كشف تحقيق نشرته شبكة "سي إن إن" الأميركية عن أن القوات الخاصة الأوكرانية على الأرجح نفذت سلسلة من الهجمات باستخدام طائرات مسيّرة، إضافة إلى عملية برية، ضد قوات الدعم السريع في السودان المدعومة من قبل مجموعة فاغنر الروسية.
وقالت الشبكة إنها حصلت على مقاطع فيديو تكشف أن هجمات نفذت ضد قوات الدعم السريع تحمل بصمات الجيش الأوكراني. فقد استُخدمت مسيّرتان متاحتان تجاريًا ويستخدمهما الأوكرانيون على نطاق واسع في 8 غارات على الأقل ضد قوات الدعم السريع، كما أظهرت مقاطع الفيديو كلمات بالأوكرانية على أجهزة التحكم التي تدار بها المسيّرات التي استهدفت الدعم السريع.
ونقلت "سي إن إن" عن خبراء قولهم إن التكتيكات العسكرية المستخدمة في تلك الهجمات، ومن أبرزها انقضاض الطائرات المسيرة على أهدافها على نحو مباشر وسريع، غير مألوفة في السودان وأفريقيا بشكل عام.
كما نقلت عن مصدر عسكري أوكراني -لم تكشف عن هويته- قوله إن تلك الهجمات ليست من عمل الجيش السوداني، مرجحا أن تكون القوات الأوكرانية الخاصة تقف وراء هذه الهجمات.
وتعني تلك الهجمات، إذا ما ثبتت مسؤولية أوكرانيا عنها، أن المعارك الروسية الأوكرانية بدأت تخرج عن حيزها الجغرافي المحدود إلى ساحات وبلدان أخرى بعيدة.
وقالت الشبكة الأميركية إن الضربات السرية التي تشنها أوكرانيا في السودان تشكل توسعا كبيرا ومستفزا في حربها مع روسيا.
وتشير "سي إن إن" إلى أن تحقيقها حدد 7 مواقع استهدفتها الضربات المذكورة في أم درمان (معقل الدعم السريع) كما حدد الموقع الجغرافي للقطات الغارة الليلية على هذه المدينة من خلال تحديد المباني التي تظهر في الصور.
ووفق التحقيق فإن الطائرات المسيرة التي تستخدمها القوات الأوكرانية لديها القدرة على الطيران لمسافة تصل 30 كيلومترًا كحد أقصى، والطيران 45 دقيقة، والتصوير على نطاق يصل 15 كيلومترا، مما يعني أن من يقوم بتشغيل هذه المسيّرات موجودون داخل السودان وربما بالقرب من المدينة التي استهدفتها الضربات.
وفي الفيديو الذي يُظهر شاشة وحدة التحكم بالطائرة المسيرة، تظهر كلمة "إيقاف" بالأوكرانية والإنجليزية، كما يمكن أيضًا رؤية صورة الشخص الذي يشغل المسيّرة عن بعد في انعكاس صورة وحدة التحكم، والذي يبدو أجنبيا، لكنه كان يرتدي قناعًا يحول دون التعرف عليه.
ولم تعلن أوكرانيا رسميا مسؤوليتها عن الهجمات ضد الدعم السريع (الموثقة في لقطات الفيديو) والتي تم تداول بعضها في مواقع التواصل منذ الخميس الماضي.
ونقلت "سي إن إن" عن مصدر عسكري سوداني رفيع القول إنه ليس لديه علم بأي عملية أوكرانية بالبلاد، معربا عن اعتقاده أن المعلومات بهذا الشأن غير صحيحة.
وقالت إن العديد من المسؤولين الأميركيين لم يكونوا على علم بالهجمات المذكورة بالتحقيق، وأعربوا عن دهشتهم من الإشارة إلى احتمال مسؤولية القوات الأوكرانية عن الضربات الجوية والعملية البرية المذكورة في السودان.
الجيش يرد
وفي أول تعليق من قبل الجيش السوداني، قال مصدر عسكري سوداني رفيع للجزيرة إن القوات المسلحة السودانية هي جيش الدولة الرسمي وهو ما يمنحها الشرعية في مباشرة علاقات تعاون عسكري مع أي دولة في العالم.
وأضاف المصدر أن الجيش السوداني مكتفٍ من ناحية التسليح والعتاد بواسطة صناعات البلاد الدفاعية التي طوّرها خلال العقدين الماضيين بشكل ملحوظ.
وأشار المصدر ذاته إلى أن شركة فاغنر الروسية علاقتها وطيدة بقوات الدعم السريع حيث قامت بتدريب تلك القوات المتمردة.
وتابع أن "المتمرد حميدتي وبطريقته المعهودة في عقد الصفقات من وراء ظهر الحكومة، قام بتطوير علاقاته بفاغنر بصورة متزايدة طوال السنين الماضية".
يشار إلى أن مسلحي مجموعة فاغنر الروسية الخاصة ينتشرون في مناطق بالسودان، ويلعبون دورا في الصراع العسكري بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قالت -في مايو/أيار الماضي- إن مجموعة فاغنر تزود الدعم السريع بصواريخ أرض جو لمواجهة الجيش السوداني، واتهمتها في بيان بزعزعة استقرار السودان وبلدان أفريقية أخرى والاستيلاء على مواردها الطبيعية.
وتشير تقارير إلى أن التعاون بين قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) وفاغنر تعزَّز بعد محاولة الانقلاب التي نفذها ضد الحكومة في أكتوبر/تشرين الأول 2021، حيث بدأت مجموعة المرتزقة الروسية تقديم المساعدات العسكرية لقواته.
(الجزيرة + سي إن إن)