يبحث مجلس الأمن الدولي غدا الخميس التطورات في الأقصى بناء على طلب فلسطيني أردني، وبينما توالت الإدانات العربية والدولية لاقتحام الأقصى؛ عبر الأمين العام للأمم المتحدة عن صدمته مما جرى.
يأتي هذا في وقت توعدت فيه فصائل المقاومة المسلحة في قطاع غزة اليوم الأربعاء بالرد على الاعتداء الإسرائيلي على المسجد الأقصى والمرابطين فيه. في المقابل، دعا وزيران في الحكومة الإسرائيلية لتصعيد عسكري في غزة والضفة الغربية.
وأكد مندوب فلسطين في الأمم المتحدة رياض منصور أن ما فعلته سلطات الاحتلال غير قانوني، قائلا إن المسجد الأقصى خط أحمر، ونطلب من مجلس الأمن الدولي تحمل مسؤولياته في هذا الشأن.
وأضاف منصور -في مؤتمر صحفي- أن سلطات الاحتلال لا تملك أي حق على الإطلاق في أن تفرض على الناس وقتا للصلاة.
وأكد أنه لن يتم فرض التقسيم الزماني والمكاني الذي يسعى إليه الاحتلال والمستوطنون في المسجد الأقصى.
بدوره، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه يشعر بالصدمة إزاء عنف قوات الأمن الإسرائيلية في الأقصى.
وكان المبعوث الأممي إلى الشرق الأوسط تور وينسلاند قال في وقت سابق إنه فزع من صور العنف داخل المسجد القبلي في الأقصى.
ودعا القادة من جميع الأطراف إلى رفض الخطاب التحريضي والأعمال الاستفزازية، والتصرف بمسؤولية، والامتناع عن الخطوات التي يمكن أن تصعد التوترات.
وأشار المبعوث الأممي إلى أن ما وصفه بإطلاق الصواريخ العشوائية من غزة أمر غير مقبول، ويجب أن يتوقف، حسب تعبيره.
اقتحام واعتقالات
واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم الأربعاء المسجد الأقصى، واعتدت على المعتكفين داخله، واعتقلت المئات منهم، في حين دعا وزيران في حكومة بنيامين نتنياهو للتصعيد ضد الفلسطينيين.
وقالت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين إن قوات الاحتلال اعتقلت أكثر من 500 فلسطيني خلال اقتحامها المسجد الأقصى، في حين قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن عشرات من المعتكفين في المسجد أصيبوا.
وجرى الاقتحام قبيل بدء عيد الفصح اليهودي، الذي يتم الاحتفال به من الخامس إلى 12 أبريل/نيسان الجاري، وبررته سلطات الاحتلال بوجود من وصفتهم بالمحرضين داخل المسجد.
وأظهرت مقاطع فيديو اعتداء الشرطة الإسرائيلية بالضرب على المعتكفين -وبينهم نساء- في باحات المسجد الأقصى، وتكبيل أرجل المعتقلين.
وعقب إخراج المعتكفين والمصلين، اقتحم مستوطنون باحات الأقصى تحت حراسة مشددة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، وكانت جماعات يهودية متطرفة دعت إلى اقتحام الأقصى وذبح القرابين داخل باحاته بالتزامن مع عيد الفصح اليهودي.
صواريخ وغارات
وضمن الردود الفلسطينية على اقتحام المسجد الأقصى والاعتداء على المعتكفين داخله، تظاهر عشرات الشبان الفلسطينيين مساء اليوم الأربعاء قرب السياج الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل.
وردد المتظاهرون تكبيرات وشعارات منها "بالروح بالدم نفديك يا أقصى"، و"على القدس ريحين شهداء بالملايين".
بدورها، أكدت فصائل المقاومة المسلحة في غزة أن الاعتداء الإسرائيلي على المسجد الأقصى والمرابطين فيه سيقابل بـ"رد قادم لا محالة".
وقالت الفصائل -في تصريح مشترك- إن الاعتداء المتواصل على المسجد الأقصى واقتحامات المتطرفين والتهجم على المرابطين بالضرب والتكسير والاعتقال؛ عدوان صهيوني خطير يستوجب هبة شعبية وفصائلية شاملة لإشعال الأرض الفلسطينية المحتلة نارًا ولهيبًا تحت أقدام الصهاينة.
وشددت على "إن ظن الاحتلال أن اقتحام الصهاينة ساحات الأقصى والاعتداء على المرابطين فيه قد يمر مرور الكرام فهو واهم".
وصباح اليوم الأربعاء، أطلقت المقاومة الفلسطينية نحو 10 صواريخ باتجاه المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة.
وأصاب أحد الصواريخ مصنعا في مستوطنة سديروت، وتبنت القصف ألوية الناصر صلاح الدين.
ورد الجيش الإسرائيلي بغارات جوية وقصف مدفعي استهدف مواقع للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وحمل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مسؤولية إطلاق الصواريخ باتجاه أهداف إسرائيلية.
تهديدات إسرائيلية
في هذه الأثناء، دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الحكومة إلى الرد بقوة على إطلاق صواريخ من غزة وليس بقصف أماكن غير مأهولة، وفق قوله.
وأكد بن غفير أنه دعا لعقد اجتماع طارئ للكابينت -الذي لم يعقد منذ شهرين- لاعتماد حملة اغتيالات ضد قادة المقاومة في قطاع غزة.
أما وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش فدعا الجيش الإسرائيلي إلى شن عملية "السور الواقي 2" في الضفة الغربية تبدأ في نابلس وجنين.
وأضاف سموتريتش أنه يتوجب تغيير معادلة الرد تجاه غزة عبر ضربات موجعة أكثر.
من جهته، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي إن الأحداث في الأقصى زادت التوتر في غزة والضفة، مضيفا أن أي صاروخ يطلق نحو إسرائيل سيقابل برد مناسب وفعال.
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فقال إن حكومته تعمل على الحفاظ على الوضع الراهن وتهدئة الموقف بعد الأحداث التي شهدها المسجد الأقصى.
وفي الضفة الغربية، أعلن الجيش الإسرائيلي حالة تأهب وجاهزية على كافة الجبهات والساحات عشية عيد الفصح اليهودي، كما أعلن تعزيز قواته على الطرقات في الضفة.
إدانات فلسطينية وعربية
وفي ردود الفعل، نددت الرئاسة الفلسطينية باقتحام المسجد الأقصى، وحذرت من أن تجاوز الاحتلال الخطوط الحمراء في الأماكن المقدسة سيؤدي إلى انفجار كبير.
من جهته، قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إن ما يجري في المسجد الأقصى المبارك جريمة غير مسبوقة ولها ما بعدها، داعيا الفلسطينيين في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر للتوجه إلى الأقصى لحمايته.
بدوره، قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة إن ما يجري في المسجد الأقصى المبارك يشكل تهديدا جديا للمقدسات، مضيفا أنه على الشعب الفلسطيني أن يكون مستعدا للمواجهة الحتمية في الأيام القادمة، على حد تعبيره.
عربيا، دانت جامعة الدول العربية اقتحام الأقصى، وشددت على أن هذه التصرفات غير المسؤولة تمس المشاعر الدينية لملايين من المسلمين.
ودعت الجامعة في بيان المجتمع الدولي للتحرك بسرعة من أجل دفع إسرائيل لوقف هذا التصعيد الخطير.
وحذرت من مغبة تصدير الأزمة السياسية الداخلية في إسرائيل إلى الشعب الفلسطيني، مؤكدة أن التوجهات المتطرفة التي تتحكم في سياسة الحكومة الإسرائيلية سوف تقود إلى مواجهاتٍ واسعة مع الفلسطينيين إذا لم يوضع حدٌّ لها.
كما نددت كل من قطر والسعودية ومصر والأردن والكويت والمغرب وتونس ولبنان والعراق وليبيا والإمارات والجزائر والمغرب بالاقتحام الإسرائيلي الجديد للمسجد الأقصى، ودعا الأردن ومصر إلى اجتماع طارئ للجامعة العربية لبحث التصعيد الإسرائيلي.
وإسلاميا، استنكرت تركيا وإيران اقتحام المسجد الأقصى.
مواقف دولية
وفي بروكسل، أبدت المفوضية الأوروبية استياءها من اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، مطالبة بالحفاظ على الوضع القانوني للأماكن المقدسة، في حين حذر وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا بالخارجية البريطانية من أن ذلك قد يؤجج العنف.
وقال الناطق باسم المفوضية بيتر ستانو في مؤتمر صحفي بالعاصمة البلجيكية بروكسل إن الاتحاد الأوروبي يتابع عن كثب مجريات الأحداث في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأعرب عن بالغ قلق الاتحاد الأوروبي إزاء تصاعد التوتر في القدس.
بدورها، شددت بريطانيا على ضرورة "احترام حرمة ومكانة الأماكن المقدسة وحمايتها"، ودعت إلى وقف فوري للتصعيد إثر الاقتحام الإسرائيلي للمسجد الأقصى في القدس المحتلة فجر اليوم الأربعاء.
وقال وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني طارق أحمد في تغريدة على تويتر "صدمت من الاستيقاظ على رؤية المشاهد المزعجة لغارة قوات الأمن الإسرائيلية على المسجد الأقصى بالقدس، مما أدى إلى إصابة العديد من المصلين خلال شهر رمضان".
من جانبه، قال منسق الاتصالات الإستراتيجية في البيت الأبيض جون كيربي إن على الإسرائيليين والفلسطينيين التخفيف من حدة التوترات، مؤكدا أن واشنطن تشعر بقلق بالغ بسبب العنف المستمر بين الجانبين، على حد قوله.
وأعرب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو عن قلق بلاده من الخطاب التصعيدي الصادر من الحكومة الإسرائيلية، حسب تعبيره.
وتعليقا على أحداث الأقصى، قال رئيس الوزراء الكندي إن بلاده تريد أن ترى تغيرا في نهج الحكومة الإسرائيلية.
(الجزيرة)