قالت روسيا الاثنين إنها قصفت قاعدة بحرية جنوبي أوكرانيا مما أوقع قتلى، في حين أعلن الجيش الأوكراني أنه صد الهجمات الروسية على مدينة فوغليدار بإقليم دونباس، حيث تدور معارك توصف بالصعبة للغاية.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن بلاده لن ترسل مقاتلات إف-١٦ إلى أوكرانيا، وذلك تزامنا مع إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الاثنين بأن تزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة لتعزيز قدرتها على التصدّي لروسيا هو "أمر غير مستبعد".
ونقلت وكالة "ريا نوفوستي" الروسية عن مصدر وصفته بالمطلع أن المدفعية الروسية قصفت مساء الأحد القاعدة البحرية في مدينة أوتشاكوف مما أسفر عن مقتل 14 جنديا أوكرانيا بينهم "مرتزقة بريطانيون".
وقال المصدر الروسي إن المعلومات التي حصل عليها الجانب الروسي تفيد بأن القصف دمر معدات وأنظمة دعم الحياة والبنية التحتية في القاعدة التي تنتشر فيها وحدة تابعة لمركز العمليات البحرية الخاصة الأوكرانية، وفق نفس المصدر.
وأضاف أن "المرتزقة" الذين كان بعضهم بين القتلى تولوا مهمة التدريب الخاص للمقاتلين الأوكرانيين على تنفيذ ما وصفها بعمليات تخريبية في حوض البحر الأسود وبحر آزوف.
ويأتي الإعلان عن هذه العملية في وقت تتصاعد فيه وتيرة الهجمات الروسية بجنوب أوكرانيا، وسط تكهنات بأن موسكو تُعد لشن هجوم كبير في الربيع المقبل.
معارك الشرق
وفي إقليم دونباس شرقا، تواصل القوات الروسية ضغطها لتحقيق تقدم على محاور عدة، خاصة في مدينتي باخموت وفوغليدار بمقطاعة دونيتسك.
وقد أعلنت القوات الموالية لروسيا في دونيتسك أنها تقدمت في الجزء الشرقي من مدينة فوغليدار عند تقاطع جبهتي الجنوب والشرق، مشيرة إلى قصف أوكراني متكرر للمنطقة بالتزامن مع التقدم فيها.
بيد أن المتحدث باسم الجيش الأوكراني في المنطقة يفغين ييرين أكد أن الهجمات الروسية على المدينة أخفقت، وقال إن القوات الأوكرانية نجحت في صد الروس ولم تخسر مواقعها، كما قال المتحدث العسكري الآخر سيرغي تشيريفاتي إن القوات الأوكرانية تمسك بخطوط الدفاع وتلحق خسائر بالروس.
وفي المقابل، أعلنت سلطات لوغانسك الموالية لروسيا أن كييف ترسل تعزيزات عسكرية إلى بلدة تشاسوف يار في ضواحي باخموت.
وتقع فوغليدار -التي كان يسكنها 15 ألفا قبل الحرب- جنوب باخموت التي تدور حولها أيضا معارك ضارية بين الجيش الأوكراني وبين قوات مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة بإسناد من القوات النظامية الروسية.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكد أن الوضع على جبهتي باخموت وفوغليدار "صعب للغاية"، قائلا إن الهجمات الروسية ومحاولات اختراق الدفاعات الأوكرانية بالمنطقة مستمرة.
وزار زيلينسكي اليوم الاثنين مدينة ميكولايف (جنوب) برفقة رئيسة الوزراء الدانماركية مته فريدريكسن.
قطع الإمدادات
وفي الجبهة الجنوبية، تتواصل المعارك في أجزاء من مقاطعتي زاباروجيا وخيرسون، وذلك في وقت تسعى فيه القوات الأوكرانية لقطع طرق الإمدادات البرية للقوات الروسية بين شبه جزيرة القرم وإقليم دونباس.
وقالت المتحدثة باسم قيادة عمليات الجنوب الأوكرانية ناتاليا هومينيوك إن الروس بدؤوا يكثفون استخدامهم للتعزيزات التي تصل تباعا من شبه جزيرة القرم إلى قواتهم في الجبهات الجنوبية، مضيفة أن سبب الاستعانة بوحدات هو الخسائر الكبيرة في صفوف قواتهم المرابطة هناك، وفق تعبيرها.
وفي السياق، نفذت القوات الروسية سلسلة غارات على خيرسون استخدمت فيها القذائف الحارقة المحرمة دوليا، كما شمل القصف جنوبا مقاطعة زاباروجيا، وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى مدنيين، وفق السلطات الأوكرانية.
ورد الجيش الأوكراني بسلسلة غارات على مواقع تمركز القوات الروسية وأنظمتها الصاروخية داخل الأراضي الأوكرانية، إضافة إلى محطتي رادار ومستودع للذخيرة، وفق بيان عسكري.
وفي تطورات متزامنة، بثت هيئة الطوارئ الأوكرانية مشاهد لما قالت إنه قصف روسي على مبنى سكني أسفر عن مقتل مسنة وإصابة 3 أشخاص في مقاطعة خاركيف (شمال شرق)، وبثت وسائل إعلام أوكرانية صورا لعمليات الإنقاذ في المبنى المكون من 4 طوابق.
الطائرات المقاتلة
من جانب آخر، أعلن ماكرون أن تزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة لتعزيز قدرتها على التصدّي لروسيا هو "أمر غير مستبعد"، محذّرا في الوقت نفسه من خطر تصعيد النزاع.
وفي أعقاب محادثات أجراها في لاهاي مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، قال الرئيس الفرنسي ردّاً على سؤال بشأن إمكان تلبية طلب كييف تزويدها طائرات مقاتلة "لا شيء مستبعداً من حيث المبدأ".
لكنّ ماكرون شدد على أن هناك "معايير" لاتخاذ أي قرار بهذا الشأن هي أن يكون هناك "طلب" بهذا المعنى قد "صاغته" أوكرانيا، وألا يكون هذا الأمر "تصعيديا" وأن "لا يطال الأراضي الروسية بل أن يساعد جهود مقاومة" الهجوم، وأن "لا يضعف قدرة الجيش الفرنسي".
من جهته، شدد رئيس الوزراء الهولندي مارك روته على أنّه "لا محظورات، لكنها ستكون خطوة كبيرة" إذا تم تسليم كييف طائرات مقاتلة.
في سياق متصل، قال أندريه يرماك مدير مكتب الرئيس الأوكراني إن كييف حصلت على إشارات إيجابية من بولندا بشأن مقاتلات من طراز "إف-16 جي إف إكس"، وهي مستعدة لنقلها إلى أوكرانيا بالتنسيق مع حلف شمال الأطسي (الناتو).
وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية العقيد يوري إهنات للجزيرة إن بلاده بحاجة إلى مقاتلات "إف-16" (F-16) الأميركية لاستبدال أسطولها الجوي الروسي "المهترئ"، وإنها بحاجة إلى 25 طائرة مقاتلة على الأقل.
وقبل ذلك، أوضح مسؤول أوكراني أن المفاوضات بشأن الحصول على طائرات مقاتلة حديثة من الحلفاء الغربيين لا تزال في بداياتها.
ومؤخرا وعدت كل من واشنطن وبرلين كييف بتسليمها عشرات الدبابات المتطورة من طراز "أبرامز" و"ليوبارد 2″، وأثارت الخطوة غضب موسكو.
تصريحات أوروبية
سياسيا، نفى الاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين أن يكون قرار إرسال الدبابات إلى أوكرانيا في سياق التصعيد، وقال إنه رد على التصعيد الروسي تجاه المدنيين والبنية التحتية الأوكرانية.
وقال الاتحاد الأوروبي في بيان إنه لم يرفض أي طلب للحوار؛ مضيفا أن روسيا هي التي ترفض كل مبادرات السلام حتى الآن.
ويأتي بيان الاتحاد الأوروبي عقب تصريحات لسيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، قال فيها إنه من غير المجدي التحدث مع كييف بعد قرار واشنطن تزويد أوكرانيا بالدبابات، مشددا في الوقت نفسه على أن موسكو مستعدة لمشاورات مع واشنطن لإيجاد حلول للمسائل ذات الاهتمام المشترك.
من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم الاثنين إن بلاده لم تتخل أبدا عن الحوار المتكافئ مع الأوروبيين أو البحث عن طرق لحل المشكلات الأمنية.
وأضاف لافروف أنه لا يستبعد أن تقوم بولندا ودول البلطيق بقطع الاتصالات مع روسيا، مؤكدا أن موسكو لا تؤيد قطع العلاقات الدبلوماسية.
(الجزيرة + وكالات)