حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ اليوم الأربعاء من أن مدينة باخموت الإستراتيجية (شرقي أوكرانيا) قد تسقط خلال أيام بيد القوات الروسية، وذلك بعيد إعلان مجموعة فاغنر الروسية أنها سيطرت على كامل الجزء الشرقي منها، في حين كشفت ألمانيا عن موعد تسليم دبابات "ليوبارد" إلى كييف..
وقال ستولتنبرغ -في تصريحات على هامش وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي بالعاصمة السويدية ستوكهولم- إن سقوط باخموت (شمال مقاطعة دونيتسك بإقليم دونباس) لن يكون نقطة تحول في الحرب الدائرة بأوكرانيا، لكنه أوضح أنه لا يمكن مع ذلك التقليل من أهمية ما تحققه القوات الروسية على الأرض.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حذر من سقوط باخموت، وقال إن الروس يمكن أن يذهبوا حال سقوطها إلى ما هو أبعد من باخموت، وأن يصلوا إلى مدن كبيرة في دونيتسك مثل كراماتورسك وسلوفيانسك.
وأضاف زيلينسكي -في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" (CNN)- أن روسيا بحاجة إلى انتصار ما، وإن كان بتدمير باخموت بالكامل وقتلِ كل المدنيين فيها.
وبعدما تردد أن كييف ربما تسحب قواتها من باخموت، أعلنت القيادة الأوكرانية أنها قررت مواصلة الدفاع عن المدينة.
وقال زيلينسكي إن الدفاع عن المدينة "مسألة إستراتيجية لدينا"، مضيفا أن قواته مصممة على الدفاع عن باخموت ومنع سقوطها بأيدي الجيش الروسي.
وعلى الرغم من أن باخموت -التي كان يسكنها قبل الحرب 70 ألفا لم يتبق منهم حاليا سوى 4 آلاف- لا تكتسب أهمية إستراتيجية كبيرة حسب الخبراء العسكريين، فقد باتت ذات أهمية رمزية وتكتيكية بعدما عجزت القوات الروسية عن السيطرة عليها رغم مرور أكثر من 7 أشهر من المعارك الطاحنة.
سيطرة فاغنر
وفي التطورات على الأرض، أعلن مؤسس مجموعة فاغنر العسكرية الروسية يفغيني بريغوجين اليوم الأربعاء أن قواته سيطرت على الجزء الشرقي من باخموت بعد أن عملت لأسابيع على تطويقها.
وقال بريغوجين إن كل المناطق الواقعة على الضفة الشرقية لنهر باخموتسكا -الذي يشق المدينة- باتت تحت سيطرتهم، وأضاف أنه بسقوط باخموت ستنفتح أمام القوات الروسية آفاق عملياتية واسعة، وأن العالم لم يواجه بعد الجيش الروسي المجهز بأحدث الأسلحة والتقنيات، على حد وصفه.
ولم يعلق الجيش الأوكراني على تصريحات قائد فاغنر، لكنه تعهد بالاستمرار في الدفاع عن باخموت.
وقالت هيئة الأركان الأوكرانية اليوم الأربعاء إن القوات الروسية تواصل اقتحام باخموت رغم الخسائر الكبيرة التي تتكبدها، مشيرة إلى صد أكثر من 100 هجمة على مختلف المحاور، لا سيما في باخموت وليمان وأفدييفكا بدونيتسك.
وفي السياق، قال المتحدث باسم المجموعة الشرقية للقوات الأوكرانية سيرهي تشيرفاتي إن الاستقرار في الجبهة الشمالية بباخموت يتمثل في عدم نجاح القوات الروسية في تطوير أعمالها الهجومية، مضيفا أن قوات فاغنر ستستمر كقوة هجومية رئيسية رغم الخسائر الفادحة التي منيت بها أخيرا، على حد تعبيره.
وكان المتحدث الأوكراني قال أمس إن المهمة الرئيسية للقوات الأوكرانية في باخموت هي "تقويض القدرة القتالية للعدو واستنزاف قدراتهم القتالية".
ونشر المعهد الأميركي لدراسة الحرب أمس الثلاثاء خرائط تظهر أن روسيا تسيطر على نحو 40% من مدينة باخموت. وقال المعهد إن القوات الأوكرانية نفذت أمس انسحابا منظما من الضفة الشرقية للنهر، مضيفا أن قرار الدفاع عن باخموت يجبر الجيش الروسي على التورط في حرب مكلفة ودموية.
وفي تطور ميداني آخر، ذكرت وكالة نوفوستي الروسية أن مسيّرات أوكرانية قصفت اليوم جسر إنيرغودار بمناطق السيطرة الروسية في مقاطعة زاباروجيا (جنوب شرقي أوكرانيا)، مما تسبب في حرائق كبيرة.
دعم بالذخيرة
على صعيد آخر، أعلن وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف اليوم الأربعاء أن بلاده تحتاج إلى مليون قطعة من الذخيرة بشكل عاجل.
وقال ريزنيكوف -في تصريحات على هامش اجتماع غير رسمي لوزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في ستوكهولم- إن المطلب الأول من نظرائه الأوروبيين هو الحصول على ذخائر وعلى أنظمة دفاع جو.
وفي مؤتمر صحفي عقب الاجتماع، أعلن مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن هناك توافقا على معظم إجراءات دعم أوكرانيا، لكنه أشار إلى أن هناك أسئلة لا تزال معلقة.
وأضاف المسؤول الأوروبي أنه اقترح أن تنفق دول الاتحاد مليار يورو لاقتناء ذخائر لأوكرانيا، وأشار إلى الحاجة لحزمة دعم جديدة لإيصال قذائف من عيار 155 ملليمترا لكييف. وتوقع المسؤول الأوروبي تدريب 30 ألف جندي أوكراني بحلول نهاية هذا العام، معتبرا أنه لكي تحظى أوكرانيا بالسلام عليها أن تنتصر في الحرب.
دبابات ألمانية قريبا بأوكرانيا
وخلال الاجتماع نفسه، أكد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس أن الدبابات الألمانية من طراز "ليوبارد" ستصل إلى أوكرانيا نهاية الشهر الجاري، وأن الجنود الأوكرانيين تدربوا على استخدامها خلال الأسابيع الماضية.
وأضاف بيستوريوس أن برلين ستزيد دعمها لأوكرانيا إذا قدمت الصين أسلحة لروسيا.
من جانبها، قالت وزيرة الدفاع البرتغالية هيلينا كاريراس للجزيرة إن الاتحاد الأوروبي لا ينوي إرسال طائرات حربية إلى أوكرانيا.
وكان وزير الدفاع السلوفاكي جورسلاف ناد قال في مقابلة مع الجزيرة إن اجتماع ستوكهولم يبحث مقترحا لشراء مشترك للذخائر لتقديمها لكييف، مشيرا إلى أن بلاده تلعب دورا مهما في تنسيق المساعدات وتجهيزها بحكم موقعها المجاور لأوكرانيا وعضويتها في الناتو.
وحسب ما قاله وزير دفاع لوكسمبورغ فرانسوا باوش للجزيرة، فإن الدعم العسكري الأوروبي الإضافي لكييف يأتي تحضيرا لهجوم كبير ستشنه القوات الأوكرانية خلال الربيع، مستفيدة من الأسلحة والتدريب الغربيين.
(الجزيرة نت)