دفعت الحاجة والفقر الطفلة الفلسطينية حلا أبو عميرة (14 عاماً) لبيع الطباشير للنازحين في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة.
وبينما والدها مريض طريح الفراش، وجدت أبو عميرة نفسها مضطرة للعمل وبيع الطباشير لضمان لقمة العيش اليومية لستة من أشقائها الصغار.
وتأتي هذه الظروف القاسية في ظل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه النظيفة، مما يزيد الضغط على الأسر المتضررة بالقطاع، ويفرض عليهم معاناة إنسانية لا يكترث لها أحد.
وبين ممرات الصفوف في مدرسة "اليمن السعيد" في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين، التي لجأت إليها الطفلة حلا أبو عميرة، تسير ببطء وتحمل بيدها علبة طباشير زاهية اللون، وتنادي بأعلى صوتها: "طباشير، طباشير"، عسى أن يكون هناك أحد مهتم بالشراء.
ويستخدم النازحون الطباشير لتعليم أطفالهم في ظل توقف الدراسة منذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إضافة إلى أن الأطفال يستخدمونه للرسم على السبورة بالفصول الدراسية التي تحولت إلى مأوى لعوائلهم.
وكانت حلا أبو عميرة تأمل أن تكون على مقاعد الدراسة، وأن تكون هذه الطباشير بين أناملها، تجيب بها على سبورة الصف عندما تنادي عليها مدرستها.
هذا الحلم البسيط لم يعد متاحاً في الوقت الحالي للطفلة حلا أبو عميرة، في ظل الظروف التي يعيشها قطاع غزة، نتيجة للحرب الإسرائيلية المستمرة، وتوقّف الدراسة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وخلال فترة الحرب، نزحت الطفلة أبو عميرة من منطقة أبراج الندى في بلدة بيت حانون برفقة عائلتها، حيث تعرض منزلها لقصف شديد أدى إلى تدميره بالكامل. ولجأوا بعدها إلى مدرسة الفاخورة شمالي جباليا، لكنها تعرضت للقصف أيضاً، مما دفعها للنزوح مرة أخرى إلى مدرسة اليمن السعيد في مخيم جباليا.
وتعاني الطفلة وعائلتها من نقص الغذاء والدواء والماء، وتشكو من أن الجميع في شمالي قطاع غزة يواجهون مجاعة حقيقية.
وقالت أبو عميرة لمراسل وكالة الأناضول: "كنا نسكن في منطقة أبراج الندى وخلال الحرب قصف الجيش الإسرائيلي بيتنا وهدموه علينا، فاضطررنا للنزوح إلى مدرسة الفاخورة (شمال)، لكنها قُصفت أيضاً وانتقلنا بعدها إلى مدرسة اليمن السعيد في جباليا".
وأضافت: "في هذه المدرسة نعاني من الجوع، فنحن لا نملك المياه ولا الكهرباء ولا الطعام، ولا يوجد لدينا مصدر دخل، فاضطررت لبيع الطباشير، بينما والدي مريض لا يقدر على العمل".
وتابعت: "أخوتي الـ6 أصغر مني سناً يحتاجون إلى طعام، ويعانون من سوء التغذية، وأمراض، ونحن بحاجة إلى الملابس أيضاً، في ظل البرد الشديد في القطاع".
وأشارت إلى أنه في البداية كانوا يحصلون على الطعام مجاناً، لكن اليوم لا يحضر أحد شيئاً، وأصبحت الأسعار مرتفعة جداً. وأوضحت: "نحن نعاني من مجاعة حقيقية، فقد هُدم البيت علينا، وقصفونا في المدرسة، ولا يوجد لدينا مصادر للطعام، وإخوتي الصغار يحتاجون الطعام والملابس".
وأكدت أن أسعار الطعام مرتفعة جداً، فيبلغ سعر كيلو العدس 40 شيكل والأرز 60 شيكل (الدولار 3.61 شواكل)، وهذا الثمن لا يمكنها توفيره هي وعائلتها.
وناشدت حلا أبو عميرة، الوطن العربي بـ"الوقوف إلى جانب أهالي قطاع غزة الذين يعانون من أوضاع معيشية صعبة جراء الحرب". كما طالبت بضرورة وقف الحرب الإسرائيلية التي لا تزال مستمرة منذ السابع من أكتوبر، وأدت إلى تشريد أهالي قطاع غزة.
وفي 2 فبراير/ شباط الجاري، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، أن التقديرات تشير بأن 17 ألف طفل فلسطيني في غزة فقدوا ذويهم أو انفصلوا عن عائلاتهم.
وقال جوناثان كريكس، مدير اتصالات يونيسف في الأراضي الفلسطينية، خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي آنذاك، إن التقديرات تشير إلى أن 17 ألف طفل في غزة أصبحوا بدون ذويهم أو انفصلوا عن عائلاتهم.
وأكد كريكس: "إن كل طفل من هؤلاء الأطفال لديه قصة مفجعة".
وفي تصريحات سابقة، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أن عدد النازحين داخل القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي، بلغ مليوني شخص.
ومنذ 7 أكتوبر 2023 يشنّ الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة، ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".
المصدر: الأناضول