يسير الشاب الفلسطيني بلال عبد اللطيف (31 عاما) بجوار مكب اليرموك المؤقت للنفايات في شارع الوحدة وسط مدينة غزة، على عجل لتجاوزه بأسرع وقت ممكن.
ويشعر الشاب عبد اللطيف بالصداع والدوار كلما مر بجانب مكب اليرموك، بسبب الروائح الكريهة التي تنتشر في المكان نتيجة لتكديس كميات كبيرة من النفايات الصلبة.
ولم يعد مكب اليرموك والمنطقة المحيطة يستوعبان أي كميات إضافية من النفايات الصلبة، في ظل عدم قدرة طواقم بلدية غزة على ترحيل النفايات الصلبة إلى مكب جحر الديك الرئيس شرق مدينة غزة، وفقًا لما صرح به المتحدث باسم بلدية غزة حسني مهنا للأناضول.
ويقول الشاب عبد اللطيف، الذي يسكن في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة: "إن استمرار الحرب الوحشية عطل عمل البلدية وتسبب في تكدس النفايات في الشوارع والأحياء بشكل لا يطاق".
ويضيف لمراسل الأناضول: "أصبحت النفايات موجودة في كل مكان ورائحتها تنتشر في الأجواء، وليس ذلك فحسب، بل تسببت أيضًا في انتشار الحشرات والقوارض والأمراض المعدية".
ويخشى عبد اللطيف من تفاقم الأوضاع الإنسانية والحياتية بشكل أكبر، مع اتساع رقعة الكارثة البيئية والصحية في مدينة غزة.
وتتراكم النفايات في محيط مراكز الإيواء قرب تجمع المدارس في حي الرمال غرب مدينة غزة.
وتقول الفلسطينية سهام القطاع (45 عاما)، النازحة من حي الشجاعية شرق غزة: "الواقع ينذر بكارثة صحية وبيئية كبيرة، فالنفايات التي كانت تُجمع وتُرحل وتُفرز قبل الحرب، أصبحت تتكدس بين المواطنين والنازحين، وتهدد صحتهم بأمراض مختلفة".
وتضيف القطاع لمراسل الأناضول، وهي تقف على بوابة المدرسة على بُعد أمتار قليلة من أكوام النفايات: "هذه النفايات تسبب لنا مشاكل صحية ونفسية وأمراضًا كثيرة".
وتشير إلى إصابة أبنائها الصغار بأمراضٍ معويةٍ وجلديةٍ كثيرة منذ تراكم النفايات في محيط المدارس، في ظل عدم وجود أدوية بالقطاع، مطالبةً بضرورة إيجاد حل عاجل لهذه الأزمة الحقيقية.
بدوره، يقول حسني مهنا، المتحدث باسم بلدية مدينة غزة، للأناضول: "الأوضاع كارثية في مدينة غزة مع تكدس 80 ألف طن من النفايات بسبب توقف عملية الترحيل إلى مكب النفايات الرئيس الموجود على الحدود الشرقية للمدينة منذ بداية الحرب".
ويعزو ذلك إلى الظروف الأمنية الصعبة والاستهداف الإسرائيلي لكل جسم متحرك في تلك المنطقة، بالإضافة إلى نفاد الوقود اللازم لتحريك مركبات وشاحنات الجمع والترحيل، وتدميرها في القصف الإسرائيلي على المدينة.
وقد دمر الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب الإسرائيلية المدمرة في السابع من أكتوبر، 90 آلية تابعة لبلدية غزة تقدم خدمات في قطاعات متنوعة، ما تسبب بعجز شبه تام وتعطل في الخدمات الأساسية، وفق مهنا.
وأكد متحدث باسم بلدية غزة أن البلدية لم تستلم منذ الأول من نوفمبر الماضي أي كميات من الوقود، مما أدى إلى توقف الخدمات الأساسية بشكل شبه تام، وتفاقم الأوضاع الإنسانية وتفاقم الكوارث الصحية والبيئية.
وطالبت المؤسسات والمنظمات الدولية بالتدخل العاجل لوقف الحرب المدمرة وإدخال الآليات والمعدات والوقود للاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وللمساهمة في التخفيف من الكوارث التي أصبحت واقعًا مريرًا في مدينة غزة.
ومنذ 7 أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".
الأناضول