ألقت السلطات الألمانية اليوم الأربعاء القبض على 25 من أعضاء ومناصري جماعة يمينية متطرفة قال ممثلو الادعاء إنهم كانوا يعدون لقلب نظام الحكم، فيما نفت السفارة الروسية في برلين أي علاقة لموسكو مع أي مجموعات إرهابية وغير قانونية في ألمانيا.
ونفذت الشرطة الألمانية عمليات دهم واسعة شملت 11 ولاية ألمانية، وشارك فيها 3 آلاف من أفراد وحدات النخبة في جهاز مكافحة الإرهاب، وجرى تفتيش أكثر من 103 عقارات، ووصفت وسائل إعلام ألمانية عمليات الدهم بأنها إحدى أكبر عمليات الشرطة التي شهدتها البلاد.
واستهدفت عمليات الدهم أعضاء في "حركة مواطني الرايخ" قال الادعاء العام إنهم كانوا يخططون لاقتحام البرلمان والاستيلاء على السلطة، وتنفيذ هجمات مسلحة على مؤسسات تشريعية ألمانية أخرى، وكلمة "الرايخ" في اللغة الألمانية تعني الإمبراطورية أو المملكة.
ويواجه المتهمون تهمة الإعداد لإسقاط الدولة وفق الوكالة الألمانية التي أشارت إلى أن المتهمين أسسوا نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2021 تنظيما إرهابيا لمحاربة مؤسسات الدولة وممثليها.
وأفادت الاستخبارات العسكرية الألمانية بأن جنديا في القوات الخاصة وعددا من جنود الاحتياط من بين المشتبه فيهم، كما تم توقيف قيادية في حزب البديل من أجل ألمانيا ونائبة برلمانية سابقة.
وقال الادعاء العام إن المتهمين أسسوا أيضا ذراعا عسكرية بعض أعضائها خدموا في الجيش الألماني، وهدفها القضاء على دولة القانون الديمقراطية على مستوى البلديات والمقاطعات.
وذكر الادعاء العام أن أعضاء الهيئة المركزية للتنظيم يجتمعون بانتظام منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021 من أجل التخطيط للاستيلاء المزمع على السلطة في ألمانيا وإنشاء هياكل دولة خاصة بهم.
ووفقا للادعاء العام، فإن نقطة انطلاق التحقيقات كانت صلات بين أعضاء التنظيم وأعضاء مجموعة "الوطنيون المتحدون" الذين تم اعتقالهم في أبريل/نيسان الماضي على خلفية التخطيط لاختطاف وزير الصحة الألماني كارل لاوترباخ.
وكشف الادعاء العام في ولاية شتوتغارت أن الجناح العسكري للتنظيم كان يهدف لبناء جيش ألماني جديد.
من جانبه، قال وزير العدل الألماني ماركو بوشمان إن عملية كبرى لمكافحة "الإرهاب" تُجرى منذ صباح اليوم الأربعاء"، مشيرا إلى أن المدعي العام يحقق في شبكة "إرهابية" مشتبه بها في التخطيط لهجوم مسلح على مؤسسات دستورية.
ولاحقا، أشاد الوزير بتفكيك ما وصفها بـ"الخلية الإرهابية"، مؤكدا أن ذلك يثبت قدرة ألمانيا على الدفاع عن ديمقراطيتها.
ووصفت الحكومة الألمانية عملية الدهم ضد "حركة مواطني الرايخ" بالناجحة، وأنها دليل على أن ألمانيا في حالة تأهب.
وأعلنت وزيرة الداخلية نانسي فيزر أن قوات الأمن تبحث عن أي علاقة محتملة لروسيا بالمخطط الذي كشف عنه اليوم، وقالت الوزيرة إنه يبدو أن التنظيم يتكون من قيادة سياسية وجناح عسكري.
وأفاد مراسل الجزيرة في برلين عيسى طيبي باعتقال برلمانية سابقة قيادية في حزب البديل من أجل ألمانيا.
بدورها، أعلنت الشرطة الإيطالية اليوم الأربعاء اعتقال ضابط سابق في الجيش الألماني في إيطاليا على علاقة بأقصى اليمين، وعلقت وزارة الدفاع الألمانية على هذا الاعتقال بالقول إنه لا تسامح بشأن أي تطرف في الجيش.
وفي سياق متصل، قالت الرئاسة الروسية إنه لا يمكن الحديث عن أي تدخل روسي في التحضير "لانقلاب" في ألمانيا، وإن العملية الأمنية ضد "حركة مواطني الرايخ" شأن داخلي ألماني بحت.
كذلك نفت السفارة الروسية في برلين أي علاقة مع ما وصفتها بالجماعات الإرهابية، مؤكدة أن المكاتب الدبلوماسية والقنصلية الروسية في ألمانيا لا تقيم اتصالات مع ممثلي جماعات إرهابية أو كيانات غير قانونية أخرى.
وفي وقت سابق، قال مكتب الادعاء العام الألماني إن المؤامرة كانت تهدف لتنصيب عضو سابق في عائلة ملكية ألمانية يُعرف باسم "هاينريخ الـ13 بي. آر" زعيما للدولة المستقبلية، ومشتبه به آخر يدعى "روديجر في بي" قائدا للذراع العسكرية للدولة.
وأضاف المكتب أن هاينريخ -الذي يستخدم لقب الأمير وينتمي إلى الأسرة الملكية في رويس التي حكمت أجزاء من ألمانيا الشرقية في الماضي- تواصل مع أشخاص روس تعتبرهم المجموعة جهة الاتصال المركزية لتأسيس نظامها الجديد.
وأشار الادعاء الألماني إلى أنه لا يوجد دليل على أن الممثلين الروس ردوا بشكل إيجابي على طلب هاينريخ للتواصل معهم.
مواطنو الرايخ
وتتبنى "حركة مواطني الرايخ" أفكارا يمينية، ولا يعترف أتباعها بالجمهورية الألمانية الحديثة التي تأسست بعد انهيار النازية عقب الحرب العالمية الثانية.
ويتهم "مواطنو الرايخ" جمهورية ألمانيا الاتحادية -التي تأسست عام 1949- بأنها أسست بصورة غير قانونية، ويعترف أغلب المنتسبين للحركة بحدود ألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية، والتي تضم أجزاء من بولندا وفرنسا.
كذلك لا يعترف أعضاء الحركة بالمؤسسات والقوانين الألمانية، ويمتنعون عن دفع الضرائب أو الغرامات الحكومية أو الاستجابة للدعوات الموجهة من قبل المحاكم والسلطات.
ولا يحتفظ أعضاء الحركة بهوياتهم الرسمية أو جوازات سفرهم، ويحملون بدلا عنها غالبا وثائق غير رسمية يطلقون عليها هوية مواطني الرايخ.
وقبل 4 أشهر حذرت المخابرات الألمانية من أن البلاد ينتظرها ما وصفته بخريف الغضب، بسبب تنامي المد اليميني المتطرف واستغلاله حالة الغضب العامة لارتفاع تكاليف المعيشة وأزمة الوقود وانقطاع الغاز، بسبب تبعات الحرب الروسية الأوكرانية ودعم برلين كييف في مواجهة موسكو.
المصدر: الجزيرة+ وكالات