طالب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأن توقف روسيا والحكومة السورية على الفور تحليق الطائرات فوق مناطق القتال بسوريا واصفا ذلك بالفرصة الأخيرة لإنقاذ وقف إطلاق النار المتداعي وإيجاد سبيل "للخروج من المذبحة".
وواجه كيري نظيره الروسي سيرجي لافروف في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بنيويورك خلال مواجهة تلفزيونية مشوبة بالتوتر قائلا إن قصف قافلة إغاثة في سوريا يثير "شكوك عميقة حول ما إذا كانت روسيا ونظام الأسد سيفيان" بالتزاماتهما بشأن الهدنة.
وتحدث لافروف قبل كيري وقال أمام مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا "على المرء أن يمتنع عن الغرائز العاطفية وعن الإسراع إلى الميكروفون مباشرة للتعليق على شيء: يجب إجراء تحقيق (في الهجوم على قافلة الإغاثة)."
وأضاف كيري "علينا من أجل استعادة المصداقية للعملية أن نتحرك للأمام في محاولة لوقف تحليق كل الطائرات على الفور في تلك المناطق الرئيسية من أجل عدم تصعيد الوضع وإعطاء فرصة لتدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق."
والمناطق الرئيسية هي الأماكن التي في حاجة إلى مساعدات إنسانية وهي أيضا المناطق التي تواجه بشأنها الحكومة السورية اتهامات بأنها تستهدف المدنيين.
والهدف من اتفاق الهدنة بين الولايات المتحدة وروسيا والذي دخل حيز التنفيذ في 12 سبتمبر أيلول هو تسهيل وصول المساعدات إلى المناطق المحاصرة والسماح للطرفين باستهداف مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية سويا.
وقتل أكثر من 300 ألف شخص وشرد نصف سكان سوريا البالغ عدده 22 مليون نسمة منذ بدء الصراع. واستغل تنظيم الدولة الإسلامية حالة الفوضى في البلاد للسيطرة على أراض.
*احتمال استئناف المساعدات
علقت الأمم المتحدة المساعدات الإنسانية بعد الهجوم على القافلة قبل يومين والذي يقول الهلال الأحمر العربي السوري إنه أدى إلى مقتل نحو 20 شخصا لكن المنظمة الدولية قالت يوم الأربعاء إنها تستعد لاستئناف المساعدات.
وميدانيا تقاتلت قوات المعارضة السورية والقوات الموالية للحكومة على جبهات القتال الرئيسية قرب حلب وحماة وأفادت تقارير بأن غارات جوية قتلت 12 شخصا منهم أربعة مسعفين.
وقال كيري "أؤكد هذا لروسيا. الولايات المتحدة لا تزال تعتقد بأن هناك سبيلا لإحراز تقدم وأن بوسعنا رغم العراقيل والصعوبات وحالة عدم اليقين أن نوفر أفضل سبيل للخروج من المذبحة".
ويعتقد المسؤولون الأمريكيون بأن طائرات روسية هي التي نفذت الهجوم الذي وقع قرب حلب لكن موسكو تنفي ذلك. وقالت وزارة الدفاع الروسية يوم الأربعاء إن طائرة أمريكية بدون طيار كانت في المنطقة عندما تعرضت القافلة للهجوم.
ووزع وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرو وثيقة على مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء تحدد الخطوط الرئيسية لآلية جديدة لمراقبة الهدنة وتطلب من القوى الكبرى مناقشتها في وقت لاحق هذا الأسبوع.
وربما يكون وقف إطلاق النار الأمل الأخير للتوصل إلى تسوية في سوريا قبل أن تترك إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما السلطة في يناير كانون الثاني.
وكان هذا هو التركيز الرئيسي لكيري منذ أشهر. لكن وقف إطلاق النار أصبح تكرارا لجهود سابقة للتهدئة إذ تخلت عنه الأطراف المتحاربة رغم أن الدبلوماسيين ما زالوا يناقشونه.
وقال كيري "أدعو كل بلد للتوقف عن تقديم دعم من أي نوع لأي طرف يحاول تخريب هذه الخطة."
وتدعم موسكو وإيران وفصائل شيعية ومقاتلون من جماعة حزب الله اللبناني الجيش السوري في حين تدعم دول مثل الولايات المتحدة وتركيا والسعودية وقطر المعارضة المسلحة.
ورفض الرئيس الإيراني حسن روحاني طلب كيري يوم الأربعاء وقال لمحطة (إن.بي.سي) نيوز إن مثل هذا التحرك لن يفيد سوى تنظيم الدولة الإسلامية وأعضاء جبهة النصرة.
وقال كيري إن هذه لحظة حقيقة للمعارضة التي قال إنها يجب أن تفعل المزيد لتنأى بنفسها بعيدا عن جبهة النصرة التي ظلت لفترة طويلة جناح القاعدة في سوريا لكنها غيرت اسمها وتنصلت من القاعدة قبل شهرين.
ولا يزال الغرب وموسكو يصنف جبهة النصرة على إنها جماعة إرهابية ولم يشملها اتفاق الهدنة. ويقول معارضون آخرون إن موسكو ودمشق تستغلان هذا لتبرير شن هجمات موسعة.
وتصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا بسبب هجوم في 17 سبتمبر أيلول شنه تحالف تقوده الولايات المتحدة قتل فيه عشرات الجنود السوريين في دير الزور بشرق سوريا. وقالت واشنطن إن الضربة وقعت بالخطأ وكانت تستهدف تنظيم الدولة الإسلامية.
*قصف طوال الليل
وتركز القتال ليل الأربعاء على مناطق تتحكم في مداخل مدينة حلب حيث تطوق قوات الحكومة مدعومة بالقوة الجوية الروسية ومقاتلين مدعومين من إيران منذ يوليو تموز -باستثناء بضعة أسابيع- شرق المدينة الذي يسيطر عليه مسلحو المعارضة.
وقالت وسائل إعلام سورية حكومية ومحطة تلفزيون تابعة لحزب الله اللبناني المتحالف مع الأسد إن الجيش استعاد مصنعا للأسمدة في منطقة الراموسة في جنوب غرب المدينة. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يراقب الحرب تقدم الجيش وقال إن قوات الحكومة تقدمت مقتربة من مجمع قريب للشقق السكنية.
وقال مقاتل من المعارضة في منطقة حلب إن الطائرات استمرت في القصف طوال ليل الأربعاء للتحضير لهجوم. لكنه قال متحدثا لرويترز من حلب عبر الانترنت إن محاولات النظام للتقدم فشلت.
وقال مصدر من الجيش السوري إن جماعات معارضة تحتشد إلى الجنوب والغرب من حلب وفي منطقة شمال حماة. وأضاف أن الجيش سيستهدف بالتأكيد كل هذه التجمعات والحشود.
وقال الجيش إنه شن ضربات جوية على سبع مناطق قرب حلب. وقال المرصد إن ضربة جوية قتلت أربعة مسعفين وتسعة على الأقل من مقاتلي المعارضة في بلدة خان طومان التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة جنوبي حلب. وأضاف المرصد أن المقاتلين القتلى كانوا من تحالف جيش الفتح.
وأضاف أن المسعفين القتلى يتبعون اتحاد منظمات الرعاية الطبية والإغاثة. وأكد الاتحاد في بيان مقتل أربعة على الأقل من موظفيه.
وحققت القوات الحكومية أيضا تقدما كبيرا في محافظة حماة بغرب البلاد.