع عشرات الأشخاص حاملين أوانيَ فارغة للحصول على الطعام. ووسط حالة من الفوضى، صرخ رجل يبدو أنه مسؤول عن توزيع حساء قائلا "خلص"، في دعوة لوقف التدافع.
وصرخ أحد المحتشدين بالقول: "ليرَ كلّ العالم أين وصلنا وما الذي يحل بنا". وفي لقطة أخرى، تجمّع عشرات المحتجين على نقص المواد الغذائية، وبينهم أطفال، حملوا عبارات كتب عليها "أطفالنا يموتون من الجوع"، و"أدخلوا المساعدات الى شمال غزة"، و"لا لسياسة التجويع".
ونزح الكثيرون من سكان شمال القطاع إلى وسطه، ومن هؤلاء سمير عبد ربه، الذي وصل من جباليا إلى النصيرات صباح الأحد، نازحا بسبب الجوع مع زوجته وطفلته التي تبلغ من العمر عاما ونصف العام.
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية "جئت مشيا على الأقدام من شمال غزة.. لا أستطيع أن أصف كمية المجاعة هناك.. عندي بنت صغيرة عمرها عام ونصف، لا يوجد حليب. أحاول أن أطعمها الخبز الذي أصنعه من بقايا العلف والذرة، لا تهضمه، لا مغيث، أملنا كبير فقط بربنا".
تحذيرات دولية
وقد حذّرت منظمة "إنقاذ الطفولة" من أن خطر المجاعة يُتوقع أن يتزايد طالما استمرت حكومة إسرائيل في عرقلة دخول المساعدات إلى غزة.
وقالت أدريانا زيغا مسؤولة الإعلام والتواصل في منظمة أوكسفام إن المعدل اليومي لدخول شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة غير كاف، مضيفة: "ننتظر الحصول على 3 آلاف علبة من المستلزمات الصحية لإدخالها إلى غزة".
كما حذر برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، من أن "أزمة سوء التغذية تتزايد بقطاع غزة في ظل حالة الطوارئ المتعلقة بخطر الجوع".
وشدد البرنامج في منشور على منصة إكس، على أن "البيانات الحديثة تظهر زيادة سريعة في مسببات سوء التغذية الحاد بالقطاع".
وأشارت المنظمة الأممية، إلى أن "البيانات الواردة من شمالي قطاع غزة، تُظهر ارتفاع سوء التغذية لدى الأطفال خلال 4 أشهر فقط، إلى مستويات طارئة".
من جهته، قال المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن إسرائيل تحاول التخلص من الوكالة بهدف تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين.
وأضاف المستشار الإعلامي -في تصريحات للجزيرة- أن الفرق التابعة للأونروا حاولت إدخال شاحنات المساعدات لشمال غزة مرات عدة لكن إسرائيل منعتهم من ذلك.
صحة غزة: الوضع شمال القطاع كارثي للغاية
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، الأحد، أن الوضع الصحي في محافظات شمال قطاع غزة "كارثي للغاية"، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وقالت الوزارة في بيان: "الوضع الصحي في شمال قطاع غزة كارثي للغاية ولا يمكن وصفه"، مضيفة "مستشفيات غزة وشمالها بلا وقود، ومستشفى المعمداني بمدينة غزة بلا وقود منذ أكثر من 10 أيام".
وتابعت: "ثلاجات الأدوية بلا كهرباء مما يهدد بتلف كميات من الأدوية الحساسة"، لافتة إلى أن "عشرات السيارات للإسعاف والدفاع المدني والخدمات الطبية خارج الخدمة نتيجة عدم توفر الوقود".
وأوضح البيان، أن "مرضى غسيل الكلى والعناية المكثفة مهددون بالموت نتيجة عدم توفر وقود للمولدات وسيارات الإسعاف والأدوية".
"الأونروا" تحذر من ندرة المياه وانتشار الأمراض بغزة
حذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، الأحد، من ندرة المياه النظيفة، وتراكم النفايات الصلبة، وانتشار الأمراض، والظروف الصحية غير المستدامة في قطاع غزة.
وأشارت الوكالة الأممية في بيان لها، إلى مواصلتها "العمل من أجل تقديم المساعدات الحيوية وسط الوضع الكارثي بقطاع غزة"، مشددة، على أن "الظروف الصحية غير مستدامة في القطاع".
وفي معرض وصفها للوضع الكارثي بغزة، قالت إن "الملاجئ مكتظة بشدة، والمياه النظيفة نادرة، فيما تتراكم النفايات الصلبة، وانتشار الأمراض آخذ في الارتفاع".
مساعدات محدودة تصل مدينة غزة
وصلت مدينة غزة مساعدات إنسانية محدودة، الأحد، في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر على المناطق الشمالية، وسط استمرار الحرب.
وأفاد مراسل وكالة الأناضول، نقلاً عن شهود عيان، بأن 10 شاحنات تحمل الدقيق والسكر دخلت مدينة غزة، مشيرين إلى أن آلاف المواطنين توافدوا على تلك المساعدات بالقرب من منطقة الشيخ عجلين غرب مدينة غزة.
وأوضح الشهود أن المساعدات لم يتم إيصالها لمحافظات شمال قطاع غزة، وأنها وصلت فقط لمدينة غزة، بسبب توافد الفلسطينيين عليها.
وقبل يومين، حذرت الأمم المتحدة من أن القيود الإسرائيلية المفروضة على قطاع الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية في غزة تؤدي إلى زيادة المخاوف من انتشار المجاعة والعطش والأمراض.
وقال التقرير إن "الحصار المفروض على غزة قد يعني عقابا جماعيا، فضلا عن أن استخدام التجويع كوسيلة للحرب، يعتبر من جرائم الحرب".
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل -الخاضعة لمحاكمة أمام العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين- حربا مدمرة على غزة خلفت حتى الأحد 29 ألفا و692 شهيدا و69 ألفا و879 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، بحسب السلطات الفلسطينية.
وكانت الأمم المتحدة قد صنفت الـ100 يوم الأولى من الحرب على غزة بأنها الأكثر دموية في القرن الـ21.
المصدر : يمن شباب نت+ الجزيرة + وكالات