تساءلت صحيفة بريطانية، عن مدى قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها الحربية في غزة مع تحول الصراع في القطاع الساحلي إلى ما وصفته بحرب استنزاف بينما تكافح إسرائيل لتحقيق أهدافها المعلنة.
وقالت الفاينانشال تايمز Financial Times - في تقرير ترجمة "يمن شباب نت" – "بأنه منذ بداية الحرب في غزة، سعت القوات الإسرائيلية إلى تحقيق هدفيها المزدوجين ـ "تفكيك" حكم حماس في القطاع وإنقاذ كل الرهائن الإسرائيليين المتبقين الذين احتجزتهم الحركة".
ولكن بعد مرور ثلاثة أشهر، بدأ الكثيرون في إسرائيل، بما في ذلك غادي آيزنكوت، عضو مجلس الوزراء الحربي، يتساءلون عما إذا كان من الممكن تحقيق أحد هذين الهدفين أو كليهما.
وقال مايكل ميلشتاين، ضابط المخابرات الإسرائيلي السابق والخبير في الشؤون الفلسطينية، إن إسرائيل تواجه معضلة في غزة.
وأضاف: "لقد وصلنا إلى مفترق طرق: إما أن تتوصلوا إلى اتفاق كامل [مع حماس بشأن الرهائن] وتنسحبوا، أو أن تتجهوا نحو الإطاحة الكاملة بنظام حماس والاستيلاء على قطاع غزة بأكمله".
وبحسب الصحيفة يقول منتقدي استراتيجية نتنياهو إن أكثر من 130 رهينة إسرائيلية متبقية في غزة - والذين يهيمن مصيرهم على الحديث في إسرائيل حول الحرب - ربما لن يكون لديهم أسابيع، ناهيك عن سنوات، للبقاء على قيد الحياة في ظروف الأسر القاسية في زمن الحرب.
وفي الوقت نفسه، هناك تساؤلات حول ما إذا كان من الممكن الإطاحة بحماس باعتبارها القوة الحاكمة والعسكرية في غزة في ظل الاستراتيجية القائمة. حيث لا يزال كبار قادتها الثلاثة، يحيى السنوار، ومحمد ضيف، ومروان عيسى، طلقاء.
وفي جيوب شمال غزة المدمرة، عاد مقاتلو حماس وناشطوها إلى الظهور بعد انسحاب القوات الإسرائيلية.
واعتبر التقرير بأن أحد أسباب الانسحاب الإسرائيلي من غزة هو احتمال نشوب صراع أكبر مع مقاتلي حزب الله في لبنان. لكن هناك سبب آخر هو أن الحرب في غزة وصلت إلى نقطة تحول بعد تحولها إلى مرحلتها الثالثة "منخفضة الشدة".
وذكر التقرير بأن تأثير الحرب مدمر بالفعل. حيث أدى الهجوم الإسرائيلي إلى مقتل أكثر من 26 ألف شخص، بحسب السلطات الصحية الفلسطينية. وقد نزح 85 في المائة من السكان؛ وتحولت مساحات واسعة من غزة إلى أنقاض؛ في حين تحذر جماعات الإغاثة الدولية من كارثة إنسانية متفاقمة.
وقالت الصحيفة البريطانية بأنه برغم ما وصفته بالمكاسب العسكرية التي حققها الجيش الإسرائيلي حتى الآن، إلا أنها كانت تكتيكية أكثر منها استراتيجية، حسبما ذكر العديد من المحللين والمسؤولين العسكريين الإسرائيليين.
فمنذ بدء الهجوم البري للجيش الإسرائيلي في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر، قُتل 220 جنديًا إسرائيليًا وأصيب أكثر من 1000 آخرين – وهو رقم أقل من التوقعات، وفق مزاعم المحللين والمسؤولين، لكنه لا يزال مؤلمًا للرأي العام الإسرائيلي الذي يحيي كل مساء ذكرى القتلى على شاشات التلفزيون الرئيسية.
وزعمت الصحيفة، بأنه مما زاد من تعقيد الحرب بالنسبة لإسرائيل هو أن مقاتلي حماس وقادتها لجأوا إلى شبكة أنفاق معقدة تحت الأرض، يقدر الإسرائيليون طولها بأكثر من 500 كيلومتر، وهو ما يتجاوز تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية قبل الحرب.
وبرغم الانخفاض الكبير في إطلاق الصواريخ من غزة، لا تزال حماس تحتفظ بالقدرة على إطلاق وابل من الصواريخ، وخاصة من المناطق التي لم تصلها القوات البرية الإسرائيلية بعد.
وقال محللون ومسؤولون إن إسرائيل تريد أن تجعل المرحلة "منخفضة الشدة" من حملة غزة مستدامة قدر الإمكان، بينما تقوم بإعداد قواتها لصراع محتمل في لبنان.
وبحسب التقرير لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الجيش الإسرائيلي سيرسل قوات جنوبًا إلى رفح لإغلاق طرق التهريب التي تربط مصر بغزة، وكيف سيفعل ذلك، وهو هدف حاسم لمخططي الحرب الإسرائيليين ولكنه معقد للغاية بسبب التهجير الجماعي للمدنيين في غزة واعتراضات القاهرة.
وختمت الفاينانشال تايمز تقريرها بالقول بأنه على الرغم من الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار، وغياب إنجاز لافت في ساحة المعركة، يبدو أن نتنياهو والجيش الإسرائيلي يستقران على حملة استنزاف طويلة ضد حماس.