يزور وزير الخارجية التركي مولود جاوش اوغلو العاصمة المصرية القاهرة للقاء نظيره سامح شكري في أول زيارة لمسؤول تركي على هذا المستوى منذ 11 عاماً، في خطوة تكلل شهورا من مساعي فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، التي تدهورت منذ وصول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الحكم، وتشعبت لخلافات أوسع حول ليبيا وشرق المتوسط والعديد من الملفات الثنائية والإقليمية.
وقال السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، إن “زيارة جاوش أوغلو إلى مصر تُعد بمثابة تدشين لمسار استعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين، وإطلاق حوار مُعمق حول مختلف جوانب العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك”.
وأشار إلى أن الزيارة تهدف “للوصول إلى تفاهم مشترك يحقق مصالح الدولتين والشعبين الشقيقين”. وكشف المتحدث باسم الخارجية أن شكري سوف يستقبل نظيره التركي في لقاء ثنائي في مقر وزارة الخارجية في قصر التحرير، ويعقب ذلك محادثات موسعة بحضور وفدي البلدين، ومؤتمر صحافي مشترك.
وقالت وزارة الخارجية التركية “ستتم مناقشة كل أوجه العلاقات الثنائية وتبادل وجهات النظر بخصوص القضايا الإقليمية والدولية”.
وتعتبر هذه أول زيارة على مستوى رفيع لمسؤول تركي إلى القاهرة منذ 11 عاماً سبقها سلسلة من اللقاءات الاستكشافية ولقاء سريع جرى بين أردوغان والسيسي في قطر على هامش افتتاح كأس العالم، واتصال هاتفي أجراه السيسي مع أردوغان عقب الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا، الشهر الماضي، أعقبها زيارة لوزير الخارجية المصري سامح شكري لتركيا التقى خلالها نظيره جاوش اوغلو.
ويتوقع أن تمهد هذه الزيارة للقاء قمة بين أردوغان والسيسي في أنقرة أو القاهرة على الرغم من أن أردوغان صرح مراراً في ذروة الخلافات بين البلدين أنه “لن يصافح السيسي بتاتاً”، لكن الكثير من المتغيرات الإقليمية دفعت البلدين للتقارب لا سيما بالنسبة لتركيا، التي تشهد حملة دبلوماسية واسعة في مسعى للعودة إلى سياسة “صفر مشاكل”.
ومثلت زيارة شكري إلى ولاية أضنة التركية المنكوبة من الزلزال نقطة تحول مهمة في مسار العلاقات التركية المصرية كونها تعتبر أول زيارة لمسؤول مصري رفيع منذ أكثر من 11 سنة تدهورت خلالها العلاقات بين البلدين إلى أدنى مستوياتها وهو ما فتح الباب واسعاً أمام التكهنات حول مستقبل العلاقات بينهما وما إن كانت سوف تبقى الزيارة في إطارها “الإنساني” أم أنها ستكون مدخلاً سهلاً لإعادة تطبيع العلاقات على أعلى مستوياتها السياسية.
وعلى الرغم من الطابع الإنساني للزيارة، إلا أنها حملت رسائل سياسية هامة على لسان كبار المسؤولين من البلدين ما ساهم في إعطائها دفعة مهمة لمساعي تطبيع العلاقات على مستويات أعلى.
وكان المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد قال إن هناك رغبة بعودة العلاقات بين مصر وتركيا إلى مسارها الطبيعي، وإن القاهرة ستطرح بشكل واضح فكرتها في كيفية إعادة العلاقات بالشكل الذي يحقق مصالح البلدين.
من جهته، تحدث المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن عن احتمال عقد لقاء قمة تركية مصرية في الفترة القادمة بين أردوغان والسيسي، لافتاً إلى أنه “من الممكن أن تتجدد اللقاءات التركية المصرية بالفترة المقبلة.. من المبكر الحديث عن أي زيارة ستكون أولا، زيارة أردوغان لمصر أم السيسي لتركيا”، لافتاً إلى أنه “قبل هذا الأمر يجب تجهيز الكثير من التحضيرات وتجهيز الأسس، وخلال 3 أو 4 أشهر، من الممكن أن نتخّذ خطوات محدّدة عملية مهمة بالعلاقة مع مصر”. في حين قال وزير الخارجية التركي إن تطور العلاقات بين تركيا ومصر يصب بمصلحتهما وينعكس إيجابا على استقرار ورخاء المنطقة.
وحول العلاقات السياسية، قال جاوش أوغلو: “نفتح صفحات جديدة في علاقاتنا مع مصر، واللقاء الذي جمع الرئيس رجب طيب أردوغان بنظيره المصري عبد الفتاح السيسي في الدوحة كان مثمرا للغاية، وخلال لقائي مع الوزير شكري في مطار أضنة قبل قليل، تناولنا الخطوات الواجب الإقدام عليها لتعزيز علاقات البلدين”، وأضاف: “مصر بلد مهم بالنسبة لمنطقة البحر المتوسط وللعالم العربي وللعالم الإسلامي ولفلسطين ولإفريقيا، من مصلحتنا جميعًا أن تكون مصر قوية”، وتابع: “أنا على ثقة بأننا سنعمل سويا لتعزيز علاقاتنا نحو الأفضل”.
من جانبه أعرب وزير الخارجية المصري عن ثقة أنّ العلاقات بين البلدين “سترتقي لأفضل مستوى”. وردا على سؤال حول إمكانية عقد قمة بين أردوغان والسيسي، قال شكري: “بالتأكيد، ستكون هناك اتصالات في الوقت المناسب وفقا لرؤية الرئيسين”، واعتبر أن الاجتماع مهم للغاية لأنه يوفر فتح قنوات الاتصال بين الحكومتين ومؤسسات البلدين.
(القدس العربي)