شدد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، خلال لقائه مسؤولين لبنانيين، اليوم الخميس، على أولوية انتخاب رئيسٍ جديدٍ للبنان، داعياً السياسيين والاقتصاديين إلى "حشد الهمم وحزم الرأي وبذل الجهود بأسرع وقتٍ ممكن للخروج بالبلاد من الوضع الصعب الراهن".
وشارك أبو الغيط في افتتاح منتدى الاقتصاد العربي الذي تنظمه مجموعة الاقتصاد والأعمال في بيروت والذي ينعقد هذا العام بعنوان "لبنان: الطريق إلى النفط"، وكانت له سلسلة لقاءات عرض خلالها الأوضاع العامة وآخر المستجدات السياسية والاقتصادية اللبنانية، ولا سيما مع رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، ورئيس البرلمان، نبيه بري.
وقال أبو الغيط إن "لبنان يمرّ بوضعٍ سياسيٍّ واقتصاديٍّ صعبٌ للغاية ومعقّد، ولكن الخروج منه متاحٌ والإمكانات موجودة لتحقيق هذا الأمر"، مضيفاً: "أنا واثق من حكمة السياسيين وفاعلية وقدرة الاقتصاديين لأن يخرجوا البلد من هذا المأزق. المفتاح يبدأ بانتخاب رئيس للبلاد، ثم إطلاق آليات الاقتصاد، وبالتالي، احزموا الأمر وانطلقوا إلى الأمام".
واكتفى الأمين العام للجامعة العربية بالردّ على أسئلة الصحافيين بشأن مدى صحة وجود مبادرة عربية رئاسية، بالقول: "هناك الكثير من الاحتمالات، لكن لا أستطيع أن أتحدث في شيء محدد حالياً".
وفي كلمته خلال افتتاح منتدى الاقتصاد العربي، دعا أبو الغيط إلى الإبقاء على قنوات الحوار مفتوحة ومباشرة بين جميع القوى والتيارات السياسية، مؤكداً استعداد الجامعة العربية لبذل الجهود بما يطلب منها في هذا الصدد، باعتبار أن انسداد الحوار واستسهال التمرس خلف المواقف لتمرير الوقت لا يمثل استراتيجية ناجعة لمعالجة الانسداد القائم.
كذلك، ناشد أبو الغيط القيادات السياسية في لبنان الالتفات إلى خطورة اللحظة التي يمر بها لبنان وسط ظرف دولي مضطرب يفرض على المجتمع الدولي قائمة أولويات مزدحمة، معتبراً أن الحفاظ على السلم الأهلي والأمن في لبنان واجب على كل لبناني في هذه الظروف الدقيقة.
ونوه بدور "الجيش المؤسسة الوطنية الجامعة، الذي هو محوري في صيانة أمن البلد". كذلك، يظل برأيه "اتفاق الطائف عقداً وطنياً لا غنى عنه للاستقرار وسياجاً حامياً للسلم الأهلي في لبنان بكل مكوناته وطوائفه".
في السياق، قال مصدرٌ مقرّبٌ من رئيس البرلمان اللبناني لـ"العربي الجديد"، إن "أبو الغيط أكد خلال اللقاء وقوف الدول العربية إلى جانب لبنان في محنته، لكنه شدد في المقابل، على ضرورة إتمام الاستحقاقات الدستورية، على رأسها انتخاب رئيس للبلاد وتشكيل حكومة جديدة، لتكون كل السلطات كاملة الصلاحيات حتى يتم التعاطي معها وفق الأصول".
وأضاف المصدر ذاته، بشرط عدم ذكر اسمه: "يبقى الدعم المالي متصلاً بهذه العوامل، إضافة إلى إتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وإنجاز الورشة الإصلاحية التشريعية المطلوبة للنهوض اقتصادياً".
وأشار المصدر إلى أن "بري شرح للأمين العام لجامعة الدول العربية دقة الوضع في لبنان، وأهمية أن يكون هناك توافق سياسي شبه كامل لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وكان هناك حرص من جانب أبو الغيط على اعتبار الاستحقاق الرئاسي شأناً لبنانياً داخلياً، ويتطلب حواراً لبنانياً ووضع الخلافات السياسية جانباً، والتشديد على أن الخارج لا يتدخل بالأسماء مطلقاً".
ووفق المصدر ذاته، أشار أبو الغيط في الوقت نفسه إلى أن المبادرات الخارجية دائماً موجودة للمساعدة وإحداث خرق في الجمود، منبهاً كذلك إلى خطورة إطالة أمد الشغور الرئاسي.
وقال المصدر إن "بري تطرق إلى الملف الرئاسي والخطوات التي يبذلها بهذا الشأن والتعقيدات القائمة ومحاولاته لفتح باب الحوار بين القوى السياسية للتوافق رئاسياً، وتحدث عن ضرورة أن يكون الرئيس اللبناني جامعاً يوحِّد اللبنانيين ولا يفرّقهم وقادراً على بناء أفضل علاقات مع الخارج، وخصوصاً الدول العربية".
تجدر الإشارة إلى أن رئيس البرلمان اللبناني دعا القوى السياسية والكتل النيابية مرتين إلى الحوار لانتخاب رئيس للجمهورية، وذلك كبديل من الجلسات المتكررة التي بات يصفها بـ"المسرحية"، لكنه اصطدم برفض أكبر كتلتين مسيحيتين في البرلمان، "التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل، و"حزب القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع.
على صعيد متصل، ثمّن ميقاتي دعم أبو الغيط المستمرّ للبنان والجهود التي تبذلها الجامعة العربية لتعزيز العلاقات العربية – العربية، ولا سيما العلاقات اللبنانية – العربية.
وقال ميقاتي في كلمته خلال افتتاح منتدى الاقتصاد العربي إن "لبنان وعلى مشارف عام جديد على مفترق طرق، خلاصته إما النهوض المنتظر أو التدهور القاتم".
وطالب بأن "يترفع كافة المسؤولين السياسيين عن مصالحهم الضيّقة ويبدّوا المصلحة العامة ويعززوا القواسم المشتركة، ما يؤسّس للخروج من الكبوة القاتمة واحتواء المخاطر الكامنة وإلى الانتقال إلى حقبة من النهوض الاقتصادي المرجو في الأفق".
وعقد البرلمان اللبناني عشر جلساتٍ من دون أن يتمكن من انتخاب رئيس جديد للبلاد يخلف الرئيس ميشال عون الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في ظل غياب التوافق السياسي، وذلك قبل أن تدخل البلاد عطلة الأعياد، ويرجئ السياسيون الملف الرئاسي، رغم خطورة الأزمة، والارتفاع الكبير لسعر صرف الدولار الذي تجاوز عتبة الـ46 ألف ليرة، ما يفاقم معاناة المواطنين.
(العربي الجديد)