في أثناء هدنة كثرت خروقها، تواترت التصريحات بشأن إجلاء الرعايا الأجانب والبعثات الدبلوماسية من السودان، فما دلالة تكثيف جهود الإجلاء؟ وكيف يمكن فهم سيناريوهات الحرب في الفترة القادمة في ظل الإصرار على إجلاء الدبلوماسيين؟
وكان بيان للجيش السوداني قد كشف أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين، ستجلي دبلوماسييها ورعاياها بطائرات نقل عسكرية تابعة لقواتها المسلحة من الخرطوم، وأنه يتوقع الشروع في ذلك فورا.
وفي تفسير الخبراء لهذه الخطوة، رأى الكاتب والمحلل السياسي حافظ كبير أن توجه الدول إلى إجلاء رعاياها يشير إلى موجة العنف المقبلة التي سيواجهها السودان، معتبرا أن هذه العمليات تدل على أن الأوضاع غير مستقرة وأنها آخذة في التصعيد بدلا من أن تكون الهدنة فرصة لتوقيع وقف دائم لإطلاق النار.
وأضاف في تصريحات لبرنامج "ما وراء الخبر" في قناة الجزيرة أن عمليات الإجلاء تزيح الغطاء الذي يمكن أن يشكله وجود البعثات الدبلوماسية في السودان عبر التواصل مع دولها وبذل جهود للتسوية، فهذه المحاولات -بعد رحيل البعثات الدبلوماسية- ستكون صعبة للغاية وسيبقى الشعب السوداني يواجه لوحده مصيرا مجهولا وسط استمرار الانقسام في المكون العسكري.
من ينفّذ الإجلاء؟
وفيما يتعلق بالموقف الأميركي أوضح سفير الولايات المتحدة السابق في السودان تيموثي كارني أن الجيش الأميركي هو من يكون المسؤول عن تنفيذ عمليات الإجلاء للرعايا الأميركيين، مشيرا إلى أن السفارات الأميركية مطلوب منها إصدار تقرير سنويا حول عملية إجلاء الرعايا والمواطنين الأميركيين، وهو يشمل احتمال إجلاء رعايا لدول شريكة لأميركا.
وأشار إلى أن تسريع وتيرة إجلاء الرعايا يهدف إلى طمأنة الناس وإظهار مدى حرص أميركا على سلامة مواطنيها، ولكنه رأى أنه من غير الآمن نقل عدد كبير من الأشخاص إلى نقطة إجلاء قد تكون بدورها غير آمنة كما هو الوضع الحالي في الخرطوم.
في المقابل، رأى الباحث في مركز الخرطوم للحوار الرشيد المعتصم أن طول أمد المعارك في السودان جعل الدول والبعثات الدبلوماسية تجلي رعاياها، ولكنه رأى أن دائرة الخطر في الخرطوم لا تتعدى 15 كيلومترا، مؤكدا أن المعارك التي تقع في "دائرة الخطر" في الخرطوم تعد معارك متقطعة، ولذلك فلا تشكل خطرا كبيرا.
يذكر أن مطار الخرطوم الدولي أعلن تمديد إغلاق المجال الجوي السوداني أمام حركة الطيران حتى 30 أبريل/نيسان الجاري. كما هدد الجيش السوداني بأنه سيتعامل بحسم، مع أي اختراق لأجواء البلاد.
وكانت قوات الدعم السريع أعلنت استعدادها لفتح جميع مطارات السودان أمام حركة الملاحة الجوية بشكل جزئي، لتمكين الدول التي تريد إجلاء رعاياها من نقلهم بسلام.
وأضافت قوات الدعم السريع أن الخطوة تأتي تماشيا مع الهدنة الإنسانية التي أعلنتها لـ72 ساعة، والتي بدأت صباح أمس الجمعة، سعيا لتسهيل حركة المواطنين والمقيمين، وفق قولها.
انطلاق عمليات الإجلاء
وفي أول مراحل تنفيذ خطط إجلاء الرعايا والدبلوماسيين الأجانب من السودان، أعلنت الخارجية السعودية إجلاء 91 مواطنا سعوديا، و66 شخصا من رعايا دول أخرى، بينهم دبلوماسيون.
وبثت وسائل إعلام سعودية صورا لوصول مواطنين سعوديين، وعدد من رعايا الدول الأخرى في السودان، إلى جدة، على متن إحدى السفن الحربية من الأسطول البحري السعودي.
ومع تصريحات دول مثل اليابان وبريطانيا وفرنسا وكوريا الجنوبية والسويد وسويسرا وفرنسا والعراق والأردن والكويت وفلسطين بشأن إجلاء رعاياها من السودان، قالت السفارة الأميركية في السودان، إنه ليس من الآمن حاليا إجلاء الرعايا الأميركيين، وإن هذه العملية محفوفة بالمخاطر.
وأضافت السفارة أن لديها معلومات غير كاملة عن قوافل كبيرة تغادر الخرطوم متوجهة إلى بورتسودان، وأن السفارة غير قادرة على تقديم المساعدة لها. ونصح البيان الرعايا الأميركيين في السودان بالبقاء في منازلهم، وتجنب التوجه إلى سفارة بلادهم.
(الجزيرة)