قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، اليوم الاثنين، إن جماعة الحوثي المدعومة من إيران، استغلت الحرب الإسرائيلية على غزة في توسيع قواتها وتجنيد مزيدا من الأطفال ـ التي تمثل جريمة حرب ـ لاستخدامهم في القتال داخل اليمن.
وقالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: "يستغل الحوثيون القضية الفلسطينية لتجنيد المزيد من الأطفال من أجل قتالهم الداخلي في اليمن".
وأضافت: "ينبغي للحوثيين استثمار الموارد في توفير الاحتياجات الأساسية للأطفال في مناطق سيطرتهم، مثل التعليم الجيد والغذاء والمياه، بدل استبدال طفولتهم بالنزاع".
وأكدت جعفرنيا أن "مستقبل اليمن يعتمد على أطفاله. يثبت الحوثيون أن المستقبل الوحيد الذي يرونه للبلاد هو أن يكون هدف الجميع القتال من أجل قضية هذه الجماعة".
ونوه البيان إلى دعوة زعيم المليشيا للتجنيد في العاشر من أكتوبر الماضي، وماتلاه من تصريحات لقيادات حوثية بتجنيد أكثر من 70 ألف مقاتل جديد على مدى الثلاثة الأشهر الثلاثة الماضية في محافظات (ذمار، وحجة، والحديدة، وصنعاء، وصعدة، وعمران).
ونقلت المنظمة عن العديد من النشطاء والخبراء العاملين في قضايا تتعلق بتجنيد الأطفال، تأكيدهم أن الغالبية العظمى من المجندين تتراوح أعمارهم بين 13 و25 عاما، بما في ذلك مئات أو آلاف على الأقل أعمارهم تقلّ عن 18 عاما.
ولفتت المنظمة إلى أنه ومن خلال متابعة النشرات الإخبارية التي تتحدث عن أعمال التجنيد الأخيرة التي نشرتها وكالة "سبأنت" بنسختها الحوثية تظهر الصور أشخاصا يبدو أنهم أطفال.
وأشارت المنظمة إلى أنها تحدثت مع خمسة نشطاء حقوقيين وأفراد يعملون مع منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء اليمن أكدوا حصول زيادة كبيرة في تجنيد الأطفال في الأشهر الأخيرة.
وقالت رئيسة منظمة حقوقية (غير حكومية): "يجعل الحوثيون الأطفال يعتقدون أنهم سيقاتلون من أجل تحرير فلسطين، لكن الأمر انتهى بهم بإرسالهم إلى [الخطوط الأمامية في مأرب وتعز]. في الواقع، غزة التي يقصدها الحوثيون هي مأرب [مدينة يمنية ذات موارد نفطية هاجمها الحوثيون مرارا]". كما يحاصر الحوثيون بشكل غير قانوني الجزء الشمالي الشرقي من مدينة تعز منذ 2015، حيث منعوا وصول المياه والمساعدات الإنسانية إلى المدنيين.
من جانبه قال رئيس منظمة "سام" توفيق الحميدي لـ "هيومن رايتس ووتش" إن الحوثيين يستخدمون مؤسساتهم الحكومية في جهودهم لتجنيد الأطفال، بما في ذلك وزارات التعليم، والداخلية، والدفاع. وقال: "جميعهم يعملون معا وينسّقون لتعبئة الأطفال وتجنيدهم".
وقال ناشط آخر، وهو باحث حقوقي، إن "أنشطة [التجنيد] في المدارس زادت بشكل كبير [منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول]، بما في ذلك من خلال الكشافة المدرسية. يأخذون الطلاب من المدارس إلى مراكزهم الثقافية حيث يلقون محاضرات على الأطفال حول الجهاد ويرسلونهم إلى معسكرات الجيش والخطوط الأمامية".
من خلال استغلال المؤسسات الرسمية، بما فيها المدارس، تمكن الحوثيون من الاستفادة من مجموعة واسعة من الأطفال. كما أفاد الأمين العام للأمم المتحدة عن استخدام الحوثيين المرافق التعليمية لأغراض عسكرية.
وبيّنت "هيومن رايتس ووتش"، انها وثقت استخدام الحوثيين المساعدات الإنسانية التي تمسّ الحاجة إليها لتجنيد الرجال والأطفال في قواتهم.
وقالت ناشطة حقوقية في صنعاء: "في حين أن السبب الرئيسي وراء قيام الأسر بإرسال أطفالها هو موقفها الداعم للقضية الفلسطينية، فإن الحوثيين يقدمون الرواتب والسلال الغذائية إلى أسر الراغبين في الانضمام إليهم، وهي [طريقة ناجحة] في ظل تدهور الوضع الإنساني والاقتصادي".
وقالت ناشطة أخرى تعمل على قضايا تجنيد الأطفال في اليمن، إن الحوثيين قدموا مؤخرا سلالا غذائية إلى أسرة كل جندي في قريتها. في تقرير صادر عنهم في 2023، وثق "فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن" أيضا هذا التوزيع للسلال الغذائية.
وبحسب تقارير فقد أدت الغارات الجوية المستمرة الأمريكية والبريطانية في اليمن إلى تعزيز قدرة الحوثيين على تجنيد الأطفال، ونقلت المنظمة في هذا السياق تصريحاً للباحثة في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، ميساء شجاع الدين" لصحيفة "واشنطن بوست" قالت فيه: إن "الحوثيين يربطون هجماتهم في البحر الأحمر بدعم غزة، وهي ذريعة أخلاقية لمعظم الناس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. زادت هذه الهجمات قدرتهم على التجنيد، خاصة في المناطق القبلية الشمالية".
وجنّد الحوثيون آلاف الأطفال منذ بدء النزاع في اليمن العام 2014. وتحققت "الأمم المتحدة" ممّا لا يقل عن 1,851 حالة فردية لتجنيد الأطفال أو استخدامهم من قبل الحوثيين منذ العام 2010، فيما وثق تقرير مشترك لـ"المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" و"منظمة سام للحقوق والحريات"، تجنيد الحوثيين لأكثر من 10 آلاف طفل بين 2014 و2021.
وأدرج الأمين العام للأمم المتحدة الحوثيين في قائمته السنوية للجماعات المسؤولة عن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في النزاعات المسلحة في كل عام منذ 2011. وقد أدرج الحوثيين في البداية على القائمة بسبب إقدامهم على تجنيد الأطفال واستخدامهم كجنود، ومنذ العام 2016 أدرجهم أيضا على القائمة بسبب قتل الأطفال وتشويههم والهجمات على المدارس والمستشفيات.
وفي العام 2022، وقّع الحوثيون خطة عمل مع الأمم المتحدة ترمي إلى إنهاء الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، بما في ذلك تجنيد الأطفال واستخدامهم في قوات الحوثيين، والالتزام بتسريح جميع الأطفال من قواتهم في غضون ستة أشهر، غير أن فريق الخبراء الأممي، أفاد في تقرير في العام 2023م، أن معظم الانتهاكات المتعلقة بتجنيد الأطفال التي حقق فيها الفريق تُعزى إلى الحوثيين الذين يواصلون تجنيد الأطفال واستخدامهم، خاصة في المعسكرات الصيفية.