تؤكد وزارة الصحة في غزة ومنظمة الصحة العالمية أن عمليات بتر الأطراف باتت شائعة نتيجة الحرب الإسرائيلية على القطاع في حين لا يمكن تقديم أعداد دقيقة عن الحالات.
ويعتقد خبراء صحيون أنه كان يمكن إنقاذ الأطراف في بعض الحالات شريطة توفر العلاج المناسب. لكنّ 9 مستشفيات فقط من أصل 36 مستشفى في غزة لا تزال تعمل بعد أسابيع من الحرب الإسرائيلية، أحدها مستشفى "شهداء الأقصى" في مدينة دير البلح... وهي مستشفيات مكتظة جداً، وتقدم علاجات محدودة، وتفتقر إلى الأجهزة والأدوات الأساسية لإجراء عمليات جراحية، علماً أن عدداً كبيراً من الجرحى لا يستطيعون أيضاً الوصول إليها بسبب القصف والقتال البري.
وفي مستشفى "شهداء الأقصى" خيّر الأطباء الطالبة الجامعية شيماء نبهان (22 عاماً)، التي أصيبت بجروح خطيرة إثر غارة جوية استهدفت مخيم البريج، بين أن تفقد ساقها اليسرى أو تخاطر بالتعرض للموت بعدما عانت من تسمم في الدم، فاختارت زيادة فرصها في البقاء على قيد الحياة، ووافقت على بتر ساقها بمقدار 15 سنتيمتراً تحت الركبة.
وأشارت شيماء إلى أنها تلقت الحدّ الأدنى من العلاج واهتمام الأطباء الذين تعاملوا مع عدد كبير من المصابين بجروح خطيرة وسط تضاؤل الإمدادات الطبية، وقالت: "تغيّرت كل حياتي. بت أحتاج إلى مساعدة إذا أردت أن أخطو خطوة أو أذهب إلى أي مكان".
وفيما شملت الخيارات المؤلمة نفسها مصابين لا حصر لهم من بين أكثر من 54500 جريح، قال مسؤول منظمة الصحة العالمية شون كيسي، الذي زار مستشفيات عدة في غزة أخيراً، إن "النقص الحاد في عدد جراحي الأوعية الدموية، الأكثر قدرة على إنقاذ الأطراف زاد عمليات البتر، لكن لا يخفى أن الإصابات الشديدة تعني أيضاً عدم إمكان إنقاذ بعض الأطراف التي يجب بترها في أسرع وقت". وأضاف في مؤتمر صحافي عقده الأسبوع الماضي: "قد يموت الناس بسبب العدوى التي يصابون بها لأن أطرافهم مصابة، ورأينا مصابين بتسمم الدم والغرغرينا".
وحتى قبل اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة كان النظام الصحي في غزة في حال انهيار بعد سنوات من الصراع والحصار الذي فرضته إسرائيل ومصر رداً على سيطرة حماس على القطاع عام 2007. وفي عامي 2018 و2019 أصيب آلاف الأشخاص بنيران الجيش الإسرائيلي في الاحتجاجات الأسبوعية التي قادتها حركة حماس ضد الحصار، وجرى بتر أطراف أكثر من 120 مصاباً. وحينها كانت غزة تفتقر إلى الخدمات الصحية المتقدمة، وأيضاً الأطراف الاصطناعية الحديثة اللازمة بعد البتر.
وحالياً يواجه الذين انضموا إلى صفوف مبتوري الأطراف وضعاً شبه مستحيل، خصوصاً أن نحو 85 في المائة من السكان البالغ عددهم 2.3 مليون يقيمون في خيام أو مدارس تحوّلت إلى ملاجئ أو في منازل أقاربهم بعد الحرب الإسرائيلية على غزة، وهم يواجهون النقص في المياه والغذاء وإمدادات أساسية أخرى باتت نادرة فعلياً.
وذكر جراح العظام في منظمة أطباء بلا حدود جورديل فرانسوا أن "خطر الإصابة بعدوى ما بعد الجراحة في غزة مرتفع للغاية، علماً أن مستوى النظافة والتعقيم سيئ بسبب محدودية الوصول إلى المياه والفوضى العامة"، وقال إنّ فتاة صغيرة كانت تحتاج إلى بتر مزدوج، لكن الأطباء لم يستطيعوا إجراء عملية جراحية لها بسبب العدد الهائل من الإصابات الخطرة الأخرى، فتوفيت الفتاة بسبب تسمم الدم. وأضاف: "يصل 50 مصاباً يومياً، ويضطر الطبيب إلى الاختيار بينهم".
وقالت نوال جابر (54 عاماً)، وهي أم لثمانية أولاد بُترت ساقاها: "بتّ غير قادرة على تلبية احتياجات أبنائي، وحالياً بات خروجي من غزة أمراً حتمياً لإنقاذ ما تبقى مني، وتركيب طرف صناعي لأعيش حياتي بشكل طبيعي".
(أسوشييتد برس)
أخبار ذات صلة
الثلاثاء, 21 نوفمبر, 2023
مكالمة انتهت بالدموع.. ياسين بونو يحقق حلم طفل بترت قدمه بالعدوان على غزة