قال متحدث الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر توماسو ديلا لونغا، إن الوضع الإنساني في غزة "يتجاوز الكارثة"، موضحاً أن مستوى الجوع في القطاع ترك الناس "عاجزين".
وجاء ذلك في تصريحات أدلى بها لونغا لـ"الأناضول"، بشأن عدم كفاية المساعدات الإنسانية التي تدخل القطاع والمجاعة التي يعيشها السكان، ووصول النظام الصحي إلى نقطة الانهيار.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يشن الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".
وأفاد لونغا أن "عدد شاحنات المساعدات التي تدخل قطاع غزة غير كاف.. ويجب أن يكون أعلى من ذلك بكثير"، مشيراً إلى وجود مشكلة في "الوصول الآمن (للمساعدات) إلى كل مناطق القطاع"، معرباً عن اعتقاده بأن "الوضع الإنساني بغزة يتجاوز الكارثة".
صعوبة الوصول إلى شمال غزة
وفي معرض حديثه عن أهمية توفير استجابة إنسانية صحيحة لاحتياجات السكان بغزة، قال لونغا إن هناك "حاجة إلى المزيد من المساعدات الإنسانية للقطاع، وأيضاً للوصول الآمن إلى تقديم هذه المساعدات".
وأضاف أن: "دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة تم بموجب الاتفاق بين الطرفين (إسرائيل وحماس) وأصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين، ولدخول المزيد من المساعدات بالطبع سنحتاج إلى المزيد من الجهود الدبلوماسية".
وشدد لونغا خلال حديثه على أهمية "توقف الصراع لإنشاء مناطق إنسانية آمنة تمكنهم من الوصول إلى قطاع غزة بأسره".
وأكمل: "مناطق شمال غزة حيث يعيش آلاف الفلسطينيين لا يمكن الوصول إليها تقريباً، وحالة الخدمات الصحية هناك مثيرة للقلق"، مشيراً إلى أن الاتحاد "بذل قصارى جهده ميدانياً مع الهلالين الأحمرين المصري والفلسطيني"، دون ذكر مزيد من التفاصيل، لافتاً إلى أنه "نقلت مخاوفي إلى الطرفين في الاجتماعات الثنائية".
وبحسب بيانات "الأناضول" من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" بداية فبراير الجاري، فإن عدد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة انخفض بعد قرار محكمة العدل الدولية الداعي إلى إيصال المساعدات إلى المدنيين.
وأشار إلى أنه قبل صدور قرار المحكمة بأسبوعين دخل ما متوسطه 156 شاحنة مساعدات يومياً إلى قطاع غزة، رغم أن عدد الشاحنات المسموح به كان في المتوسط 93، في حين أن الرقم المسجل قبل الحرب كان نحو 600 شاحنة مساعدات يومياً.
وفي 26 يناير الماضي، أعلنت محكمة العدل الدولية قراراتها الأولية في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في إطار الاتفاقية المتعلقة بالإبادة الجماعية لعام 1948.
وفي أعقاب قرارات المحكمة، خفضت إسرائيل عدد الشاحنات الإنسانية التي تدخل غزة 40 في المئة، وفق المصدر ذاته، ما سبّب وصول أزمة الاحتياجات الأساسية والأدوية والمستلزمات الصحية إلى أعلى مستوياتها في القطاع.
ورغم قرارات محكمة العدل الدولية الداعية إلى وقف الهجمات ضد الفلسطينيين، لا تزال إسرائيل تواصل هجماتها على قطاع غزة، وتبتعد عن اتخاذ خطوات لإنهاء المأساة الإنسانية.
وفي السياق، قال لونغا إنهم "سلّموا معظم شاحنات المساعدات لغزة خلال وقف إطلاق النار (المؤقت) الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل وحركة "حماس" برعاية قطرية مصرية أميركية في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، واستمر 7 أيام، مضيفاً: "يشير هذا الوضع إلى أهمية التوصل إلى اتفاق سياسي، ثم يمكن لعمال الإغاثة الإنسانية القيام بعملهم بأنفسهم".
القطاع الصحي بقطاع غزة في خطر
وشأن المخاطر التي تواجه القطاع الصحي بغزة، قال لونغا إن "خطر توقف (جميع) المستشفيات عن تقديم الخدمات وارد"، مضيفاً أن نحو "30 في المئة من المرافق الصحية في القطاع تعمل بصعوبة"، داعياً "جميع الأطراف إلى حماية المستشفيات وسيارات الإسعاف والعاملين في مجال الرعاية الصحية واحترامها".
وتابع: "انهار النظام الصحي إلى حد كبير، وعلينا حقاً أن نشكر الأطباء والممرضات هناك على جهودهم، لولاهم ربما كان النظام الصحي قد انهار بالفعل"، محذراً من "المخاطر المحدقة بالنظام الصحي في القطاع"، مجدداً مطالبات الاتحاد بـ"الحاجة إلى المزيد من المساعدات الإنسانية والوصول إلى كل المناطق".
خطر المجاعة يهدد أطفال غزة
وفيما يتعلق بالمجاعة الحاصلة في غزة، أفاد لونغا أن "استمرار الصراع سيؤدي إلى تنامي الحاجة إلى الاحتياجات الإنسانية، الأمر الذي يعني ازدياد الأوضاع سوءاً مع مرور كل دقيقة"، مشيراً إلى مستوى الجوع بغزة "خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة كان من الصعب جداً، وأحياناً من المستحيل على الآباء والأمهات العثور على حليب للرضّع أو طعام من أجل أطفالهم".
ولفت إلى أن 1.8 مليون شخص، من أصل 2.3 مليون نسمة يعيشون في قطاع غزة، نزحوا أكثر من مرة من مناطقهم خلال الصراع.
وزاد: "سكان غزة يضطرون في كثير من الأحيان إلى مغادرة منازلهم دون أن يأخذوا أي شيء معهم، لقد نزحوا 5-6 مرات، وفي الواقع ليس لديهم مكان لتلبية احتياجاتهم، فإلى جانب المياه والصحة والحماية، يمثل الطعام والغذاء مشكلة كبيرة لهم".
وفي 9 فبراير الجاري، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن خطر المجاعة في قطاع غزة يزداد يومياً، مؤكداً أن "وصول المساعدات إلى مدينة غزة لا يكفي لمنع حدوث المجاعة".
وقال البرنامج التابع للأمم المتحدة، في بيان، إن "خطر المجاعة في غزة يزداد خاصة لما يقدر بـ300 ألف شخص في منطقة شمال غزة، انقطعت عنهم المساعدات بشكل كبير".
وحذر من أن وصول المساعدات إلى مدينة غزة لا يكفي لمنع حدوث المجاعة، مشدداً على الحاجة الماسة للوصول الإنساني بشكل أسرع وأكثر استدامة.
وفي 5 فبراير/ شباط الجاري، قال متحدث الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، خلال مؤتمر صحافي، إن "إسرائيل تواصل عرقلة وصول معظم المساعدات إلى منطقة شمال قطاع غزة"، مشيراً إلى أن 10 عمليات من المساعدات فقط وصلت إلى شمال غزة من أصل 61 عملية في يناير/ كانون الثاني الماضي (العملية تشمل شحنة مساعدات).
المصدر: الأناضول