استمرت الاشتباكات المتفرقة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اليوم الخميس لتبدد الهدوء النسبي في العاصمة الخرطوم، مما زاد من خطر انهيار هدنة بوساطة دولية لمدة أسبوع وسط مخاوف متنامية بشأن أزمة إنسانية.
وقال رئيس جزر القمر والرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي غزالي عثمان إن الحرب في السودان خطيرة ليس على السودان فحسب، بل على القارة الأفريقية بأكملها.
وأشار في حديث خاص للجزيرة إلى أنه على طرفي الصراع في السودان أن يعلموا أنه لا منتصر في هذه الحرب، وأنها لا بد أن تتوقف.
من جهتها، قالت الخارجية الأميركية إن واشنطن رصدت انتهاكات لاتفاق وقف إطلاق النار في السودان وتواصلت مع طرفي النزاع بشأنها.
وأشارت إلى أن هذه الانتهاكات شملت استخدام المدفعية والمقاتلات والمسيرات، مؤكدة أنها لن تتردد في تطبيق العقوبات في حال عدم الالتزام بالهدنة في السودان.
وتم التوصل إلى وقف إطلاق النار -الذي تراقبه السعودية والولايات المتحدة وكذلك الطرفان المتحاربان- بعد معارك استمرت 5 أسابيع في الخرطوم واندلاع أعمال عنف في أجزاء أخرى من السودان، بما في ذلك منطقة دارفور غربي البلاد.
ويدور القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، وأدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وأجبر أكثر من 1.3 مليون شخص على الفرار من ديارهم، كما يهدد بزعزعة استقرار منطقة أوضاعها هشة أصلا.
ويعتمد الجيش -بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان- على القوة الجوية، بينما انتشرت قوات الدعم السريع -التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي- في شوارع الخرطوم واحتمت بها.
ولم يتضح مدى ما حققه أي من الجانبين من تقدم في الأسابيع القليلة الماضية. وقال سكان إن اشتباكات بين الجانبين اندلعت أمس الأربعاء في الخرطوم ومدن أخرى.
وقال منسق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة توبي هاروارد إن جماعة مسلحة حاصرت مدينة زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور، ودعا السلطات إلى استعادة السيطرة على المدينة.
وأضاف أن الاتصالات السلكية واللاسلكية انقطعت، وهاجمت عصابات تجوب المدينة بدراجات نارية مستشفيات ومقرات حكومية ومكاتب منظمات إغاثة وبنوكا ومنازل.
وتحدثت تقارير عن وضع مماثل في مدينة الجنينة (عاصمة ولاية غرب دارفور) التي شهدت أيضا انقطاع الاتصالات بضعة أيام بعد مقتل المئات في هجمات شنتها مليشيات.
هدنة فاشلة
جاء الاتفاق على وقف إطلاق النار السبت الماضي بعد محادثات في جدة بوساطة السعودية والولايات المتحدة، في حين فشلت اتفاقات وقف إطلاق نار سابقة في وضع حد للقتال.
وفي تصريحات صدرت في وقت متأخر مساء أمس الأربعاء، تبادل الجيش وقوات الدعم السريع الاتهامات بانتهاك الاتفاق.
فقد اتهم الجيش قوات الدعم السريع بانتهاك وقف إطلاق النار، وبشن هجمات على دار سك العملة وقواعد جوية تابعة للجيش وعدة مدن إلى الغرب من العاصمة. بينما قالت قوات الدعم السريع إنها اضطرت للدفاع عن نفسها في مواجهة ضربات الجيش البرية والمدفعية والجوية.
المساعدات الإنسانية
إنسانيا؛ قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن المنظمات الإنسانية مستعدة لتقديم المساعدات إلى أكثر من 4 ملايين شخص، لكن العوائق البيروقراطية والمشكلات الأمنية تعرقل التوزيع.
وصرح مسؤول إغاثة لرويترز بأن من بين 168 شاحنة جاهزة لتقديم المساعدات، يتحرك عدد قليل فقط من بورتسودان إلى القضارف وكسلا والجزيرة.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر -في بيان- إن مواد التخدير والمضادات الحيوية والإمدادات الطبية الأخرى التي تبرعت بها يتم توزيعها الآن على 7 مستشفيات في الخرطوم.
وقال رئيس بعثة اللجنة في السودان ألفونسو فيردو بيريز إن "المرافق الصحية في الخرطوم لا يعمل منها حاليا إلا 20%، وهذا انهيار حقيقي لنظام تشتد الحاجة إليه في هذا الوقت".
وأضاف "المستشفيات بحاجة ماسة إلى الماء والكهرباء وبيئة آمنة لمرضاها وموظفيها. نناشد الطرفين احترام عمل أفراد الرعاية الطبية، فأرواح الناس تعتمد عليهم".
ويكافح كثير من السكان للبقاء على قيد الحياة؛ إذ يواجهون انقطاع المياه والكهرباء لفترات طويلة وانهيار الخدمات الصحية وانتشار الفوضى والنهب.
ونزح أكثر من مليون شخص داخل السودان، وفر 319 ألفا إلى دول مجاورة يعاني بعضها من الفقر ومن تاريخ مماثل من الصراعات الداخلية.
(وكالات)