توقع الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف أن تضطر بلاده إلى التوغل في أوكرانيا واحتلال العاصمة كييف إذا لم يتم إنشاء مناطق عازلة منزوعة السلاح، وسط أنباء عن سعي الكرملين للتعاقد مع 400 ألف جندي هذا العام معظمهم من المحاربين القدماء والريفيين.
وقال ميدفيديف وهو نائب رئيس مجلس الأمن القومي -اليوم الجمعة- إن موسكو تريد إنشاء مناطق عازلة منزوعة السلاح داخل أوكرانيا حول المساحات التي ضمتها، مضيفا أنه قد يكون من الضروري التوغل في عمق أوكرانيا إذا لم يتحقق ذلك.
وحذر من أن عواقب اصطدام أقوى جيوش العالم ستكون رهيبة، مشيرا الى أن روسيا لا تحارب النظام الأوكراني بل جيش حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي يبلغ تعداده 3 ملايين و600 ألف فرد، وفق تعبيره.
وأكد ميدفيديف -وهو حليف للرئيس الروسي فلاديمير بوتين- أن روسيا بحاجة إلى ممرات منزوعة السلاح حول المناطق التي تطالب بها، بينما تقول أوكرانيا إنها لن تقبل أبدا بالسيطرة الروسية على تلك المناطق.
وأضاف في مقابلة إعلامية على تليغرام "نحتاج إلى تحقيق جميع الأهداف التي وضعت لحماية أراضينا، أي أراضي روسيا الاتحادية".
وأردف "نحتاج إلى التخلص من جميع الأجانب الموجودين هناك بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وإنشاء منطقة عازلة يحظر فيها استخدام أي نوع من الأسلحة ذات المدى المتوسط والقصير، أي مساحة من 70 إلى 100 كيلومتر يتم نزع سلاحها".
وقال إن روسيا ستضطر إلى التوغل أكثر في أوكرانيا إذا لم يتم إنشاء مثل هذه المناطق، لتستولي على العاصمة كييف أو حتى مدينة لفيف في غرب أوكرانيا التي بدورها تقول إنها لن تقبل أبدا باحتلال روسيا لأراضيها.
وتسيطر روسيا حاليا على ما بين 17% و18% من أوكرانيا، بما يشمل مساحة شاسعة من الأراضي في الشرق والمسافة على طول ساحل آزوف والبحر الأسود وكذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014.
هجوم مرتقب للقوات الأوكرانية
وبالتوازي مع ذلك، نقلت وكالة بلومبيرغ عن مسؤولين أميركيين قولهم إن القوات الأوكرانية قد تسعى في هجومها المرتقب إلى قطع الجسر الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم.
وأضافت الوكالة -نقلا عن مسؤولين مطلعين- أن الكرملين يسعى للتعاقد مع 400 ألف جندي هذا العام معظمهم من المحاربين القدماء وسكان القرى.
وحسب تلك المصادر، فإن حملة التعاقد الطموحة ستسمح للكرملين بتجنب التجنيد الإجباري مع قرب حملة الرئيس فلاديمير بوتين لإعادة انتخابه.
كما نقلت الوكالة عن مسؤولين غربيين وأوكرانيين قولهم إن القوات الروسية التي حُشدت في الخريف، وتعدادها 300 ألف جندي، جميعها موجودة في ساحة المعركة، ورغم ذلك فإن تلك القوات لم تتمكن من الاستيلاء على أي مدينة رئيسية في الأشهر الأخيرة.
وأضافت الوكالة أن الكرملين تراجع عن خططه لشن هجوم آخر في أوكرانيا هذا الربيع بعد فشل الاستحواذ على مزيد من الأراضي، وأن تركيز القوات الروسية سينصب على عرقلة الهجوم الأوكراني المتوقع أن يبدأ قريبا.
تزويد أوكرانيا بالذخيرة والصواريخ
من ناحية أخرى، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الاتحاد الأوروبي سيسرّع تزويد أوكرانيا بالذخيرة والصواريخ.
وأضاف ماكرون في ختام القمة الأوروبية في بروكسل أن القمة جددت دعمها لأوكرانيا كلما تطلب الأمر ذلك، مشيرا إلى التشديد على ضرورة عدم الإفلات من العقاب لمرتكبي جرائم الحرب.
وكان قادة الاتحاد الأوروبي قد صدقوا على خطة تهدف إلى تزويد أوكرانيا بمليون قذيفة خلال 12 شهرا.
وقد وافق وزراء الدفاع والخارجية الأوروبيون قبل ذلك على خطة بقيمة ملياري يورو لتموين أوكرانيا بمليون قذيفة مدفعية تقتطع من مخزونات دولهم.
إسبانيا: على العالم أن يستمع للصين
وفي السياق ذاته، قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز -في مؤتمر صحفي في بروكسل اليوم الجمعة- إن العالم ينبغي أن يستمع لصوت الصين من أجل إيجاد تسوية للحرب في أوكرانيا.
وقال سانشيز إن "الصين لاعب عالمي، لذا بطبيعة الحال يجب أن نستمع إلى صوتها لنرى إذا كان بإمكاننا وضع حد لهذه الحرب، وبإمكان أوكرانيا استعادة وحدة أراضيها".
ومن المقرر أن يزور سانشيز العاصمة الصينية في 31 مارس/آذار لإجراء محادثات مع الرئيس شي جين بينغ.
ومن المتوقع أن يركز الاجتماع بين الزعيمين في الغالب على الصراع الدائر في أوكرانيا، إذ وصفت الصين نفسها بأنها "غير منحازة" وقدمت خطة سلام من 12 نقطة بينما دعت إلى وقف شامل لإطلاق النار.
وساند سانشيز علانية اقتراح السلاح الذي طرحه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي يتضمن مطالب بإعادة الأراضي الأوكرانية إلى الوضع الذي كانت عليه قبل ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014.
هجوم مضاد في باخموت
ميدانيا، قال قائد القوات البرية الأوكرانية أوليكسندر سيرسكي إن قواته ستبدأ قريبا هجوما مضادا في باخموت بعد أن صمدت في وجه الحملة العسكرية التي شنتها روسيا طوال الشتاء.
وأكد سيرسكي أن مقاتلي مليشيا فاغنر الروسية يفقدون قدرا كبيرا من قوتهم وأن طاقتهم تنفد، موضحا أن قواته ستستغل قريبا هذه الفرصة كما فعلت من قبل قرب كييف وخاركيف وكوبيانسك، عندما شن الأوكرانيون هجمات مضادة واستعادوا السيطرة على مساحات واسعة العام الماضي.
وتحاول القوات الروسية منذ شهور السيطرة على المدينة في أكثر معارك المشاة دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وعلى المستوى الإنساني، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر اليوم الجمعة إن نحو 10 آلاف أوكراني، من بينهم كثير من كبار السن والمعاقين، يتشبثون بالحياة وسط ظروف مروعة داخل مدينة باخموت المحاصرة وحولها.
وقال عمر خان من اللجنة الدولية للصليب الأحمر الذي قدم المساعدة لسكان مدينة باخموت في الأيام الماضية إن التقديرات تشير إلى بقاء عدة آلاف في المدينة نفسها.
اتهام أممي لروسيا وأوكرانيا بإعدام أسرى حرب
من جهة أخرى، اتّهمت الأمم المتحدة الجمعة القوات الأوكرانية والروسية بتنفيذ عشرات الإعدامات خارج نطاق القضاء لأسرى حرب منذ بدء الحرب الروسية في أوكرانيا.
وأعربت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا ماتيلدا بوغنر عن "قلق كبير" حيال إعدام "25 أسير حرب روسيًّا" على أيدي القوات المسلحة الأوكرانية وكذلك "إعدام 15 أسير حرب أوكرانيًّا" بأيدي الروس.
وأكدت بوغنر أن الأمم المتحدة وثقت حوادث إعدام الروس هذه التي نفذتها القوات الأوكرانية "في أغلب الأحيان.. مباشرة بعد أسرهم في ساحة المعركة".
وأضافت أن الأمم المتحدة على علم بـ5 تحقيقات تجريها كييف وتتعلق بـ22 ضحية، لكن "لم نتبلغ بأي ملاحقة بحق مرتكبي" هذه الجرائم.
أما بخصوص إعدام القوات المسلحة الروسية 15 من أسرى الحرب الأوكرانيين "بعيد القبض عليهم"، فقالت المسؤولة إن 11 من هذه العمليات نفذتها مجموعة فاغنر المسلحة الروسية.
وتتبادل أوكرانيا وروسيا الاتهامات منذ بدء الحرب بسوء معاملة الأسرى على نحو يشكل جرائم حرب.
(الجزيرة)