في وقت أعربت فيه منظمات دولية عن قلقها البالغ من محاولة إسرائيل تهجير الفلسطينيين في قطاع غزة، لا يزال جيش الاحتلال الإسرائيلي يستهدف السكان المدنيين ومنازلهم، فيما تتواصل ردود الفعل العربية والدولية على دعوة إسرائيل السكان في غزة إلى إخلاء المنطقة الشمالية من القطاع.
وطالب مجلس التعاون لدول الخليج العربية، السبت، بوقف نهج "العقاب الجماعي" الذي تنتهجه إسرائيل ضد سكان قطاع غزة.
جاء ذلك في بيان نشره المجلس على موقعه الإلكتروني، مع مواصلة الجيش الإسرائيلي حربه على غزة لليوم الثامن تواليًا. وطالب المجلس "بوجوب تدخل المجتمع الدولي بصفة الاستعجال، لوقف إطلاق النار، ووضع حد لكافة أشكال التصعيد العسكري ضد المدنيين، وتجنب حدوث كارثة إنسانية في الأراضي الفلسطينية".
وأكد "أهمية تضافر الجهود الدولية لإيقاف نهج العقاب الجماعي الذي تنتهجه قوات الاحتلال الإسرائيلي، بحرمان سكان غزة من المتطلبات المعيشية الأساسية"، معتبرًا أن سلوك إسرائيل يعد "خرقا صارخًا للقانون الدولي والإنساني، وانتهاكاً صارخاً للمواثيق والقوانين الدولية".
ودعا المجلس المجتمع الدولي "للتدخل بقوة وبسرعة لوقف العدوان على غزة، والعمل على إيجاد حل سياسي للأزمة وسرعة لتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، في إقامة دولته على أراضي عام 67، وعاصمتها القدس الشرقية".
وأكد أن "دعوات التهجير القسري للشعب الفلسطيني من القطاع، تستوجب التدخل الفوري العاجل من المجتمع الدولي لإيقافها".
وأعلنت دولة قطر، عن رفضها القاطع لمحاولات التهجير القسري للشعب الفلسطيني الشقيق من قطاع غزة، داعية إلى رفع الحصار عن القطاع وتوفير الحماية التامة للمدنيين بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وحذرت وزارة الخارجية القطرية، في بيان أصدرته اليوم السبت، من خطورة اتخاذ سياسة العقاب الجماعي بما في ذلك الدعوات لإخلاء شمال قطاع غزة من السكان، منبهة إلى أنّ إجبار المدنيين على النزوح أو اللجوء إلى دول الجوار يمثل انتهاكاً للقوانين الدولية، ومن شأنه أن يفاقم من آثار المواجهات الجارية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ويضاعف معاناة الشعب الفلسطيني.
وحثت المجتمع الدولي على التحرّك العاجل لفتح ممرات إنسانية تسمح للمنظمات الدولية بإدخال المساعدات الطبية والغذائية إلى غزة، وإجلاء المصابين من المدنيين.
وشددت وزارة الخارجية القطرية على أنّ الضمانة الوحيدة لتحقيق سلام مستدام في المنطقة هي الوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، بما يضمن إعادة الحقوق للشعب الفلسطيني، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
بدوره حذر نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني، أيمن الصفدي، اليوم السبت، من أن الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة تسبب كارثة إنسانية وتمثل عقاباً جماعياً لأكثر من مليوني فلسطيني وتدفع المنطقة كلها اتجاه الهاوية.
وقال الصفدي، في بيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية، إنّ فشل المجتمع الدولي في وقف الحرب هو فشل في تطبيق القانون الدولي، وفي حماية القيم الإنسانية المشتركة وحماية المدنيين الأبرياء الذين يواجهون جحيم الحرب، ولا يجدون الملجأ أو الطعام أو الغذاء أو المستشفيات لأطفالهم وجرحاهم.
وبحسب الصفدي، الذي يلتقي، اليوم وزيرة الخارجية الكندية ويبحث معها جهود وقف الحرب على غزة، فإنّ الصمت على ما يتعرض له أهل غزة من حرب وتدمير هو صمت على عدوان يجرد الغزاويين من إنسانيتهم وحقهم في الحماية، وصمت على الخروقات الإسرائيلية الفاضحة للقانون الدولي.
وقال الصفدي إنّ على المجتمع الدولي أن يتعامل مع الحرب على قطاع غزة وفق معايير واحدة، فيدين قتل المدنيين الفلسطينيين كما دان قتل المدنيين الإسرائيليين، فالضحايا المدنيون هم ضحايا أياً كانت هويتهم أو جنسيتهم.
وشدد على أن المدنيين الفلسطينيين ليسوا أقل إنسانية من المدنيين الإسرائيليين، وأن الحرب التي أعلنت إسرائيل أن هدفها القضاء على "حماس" تقتل وتشرد الأبرياء الفلسطينيين، وستترك المنطقة والعالم في مواجهة تداعيات بيئة الدمار واليأس والقهر التي ستحيل إسرائيل غزة إليها، ولن تحقق أمناً ولن تقود إلى سلام.
وأكد أن منع إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضغطها على أكثر من مليون غزاوي في شمال القطاع لمغادرة بيوتهم في الوقت الذي تستعر فيها حربها على القطاع خرق فاضح للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقانون الحرب.
ورفض الصفدي تهجير الفلسطينيين من وطنهم، محذراً من أن محاولة إسرائيل فرض ذلك سيدفع المنطقة كلها نحو هاوية تعمق التصعيد والصراع وتوسعه/ مشددا على أن العنف لن يدفع إلا نحو المزيد من العنف، وأن الحرب لن تقود إلا إلى تأجيج الصراع وزيادة التوتر.
وقال الصفدي إن وحده السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين الذي يلبي حقوق الشعب الفلسطيني كاملة سيحمي فلسطين وإسرائيل والمنطقة كلها من دوامات العنف، وإن إسرائيل لن تحصل على الأمن والسلام ما لم يحصل الفلسطينيون على الأمن والحرية في دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من يونيو/ حزيران للعام 1967.
ودعا كل من يريد الأمن والسلام في المنطقة ولكل دولها وشعوبها أن يتحرك فوراً لوقف العدوان على غزة، وللعمل من أجل إيجاد أفق حقيقي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين. وأكد الصفدي أن شيوخ غزة ونساءها وأطفالها هم مدنيون وأبرياء يمثل العجز الدولي عن حمايتهم فشل دولي قيمي وإنساني لا يمكن تبريره تحت أي ذريعة.
إلى ذلك أعربت وزارة الخارجية اليمنية عن إدانتها البالغة واستنكارها الشديد ورفضها التام لدعوات التهجير القسري للشعب الفلسطيني من غزة.
وأشارت الوزارة في بيان إلى أن استهداف المدنيين بما فيهم النساء والأطفال والعاملين في الاغاثة والصحفيين وتدمير البنى التحتية والخدمية، لن يجلب السلام ولن يؤدي الا إلى المزيد من العنف والعنف المضاد.
ودعا البيان، المجتمع الدولي وبالأخص مجلس الأمن الدولي للقيام بمسؤولياته واتخاذ إجراءات فورية لإيقاف التصعيد العسكري وإنهاء الحصار الشامل بحق الشعب الفلسطيني ،الذي يتجرع مرارة العدوان والحصار والمصادرة لأبسط حقوقه .
وأكدت الخارجية موقف اليمن الثابت والراسخ الداعم لحق الشعب الفلسطيني في الحياة الكريمة وإقامة دولته المستقلة تنفيذا لكافة القوانين والقرارات الدولية، ووفقا لمبادرة السلام العربية.
إلى ذلك استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت، وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الذي يجري زيارة رسمية إلى القاهرة لبحث تطورات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وذلك بحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل.
ووفق بيان صادر عن الرئاسة المصرية، تبادل الطرفان وجهات النظر بشأن التصعيد العسكري المتسارع في قطاع غزة، حيث تم التوافق حول الخطورة البالغة للوضع الراهن في القطاع، وتهديده لاستقرار وأمن المنطقة، بما يتطلب تكثيف الجهود الدولية للعمل على الوقف الفوري للعنف واستعادة التهدئة، واتخاذ إجراءات فورية وفعالة لحماية المدنيين (الفلسطينيين)، ومنع تعريضهم لمخاطر القتل والتشريد والدمار.
وأعرب الجانبان عن القلق البالغ نتيجة تردي الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، مع تأكيد ضرورة توفير النفاذ الآمن والعاجل للمساعدات الإنسانية إلى أهالي القطاع، وعدم تعريضهم لسياسات العقاب الجماعي من حصار وتجويع أو تهجير.
وثمن وزير الخارجية التركي دور مصر في تنسيق وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية من جميع الدول، والمنظمات الدولية المعنية، إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بحسب البيان.
وبدوره، شدد السيسي على الأهمية القصوى للجهود الدولية المنسقة، لإنهاء وطأة المعاناة الإنسانية المتفاقمة التي يتعرض لها أبناء الشعب الفلسطيني في غزة.
وأكد الجانبان أهمية الدفع كذلك نحو الحل الجذري والدائم للأوضاع الراهنة المتأزمة، من خلال العمل على التسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية، وهو ما يستوجب من كافة الأطراف دعم التوصل للسلام العادل والشامل القائم، على أساس حل الدولتين وفق مرجعيات الشرعية الدولية، بما يحفظ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ويحقق الأمن لجميع شعوب المنطقة.
من جهته، صرّح وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، السبت، بأنّ دعوة إسرائيل إلى إجلاء أكثر من مليون فلسطيني من شمال قطاع غزة خلال يوم واحد أمر "مستحيل تماماً تنفيذه".
وقال بوريل، خلال مؤتمر صحافي في بكين، في اليوم الأخير من زيارته للصين: "أقول بصفتي ممثلاً للموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي ... إن (عملية الإجلاء) من المستحيل تماماً تنفيذها".
وأضاف: "تصور إمكانية نقل مليون شخص في 24 ساعة في وضع مثل وضع غزة لا يمكن سوى أن يشكل أزمة إنسانية".
من جانبه، قال الرئيس التونس قيس سعيّد، ليل الجمعة - السبت، إنّ الحركة الصهيونية تسعى لتهجير الشعب الفلسطيني وحرمانه لا فقط حقه المشروع في إقامة دولته المستقلة في كل أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، بل أبسط مقومات الحياة، كالماء والدواء.
وخلال لقائه رئيس البرلمان التونسي إبراهيم بودربالة، أوضح سعيّد أن المؤشرات تدل على أن هنالك ترتيباً لوضع جديد في الشرق الأوسط كله، داعياً "كل أحرار العالم" إلى الوقوف ضد هذا المخطط.
وتساءل الرئيس التونسي عن سبب تجاهل العالم لصورة الأطفال والرضع وهم يقتلون أو تحت الأنقاض، مؤكداً أن "الشعب الفلسطيني مستمر في نضاله، وأن الأمة العربية لن تقبل بغير النصر بديلاً".
وأوضح سعيّد أن الموقف الذي عبّر عنه الشعب التونسي "دليل على أن ثقافتنا ومبادئنا وثوابتنا تقوم كلها على الإصرار على رفض كل أصناف الظلم والاستعمار".
وكانت وزارة الخارجية الكويتية أعلنت، مساء الجمعة، أنها ترفض بشكل قاطع دعوات إسرائيل إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.
وقال الشيخ سالم عبد الله الجابر الصباح، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية (كونا)، إنّ بلاده "تؤكد رفضها القاطع لدعوات الاحتلال الإسرائيلي إلى تهجير الفلسطينيين القسري من غزة واستمرار التصعيد وعمليات القتل والتدمير العشوائي الذي يُعَدّ خرقاً للقانون الدولي والإنساني".
وأضاف الوزير أن تلك الدعوات "ستؤدي إلى مزيد من المعاناة للشعب الفلسطيني الذي يعاني من قصف وحصار أدى إلى سقوط مئات الضحايا الأبرياء".
وطالب الوزير المجتمع الدولي ومجلس الأمن بالتدخل الفوري لإيقاف هذا التصعيد الخطير ووضع حد لهذه الحرب الشعواء التي لا تفرق بين الأهداف المدنية والعسكرية.
ودعا الوزير إلى إيقاف استهداف المدنيين، وأن يضطلع الجميع بمسؤولياته سياسياً وإنسانياً، وأن يقوم المجتمع الدولي على الفور بالتحرك نحو رفع الحصار وضمان دخول المساعدات الطبية والإنسانية وتوفير الغذاء والمياه للشعب الفلسطيني الشقيق من خلال الأمم المتحدة ووكالاتها التابعة والمنظمات غير الحكومية المعنية بالشؤون الإنسانية.
المصدر: وكالات