قال مراسل الجزيرة إن سلاح الجو السوداني شن -اليوم الثلاثاء- غارات جوية على مناطق في الخرطوم بحري، بينما أعلنت قوات الدعم السريع إسقاط طائرة من طراز ميغ تابعة للجيش.
يأتي هذا في حين كشف المبعوث الأممي للسودان عن موافقة الجيش والدعم السريع على إرسال ممثلين إلى محادثات تُعقد في السعودية، بينما تحاول عدة دول أفريقية التوسط بين طرفي الأزمة. وفي الوقت نفسه تتواصل عمليات إجلاء الرعايا الأجانب في البلاد.
وأكد مراسل الجزيرة في الخرطوم بحري، محمد الطيب، سماع دوي انفجارات قوية وأصوات أسلحة ثقيلة وخفيفة وتحليق للطيران وسط الخرطوم ومحيط القصر الرئاسي.
من جانبها، قالت قوات الدعم السريع إنها تمكنت من إسقاط طائرة من طراز ميغ تابعة لما تسميها بالقوات الانقلابية في إشارة إلي الجيش السوداني مؤكدة أنها ستواجه أي تعد من الجيش على مواقع تمركز قواتها أو على مساكن المواطنين العزل.
رسالة البرهان للسيسي
سياسيا، نقل دفع الله الحاج مبعوث رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان الثلاثاء، رسالة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بشأن تطورات الأوضاع في بلاده.
جاء ذلك خلال لقاء مبعوث البرهان مع وزير الخارجية المصري سامح شكري في العاصمة القاهرة، وفق بيان للخارجية المصرية.
ووفق البيان المصري، فقد نقل الحاج إلى وزير الخارجية رسالة شفهية من رئيس مجلس السيادة السوداني إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي حول تطورات الأوضاع في السودان على ضوء العمليات العسكرية الجارية منذ أكثر من أسبوعين.
وبحسب البيان، قدم المبعوث السوداني الشكر لمصر حكومةً وشعباً على استقبالها بكل مودة وترحاب للمواطنين السودانيين الفارين من نيران الحرب.
وخلال اللقاء مع المبعوث السوداني، أكد وزير خارجية مصر موقف بلاده الثابت الداعي إلى ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار وأهمية التزام جميع الأطراف بتثبيت الهدنة وعدم خرقها؛ لإتاحة الفرصة لعمليات الإغاثة الإنسانية، وبدء حوار جاد يستهدف حل الخلافات القائمة.
قبول بالحوار
وفي ذات السياق، قال مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتس -في تصريحات لوكالة أسوشيتد برس الاثنين- إن طرفي النزاع وافقا على إيفاد ممثلين لإجراء مفاوضات قد تعقد في السعودية.
وأوضح بيرتس أن المفاوضات ستركز في البداية على إرساء وقف لإطلاق النار "مستقر وموثوق" ويشرف عليه مراقبون "محليون ودوليون". لكنه نبّه إلى أن ترتيبات عقد هذه المحادثات لا تزال قيد الإنجاز.
وقال "من المهم التواصل مع كلا الطرفين، وجعلهما يلتزمان بوقف إطلاق النار حتى يتضح أن القتال والمضي قدما، ومحاولة تحقيق انتصارات على الأرض، هي في الواقع انتهاك لوقف إطلاق النار" .
وأضاف أن أحد الاحتمالات هو إنشاء آلية لمراقبة وقف إطلاق النار تضم مراقبين سودانيين وأجانب، لكن يجب التفاوض على ذلك.
وقال إن المحادثات بشأن ترسيخ وقف إطلاق النار يمكن أن تتم في السعودية أو جنوب السودان، مضيفًا أن إجراءها في الرياض قد يكون أسهل من الناحية اللوجستية، لأنها تربطها علاقات وثيقة بالجانبين.
لكنه استدرك قائلا "حتى المحادثات في السعودية تنطوي على تحديات، لأن كل جانب يحتاج إلى ممر آمن عبر أراضي الطرف الآخر للوصول إلى مقر المحادثات. وهذا صعب للغاية في حالة انعدام الثقة".
ولم يصدر أي تعقيب فوري من الجانب السعودي بشأن احتمال استضافة محادثات بين ممثلين عن البرهان وحميدتي، كما لم يصدر أي إعلان رسمي من جانب الأمم المتحدة.
وفي آخر التطورات الميدانية، قالت قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي إنها تمكنت من إسقاط طائرة من طراز ميغ تابعة "للقوات الانقلابية".
وأكدت أنها ستواصل "حسم أي تعد من الانقلابيين على مواقع تمركز قواتنا أو على مساكن المواطنين العزل".
جهود أفريقية
وفي سياق متصل، قال رئيس الاتحاد الأفريقي رئيس جمهورية جزر القمر غزالي عثماني -خلال اتصال هاتفي مع رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان- إن الاتحاد سيطلق مبادرة لمعالجة الوضع في السودان، وإنه يأمل أن يقبلها طرفا النزاع.
وحسب بيان لمجلس السيادة السوداني، فإن رئيس الاتحاد الأفريقي بحث مع البرهان خلال الاتصال جهود حل الأزمة، ودعا إلى التهدئة ووقف التصعيد.
من جهته، قال الرئيس الكيني وليام روتو إنه بحث مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن سبل تخفيف الأزمة الإنسانية وإنهاء الصراع في السودان. وأضاف أن الوضع الإنساني في السودان يزداد سوءا.
وأوضح أن كينيا ستعمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة والإيغاد والاتحاد الأفريقي والوكالات الأممية والدول الصديقة من أجل تنسيق الاستجابة الإنسانية اللازمة.
وفي أول تعليق له على الأوضاع في السودان، أكد الرئيس الإريتري أسياس أفورقي ضرورة دمج قوات الدعم السريع داخل الجيش السوداني لطي الخلافات.
وقال أفورقي -في مقابلة مع التلفزيون الإريتري- إن وأد الخلافات ضروري لحماية سيادة السودان، مشددا على ضرورة إيقاف الاقتتال الدائر في السودان، داعيا في الوقت نفسه أطراف النزاع لحل الخلافات بالتحاور تحت رعاية دول الجوار، وعدم فتح باب التدخلات الأجنبية.
الموقف الأميركي
وفي واشنطن، أكد فيدانت باتيل نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية أن واشنطن تواصل مطالبة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بإنهاء الاقتتال في السودان.
وكرر باتيل تحذير الخارجية للأميركيين من السفر إلى السودان في ظل الأزمة الحالية.
بدورها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جون-بيير إن واشنطن تواصل إجراء محادثات مع طرفي النزاع في السودان لإنهاء القتال بشكل فوري ومن دون شروط.
وأضافت جون-بيير في مؤتمر صحفي أن الوضع في السودان متقلب، وأن الولايات المتحدة تركز على مساعدة الأميركيين الراغبين في المغادرة.
وقال قائد القوات البحرية بالقيادة الوسطى الأميركية براد كوبر للجزيرة إن ما يجري في السودان خطير ومؤسف للغاية، وإن هدف الولايات المتحدة حاليا أن تراقب وتنسق بشأن التطورات بالسودان.
عمليات الإجلاء
وعلى مدى الأيام الماضية، أجلى العديد من الدول الغربية والعربية رعاياها توازيا مع جهود دبلوماسية سعيا للحلّ.
ووصلت سفينتان أميركية وسعودية إلى المملكة أمس الاثنين حاملتين نحو 500 مدني من جنسيات عدّة من السودان، وفق ما أفادت به مصادر سعودية.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية أمس الاثنين إن الولايات المتحدة أجلت أكثر من 700 شخص من القتال العنيف في السودان خلال الأيام الثلاثة الماضية.
بدورها، أعلنت بريطانيا انتهاء مهمة الإجلاء الجوي من السودان، حيث من المتوقع أن يصل ركاب آخر رحلات العودة إلى بريطانيا في غضون ساعات.
ومن المتوقع أن تهبط في قبرص اليوم الثلاثاء رحلتان نظمهما سلاح الجو الملكي، وعلى متنهما مواطنون بريطانيون وأطباء سودانيون يعملون في هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
من جانبها، قالت وزارة الدفاع الروسية في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء إن موسكو أجلت أكثر من 200 من رعايا روسيا وجيرانها من السودان.
وأوضحت -عبر تطبيق تليغرام- أن 4 طائرات "إي إل-76" تابعة للقوات الجوية الروسية "تنقل أكثر من 200 شخص من جمهورية السودان إلى روسيا الاتحادية".
(الجزيرة)