حمل الرئيس الأميركي جو بايدن مسؤولية الأزمة المستمرة داخل الكونغرس حول قضية أمن الحدود الجنوبية مع المكسيك وتقديم حزمة مساعدات ضخمة لأوكرانيا وإسرائيل سلفه دونالد ترامب، وفي تصريحات أدلى بها في البيت الأبيض الثلاثاء ألقى بايدن باللوم على ترامب في انهيار الدعم الجمهوري للتوصل للاتفاق.
وأشار بايدن إلى أن مشروع القانون البالغ قيمته 118 مليار دولار كان نتيجة أشهر من "الجهد الاستثنائي" من قبل مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ويمثل "الإصلاحات الأكثر عدلا وإنسانية في نظام الهجرة لدينا منذ فترة طويلة وأصعب مجموعة من الإصلاحات لتأمين الحدود على الإطلاق".
ابحث عن ترامب
وجاءت مناشدة بايدن في الوقت الذي أعرب فيه مزيد من الجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ معارضتهم للاتفاق الذي تفاوض عليه لجنة مشتركة من الحزبين برئاسة السيناتور الديمقراطي كريس مورفي والسيناتور الجمهوري جيمس لانكفورد لحلحلة الأزمة خلال الأشهر الماضية.
وفي الساعات الأخيرة، أظهر عدد متزايد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين معارضة للاتفاق بعدما هاجمه ترامب، واعتبره بمثابة إضافة إيجابية لحظوظ بايدن الانتخابية.
ولا يرغب ترامب في التوصل لحل، ولو مؤقتا، لأزمة الهجرة، إذ يعتبر استمرار الأزمة بمثابة العمود الفقري لنجاح حملته الانتخابية الرئاسية.
وفي هذا السياق قال بايدن إن "كل المؤشرات تشير إلى أن مشروع القانون هذا لن يتقدم أكثر إلى قاعة مجلس الشيوخ. لماذا؟ سبب بسيط، دونالد ترامب، لأنه يعتقد أنه سيئ بالنسبة له سياسيا".
وتابع بايدن "لذلك خلال الساعات الـ24 الماضية، لم يفعل ترامب شيئا، لكنه تواصل مع الجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ وهددهم وحاول ترهيبهم للتصويت ضد هذا الاقتراح، ويبدو أنهم يرضخون، بصراحة، إنهم مدينون للشعب الأميركي بإظهار بعض الشجاعة، والقيام بما يعرفون أنه صحيح".
اتفاق ثم تراجع
وبعد أشهر من المفاوضات المتعلقة بحزمة مساعدات ضخمة لأوكرانيا وإسرائيل ربطها الجمهوريون بسياسة أكثر صرامة تجاه تأمين الحدود الجنوبية، يدعو كبار الجمهوريين الآن إلى حزمة مساعدات خارجية قائمة بذاتها لأنهم يعارضون الآن إضافة سياسة حدودية أكثر صرامة طالبوا بها من قبل.
غير أن الجهود التشريعية للتقريب بين الحزبين تتعثر خاصة بعدما صوت كل الجمهوريين بمجلس النواب لصالح عزل وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس، وهو الوزير المسؤول عن أمن الحدود والهجرة.
وبدأ مجلس الشيوخ الأسبوع بخلاف حول مشروع قانون الأمن القومي الذي نشر نصه يوم الأحد الماضي، وتضمن مخصصات مالية اتفق عليها الحزبان تلبية لمطالب الحزب الجمهوري بأن يربط الديمقراطيون تغييرات سياسة الحدود بطلب الرئيس بايدن للحصول على مساعدات عسكرية لإسرائيل وأوكرانيا.
وبحلول ليلة الاثنين، توقع السيناتور من ولاية أوكلاهوما، جيمس لانكفورد، وهو كبير المفاوضين الجمهوريين بشأن صفقة مجلس الشيوخ، أن تنهار الصفقة، وهو ما يبدو أنه يحدث بالفعل.
وبعدما اقترب ممثلو الحزبين من إعلان الاتفاق على صفقة وحلول وسط، بدأت الصفقة على ما يبدو في الانهيار على يد الرئيس السابق ترامب. وأعلن قادة الحزب الجمهوري في مجلس النواب أنها "صفقة ميتة ومنتهية قبل وصولها".
ومن شأن فشل الحزمة، التي تشمل نقاطا تتعلق بسياسات الهجرة طالب بها الجمهوريون مسبقا، مثل تخصيص ما يقرب من 20 مليار دولار إضافية لتأمين الحدودية، ورفع الحد الأدنى لتلبية طلبات اللجوء، أن يلقي بظلال من الشك على قدرة الكونغرس على إنجاز أي شيء بشأن أمن الحدود أو المساعدات الخارجية قبل حلول موعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وذكر السيناتور الديمقراطي من ولاية كونيتيكت، كريس ميرفي، أن التصويت الإجرائي يوم الأربعاء المقبل سيمثل على الأرجح نهاية جهد الحزبين لمعالجة أزمة قضية الحدود، وقال إن الجمهوريين "ابتعدوا عن الخطة القديمة، وسوف يبتعدون عن أي خطط جديدة".
وترك هذا التحول أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين يناقشون خططا للعودة إلى الخطة الأصلية من العام الماضي لمحاولة تمرير التمويل لأوكرانيا وإسرائيل والمساعدات الإنسانية بشكل منفصل.
النواب الجمهوري ضد الشيوخ الديمقراطي
وبعد هذه التطورات قال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر بغضب إنه "يتم انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ للتصويت، وليس للخوف والهرب وتقديم الأعذار عندما يتعلق الأمر بالتصويت على القضايا الصعبة".
وعلى الجانب الأخر، أكد رئيس مجلس النواب مايك جونسون، جمهوري من ولاية لويزيانا، إن "الجمهوريين ببساطة لا يمكنهم التصويت لصالح مشروع القانون بضمير مرتاح".
وأشار إلى أن قانون التشريع المقترح لا يفعل ما يكفي لتأمين الحدود، لافتا إلى أن الرئيس بايدن لديه بالفعل سلطة قانونية لمعالجة زيادة المهاجرين وتدفقهم غير النظامي، لكنه لا يستخدمها. وبدلا من النظر في التشريع المقدم من مجلس الشيوخ، سيقدم الجمهوريون في مجلس النواب مشروع قانون منفرد لتقديم المساعدة العسكرية لإسرائيل، ولكن يبدو من غير المرجح أن يمر هذا الاقتراح، إذ سيرفضه مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون.
وقال جونسون للصحفيين إن المساعدات لإسرائيل "لا يمكن أن تنتظر أكثر من ذلك، ويجب تمريرها بشكل منفصل عن المساعدات لأوكرانيا".
وجدير بالذكر أن البنتاغون يحذر من نفاد ذخيرة القوات الأوكرانية ومواردها الأخرى الآن بعد انتهاء التمويل الأميركي قبل أسابيع، إلا أن الديمقراطيين يرفضون فكرة فصل مساعدات أوكرانيا عن مساعدات إسرائيل، وتعهدوا بعرقلة مبادرة جونسون، واعتبروا هذه الخطوة مجرد "محاولة واضحة وساخرة" لتقويض اتفاق الحزبين في مجلس الشيوخ.
المصدر: الجزيرة نت