تدفع تطورات ما بعد هجوم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على جنوبي إسرائيل، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، العديد من الدول الغربية إلى التفكير جديا في الاعتراف بدولة فلسطين لإنهاء معاناة شعبها تحت الاحتلال منذ عقود.
وقبل 7 أكتوبر، الذي شنت فيه إسرائيل حربا مدمرة مستمرة على قطاع غزة، كانت فكرة اعتراف دول غربية بدولة فلسطين، خصوصا في الاتحاد الأوروبي إلى جانب الولايات المتحدة، مرتبطة بنتائج المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، وهي متوقفة منذ أبريل/ نيسان 2014.
ولم ينجح الفلسطينيون، عبر محاولات عديدة في مجلس الأمن الدولي حيث تستخدم الولايات المتحدة حق النقض "فيتو" لمصلحة إسرائيل، في الحصول على قرار بالاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، إذ تمتلك منذ عام 2012 بصفة دولة مراقب غير عضو.
وفي غياب أي مفاوضات فلسطينية ـ إسرائيلية بشأن الحل النهائي، فإن اعتراف الدول الغربية بدولة فلسطين بقي مرهونا بمفاوضات لا أفق لاستئنافها، لا سيما في ظل رفض الحكومة الإسرائيلية اليمينية، برئاسة بنيامين نتنياهو، إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
دون مفاوضات
لكنّ دولا غربية عديدة بدأت الحديث صراحة في الآونة الأخيرة عن تفكيرها الجدّي في الاعتراف بدولة فلسطينية حتى في غياب المفاوضات، وهو اتجاه بدأ في إسبانيا ثم انتقل إلى بريطانيا ووصل إلى الولايات المتحدة، على الرغم من دعمها للحرب الإسرائيلية في غزة.
ففي 5 ديسمبر/ كانون الأول 2023، قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إن توجه بلده نحو الاعتراف بدولة فلسطينية "مستمر حتى لو لم تحصل على الدعم الكافي" داخل الاتحاد الأوروبي.
وجدد، في تصريح لصحفيين أجانب بمدريد حينها، تأكيد أن "إنهاء الصراعات بين إسرائيل وحماس يرتكز على حل الدولتين.. يجب الاعتراف بالدولة الفلسطينية أولا، تمهيدا لعقد مؤتمر السلام الدولي بقيادة إسبانيا".
سانشيز لفت إلى أن "أكثر من 130 دولة اعترفت بالدولة الفلسطينية، في حين أن الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي لم تفعل ذلك بعد".
وتابع: "الأمر يستحق بذل جهود لاتخاذ مبادرات داخل الاتحاد الأوروبي للاعتراف بفلسطين، وإذا لم يحدث ذلك فإن توجه إسبانيا للاعتراف بفلسطين مستمر".
وفي 30 يناير/ كانون الثاني الماضي، صرح وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، بأن بلاده على استعداد للاعتراف بالدولة الفلسطينية، مؤكدا ضرورة إيجاد "أفق سياسي للفلسطينيين".
خيارات أمريكية
على الجانب الآخر من الأطلسي، كررت الولايات المتحدة في الأسابيع الماضية، على لسان الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، ضرورة قيام دولة فلسطينية.
وذكر موقع "أكسيوس" الإخباري الأمريكي، الأربعاء، أن بلينكن طلب من وزارة الخارجية إجراء مراجعة وتقديم خيارات سياسية بشأن الاعتراف الأمريكي والدولي المحتمل بدولة فلسطينية بعد الحرب على غزة.
ومن بين هذه الخيارات، وفقا للموقع: الاعتراف الثنائي بدولة فلسطين، وعدم استخدام "الفيتو" لمنع مجلس الأمن من الاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وتشجيع الدول الأخرى على الاعتراف بفلسطين.
فيما قال متحدث الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، الأربعاء، في إيجاز صحفي يومي تابعته الأناضول: "نؤيد إقامة دولة فلسطينية مستقلة".
وبشأن ما إذا كان بلينكن طلب بالفعل إجراء مراجعة وتقديم خيارات سياسية بشأن الاعتراف الأمريكي، قال ميلر: "لن أعلق على العمل الداخلي الذي نقوم به لتحقيق هذا الهدف، ولكنني سأقول إنه توجد طرق عديدة لتحقيق ذلك".
ومضى قائلا: "ننظر إلى مجموعة واسعة من الخيارات، ونناقشها مع الشركاء في المنطقة وشركاء آخرين داخل حكومة الولايات المتحدة، ولكن لم يحدث أي تغيير في السياسة".
وتحت ضغط الصحفيين، قال ميلر: "ندعم إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، ونقوم بالكثير من العمل داخل الحكومة للتفكير في كيفية تحقيق ذلك.. ننظر إلى عدد من الخيارات".
وأردف: "نسعى بنشاط إلى إنشاء دولة فلسطينية مستقلة مع ضمانات أمنية حقيقية لإسرائيل، لأننا نعتقد أن هذا هو أفضل وسيلة لتحقيق السلام والأمن الدائمين لإسرائيل والفلسطينيين والمنطقة".
معارضة إسرائيلية
أما إسرائيل فتعارض أي اعتراف دولي بدولة فلسطين، وقبل 7 أكتوبر 2023، روج نتنياهو أن التطبيع الإسرائيلي مع الدول العربية سيقود إلى حل مع الفلسطينيين، وليس العكس.
ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 5 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية علنية مع إسرائيل، التي تواصل منذ عقود احتلال أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان.
وفي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر/ أيلول 2023، عرض نتنياهو خريطة تظهر الشرق الأوسط من دون أي وجود لدولة فلسطينية.
واعتبرت إسرائيل، بحسب مراقبين، خلال الأعوام القليلة الماضية أن التطبيع العربي معها يعني أن القضية الفلسطينية وضعت على الهامش.
وتوجد 193 دولة عضوا في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتعترف 139 منها، أحدثها السويد في 2014، بدولة فلسطين، بحسب وزارة الخارجية الفلسطينية على موقعها الإلكتروني.
وسعت الخارجية الفلسطينية إلى الحصول على مزيد من الاعترافات بالدولة الفلسطينية، وخصوصا في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وباسم منظمة التحرير الفلسطينية، قدّم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في 23 سبتمبر/ أيلول 2011، طلبا للحصول على عضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، واتهم لاحقا واشنطن بإحباطه.
وفي 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، منحت الجمعية العامة فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو.
لكن الآن يتصاعد الحديث الغربي عن الاعتراف بدولة فلسطينية، في ظل مستجدات أبرزها الحرب الكارثية المتواصلة على غزة، والاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة بالتوازي على الضفة الغربية المحتلة، إلى جانب تغيرات لافتة على مستوى الرأي العام العالمي لمصلحة حقوق الفلسطينيين.
المصدر: وكالة الأناضول
أخبار ذات صلة
الخميس, 01 فبراير, 2024
لندن وواشنطن تعدان خيارات للاعتراف بدولة فلسطين وضمان أمن إسرائيل
الثلاثاء, 30 يناير, 2024
كاميرون: بريطانيا تدرس الاعتراف رسميا بالدولة الفلسطينية