ارتفعت حصيلة شهداء غارات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة اليوم الثلاثاء إلى 15 شهيدا بينهم 3 من قادة سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي مع زوجاتهم وعدد من أطفالهم.
استشهد فلسطينيان في غارة جوية إسرائيلية، عصر الثلاثاء، استهدفت سيارة في خان يونس بجنوب قطاع غزة، وفق وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، ليرتفع عدد شهداء القطاع منذ فجر اليوم إلى 15 شهيدا.
وقال مصدر في الوزارة “استشهد مواطنان في قصف جوي لمركبة مدنية، في بلدة القرارة شرق مدينة خان يونس، وتم انتشال جثتيهما متفحمتين ونقلتا إلى المستشفى”.
وأفاد جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن إحدى مقاتلاته قصفت “خلية فلسطينية من مطلقي القذائف المضادة للدروع” جنوبي غزة.
وقال الاحتلال في بيان نشره على تويتر: “هاجمت مقاتلة إسرائيلية قبل وقت قصير خلية من مطلقي القذائف المضادة للدروع في خان يونس جنوبي قطاع غزة.. التفاصيل لاحقا”.
يأتي ذلك في وقت تسود حالة من الترقب في إسرائيل تحسبا لإطلاق صواريخ من قطاع غزة، ردا على عدوان نفذته طائرات الاحتلال، فجر الثلاثاء، على القطاع أسفر عن استشهاد 13 فلسطينيا على الأقل، بينهم ثلاثة من أبرز القادة العسكريين في حركة الجهاد الإسلامي.
وتأتي العملية العسكرية في غزة بعد سلسلة توترات أمنية خلال الأسابيع الماضية، كان آخرها قبل أقل من أسبوع تصعيد بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي انتهى بهدنة بعد تدخلات خارجية.
وأعلنت وزارة الصحة في القطاع الخاضع لسيطرة حركة حماس استشهاد 13 شخصا وإصابة نحو 20 آخرين بجروح مختلفة “جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة”.
وقال بيان وزارة الصحة أن هناك نساء وأطفالا بين الضحايا، وأن “بين المصابين حالات حرجة”.
ونعت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، في بيان “الشهيد القائد جهاد الغنام، أمين سرّ المجلس العسكري في سرايا القدس، والشهيد القائد خليل البهتيني، عضو المجلس العسكري وقائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس، والشهيد القائد طارق عز الدين، أحد قادة العمل العسكري بسرايا القدس في الضفة الغربية”.
ووصف البيان الغارات الإسرائيلية بـ”عملية اغتيال صهيونية جبانة”، مشيرا الى استشهاد زوجات القادة وأولادهم أيضا في العملية.
وذكر متحدث باسم الجيش الإسرائيلي ريتشارد هيشت لصحافيين أن أربعين طائرة شاركت في الغارات الإسرائيلية التي نفذت في مدينة غزة وفي منطقة رفح قرب الحدود المصرية، مضيفا “حققنا ما كنا نريد تحقيقه”.
وقال الجيش إن القادة الثلاثة المستهدفين من أبرز مخططي الحركة، وهم متورطون في عمليات استهدفت أخيرا إسرائيليين.
بين الشهداء أيضا رئيس مجلس إدارة مستشفى الوفاء الدكتور جمال خصوان، الذي يحمل أيضا الجنسية الروسية، وقد استشهد مع زوجته ونجله، وقد أعربت ممثلية الاتحاد الروسي في فلسطين عن أسفها لذلك.
وخرجت بعد ظهر الثلاثاء جنازات الشهداء التي شارك فيها آلاف من الفلسطينيين في غزة.
من جانبه أكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي والمتحدث باسمها داود شهاب “أن المقاومة تعتبر أن كل المدن والمستوطنات في العمق الصهيوني ستكون تحت نيرانها”.
وقالت حركة الجهاد “كل السيناريوهات والخيارات مفتوحة أمام المقاومة للردّ على جرائم الاحتلال”.
وجاء في بيان عسكري للغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية، “على الاحتلال وقادته الذين بادروا بالعدوان أن يستعدوا لدفع الثمن بإذن الله”.
وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في بيان إن “اغتيال القادة بعملية غادرة لن يجلب الأمن للمحتل بل المزيد من المقاومة”، مضيفا “العدو أخطأ في تقديراته وسيدفع ثمن جريمته”.
مجزرة مروعة
ودان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتيه “المجزرة المروعة ضد أهلنا في قطاع غزة”، معتبرا ذلك “إرهاب دولة منظما وامتدادا لنكبة عام 48”.
في باريس، شددت فرنسا على “التزامات حماية المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني التي تقع على عاتق إسرائيل”، بعد الغارات.
وأعربت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية آن-كلير لوجاندر عن “قلقها العميق إزاء التصعيد المستمر في غزة”، ودعت “جميع الأطراف إلى مواصلة العمل لإعادة الأفق السياسي بهدف تحقيق سلام عادل ودائم”.
ودانت مصر “التصعيد”، رافضة بالكامل “مثل تلك الاعتداءات التي تتنافى مع قواعد القانون الدولي الشرعية الدولية”.
كما دانت وزارة الخارجية الأردنية “العدوان” الإسرائيلي، وأكدت “ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكلٍ فوري وفاعل لوقفه”.
ودان المنسّق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينيسلاند “مقتل مدنيين في الضربات الجوية الإسرائيلية”، معتبرا أن “هذا غير مقبول”.
وأمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أصر أفيشاي كابلان وهو من قسم القانون الدولي في الجيش الإسرائيلي على أن إسرائيل” توجه هذه الهجمات فقط ضد أهداف عسكرية وتتخذ كل الاحتياطات الممكنة للتخفيف من الضرر على المدنيين”.
وقال كابلان “اليوم، بعد أشهر من الهجمات على المدنيين الإسرائيليين، بدأت إسرائيل عملية +درع وسهم+ ضد الجهاد الإسلامي والتي تتم وفقا لقانون النزاعات المسلحة الدولي”.
من جهته، أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه من التصعيد، داعيا لاحترام القانون الدولي الإنساني.
وقال الاتحاد، في بيان، “لدينا قلق بالغ من التصعيد الأخير في غزة بعد الغارات الجوية. نأسف للخسارة في أرواح المدنيين بمن فيهم الأطفال”، داعيا إلى “احترام القانون الإنساني الدولي، وحماية أرواح المدنيين في جميع الظروف”.
وكانت الجبهة بين إسرائيل وقطاع غزة قد هدأت بعدما شهدت الأسبوع الماضي قصفا متبادلا أوقع شهيدا وخمسة جرحى في الجانب الفلسطيني وثلاثة جرحى في الجانب الإسرائيلي. وجاء بعد استشهاد القيادي في حركة الجهاد خضر عدنان (45 عاماً) في سجن إسرائيلي نتيجة إضراب عن الطعام استمر نحو ثلاثة أشهر.
وفي آب/ أغسطس 2022، أدت اشتباكات مسلحة استمرت لثلاثة أيام بين إسرائيل والجهاد الإسلامي إلى استشهاد 49 فلسطينياً، بينهم 12 من أعضاء الجهاد، وفقا للحركة، وما لا يقلّ عن 19 طفلا، وفقا للأمم المتحدة.
إغلاق شامل على معابر القطاع
إلى ذلك، أغلقت سلطات الاحتلال، فجر الثلاثاء، معبري “إيرز” المخصص للأفراد و”كرم أبو سالم” التجاري مع قطاع غزة.
وقال بيان لمنسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، غسان عليان، “يعلن منسق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية إغلاق معبري إيرز وكرم أبو سالم لتنقل الأفراد والبضائع من قطاع غزة إلى إسرائيل وبالعكس”.
وأضاف: “يدخل القرار حيز التنفيذ بشكل فوري وحتى إشعار آخر”.
ويصل معبر بيت حانون “إيرز” بين إسرائيل وقطاع غزة، ويستخدم لعبور الأفراد.
و”كرم أبو سالم” هو المعبر التجاري الوحيد لغزة، ومن خلاله يتم إدخال مواد البناء والسلع والوقود والمواد الغذائية التي يحتاجها القطاع، ومن شأن إغلاقه التسبب في تفاقم أزمة اقتصادية ومعيشية كبيرة في القطاع.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة عن تعليق الدوام للمؤسسات التعليمية، وتأجيل اختبارات الوظائف التعليمية المقررة اليوم حتى إشعار آخر، وذلك في ضوء عدوان الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف أن الدوام في باقي المؤسسات الحكومية يكون بالحد الأدنى وفق تعليمات رئيس المؤسسة، بما يحقق تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وضمان الحفاظ على القيام بالدور المطلوب.
اتصالات وتحركات لوقف التصعيد
أكد الخارجية الأردنية، في تصريح أوردته وكالة الأنباء الأردنية (بترا) الثلاثاء، ضرورة “تحرك المجتمع الدولي بشكلٍ فوري وفاعل لوقف هذا العدوان، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني في القطاع وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة كافة”.
وشددت على أن “استمرار العدوان والانتهاكات بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والاقتحامات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية المحتلة، يهدد بدوامات أوسع من العنف الذي سيدفع الجميع ثمنه”.
وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة إن “الأردن يواصل اتصالاته وتحركاته من أجل الوقف الفوري لهذا التصعيد الخطير، واستعادة الهدوء، والحؤول دون تفجر دوامات العنف”.
(وكالات)