رفعت شبكة الجزيرة الإعلامية قضية اغتيال الزميلة شيرين أبو عاقلة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى المحكمة الجنائية الدولية، وقالت الشبكة إن أدلة جديدة تظهر أن شيرين وزملاءها تعرضوا لإطلاق نار مباشر من الاحتلال، بينما قالت حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية إنه لن يُستجوب أي من قواتها بشأن مقتل أبو عاقلة.
وقالت الشبكة -في بيان اليوم الثلاثاء- إن رفع قضية ضد القوات الإسرائيلية بشأن اغتيال مراسلة الجزيرة يأتي بعد إجراء فريقها القانوني تحقيقا كشف عن أدلة جديدة تظهر بوضوح أن شيرين وزملاءها تعرضوا لإطلاق نار مباشر من قوات الاحتلال الإسرائيلي، وأن ادّعاء السلطات الإسرائيلية بأنها قتلت شيرين خطأ -في تبادل لإطلاق النار- ادعاء لا أساس له.
وأضافت الشبكة أن الملف المرفوع إلى المحكمة الجنائية يؤكد أنه لم يكن هناك اشتباك في المنطقة التي كانت فيها شيرين. وأكدت أن هذا القتل المتعمد كان جزءا من حملة أوسع لاستهداف الجزيرة وإسكاتها.
وطالب الفريق القانوني لشبكة الجزيرة المدعي العام بأن يسعى إلى إيجاد أدلة تدين الجيش الإسرائيلي عبر القنوات كافة، مضيفا "لسنا متأكدين من توقيف المسؤولين عن الاغتيال، لكننا ندعو بداية إلى فتح تحقيق".
استهداف الصحفيين
بدورها، قالت ابنة شقيق شيرين أبو عاقلة، لينا أبو عاقلة، إن إسرائيل لديها تاريخ في استهداف الصحفيين بهدف إسكاتهم عن قول الحق، وهي دائما تفلت من العقاب وتخلق ثقافة الإفلات من العقاب، مشيرة إلى أن الوقت قد حان لمحاسبتها.
ويأتي هذا الإجراء بعد مرور 6 أشهر على اغتيال شيرين برصاص الاحتلال أثناء تغطيتها اقتحام قوات الاحتلال لمخيم جنين، وقد قام في الفترة الماضية الفريق القانوني للشبكة بتحقيق دقيق ومفصل في القضية، وكشف عن أدلة جديدة تستند إلى روايات شهود عيان وفحص لعدد كبير من مقاطع الفيديو والأدلة الجنائية المتعلقة بالقضية.
وأشارت الشبكة إلى تأكيد الأدلة المقدمة عن عدم وجود اشتباكات أو إطلاق بموقع الاغتيال، باستثناء طلقات قوات الاحتلال التي استهدفت بشكل مباشر شيرين وزملاءها، حيث كان الصحفيون في مكان مرئي بوضوح، ويسيرون ضمن مجموعة ببطء على الطريق، مرتدين ستراتهم وخوذاتهم الإعلامية المميزة، ولم يكن هناك أشخاص آخرون.
وتقوّض هذه الأدلة -التي تقدم اليوم للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية- ما خلص إليه تحقيق جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتشير إلى أن هذا القتل المتعمد كان جزءًا من حملة أوسع لاستهداف الجزيرة وإسكاتها، وفق البيان.
وعبّرت الجزيرة عن ترحيبها باهتمام المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان والهيئات المدافعة عن حرية الإعلام بالقضية ومواصلتها الدعوة لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة البشعة.
محاولة لإسكات الجزيرة
وفي سياق متصل، قال محامي شبكة الجزيرة في القضية رودني ديكسون -بمؤتمر صحفي لاحق في لاهاي- إنه تم رفع ملف الأدلة في قضية اغتيال شيرين أبو عاقلة إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، مشيرا إلى أنه لا يوجد أي سبب لعدم اتخاذ الخطوة التالية، وهي التحقيق والكشف عن المسؤولين عن الجريمة لملاحقتهم.
وأضاف محامي الشبكة أن المحكمة الجنائية الدولية لديها الصلاحية الكاملة للنظر في قضية شيرين أبو عاقلة، وعبّر عن أمله أن "نشهد في الأشهر المقبلة تقدما في قضية اغتيال شيرين أبو عاقلة".
ورحب المحامي بما أعلنه مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي بشأن بدء التحقيق في ملف اغتيال شيرين، ورأى أن على المحكمة الجنائية تحديد من شاركوا بشكل مباشر في اغتيال شيرين ومن أعطى الأوامر. ورأى محامي شبكة الجزيرة أن هناك محاولة واضحة لإسكات شبكة الجزيرة في فلسطين ومنع ظهور الحقيقة، وعبّر عن أمله في أن تتحقق العدالة لشيرين، وحثّ المدعي العام على اتخاذ الإجراءات لمحاسبة المسؤولين.
وقالت الرئاسة الفلسطينية -اليوم الثلاثاء- إن "من حق دولة فلسطين ومواطنيها اللجوء إلى القانون الدولي لرفع دعاوى قضائية ضد إسرائيل". وصرح الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، بأن "دولة فلسطين عضو في المحكمة الجنائية الدولية، ومن حق أي مواطن فلسطيني الذهاب إليها لمحاكمة الاحتلال على جرائمه المخالفة للقانون الدولي".
وأكدت نقابة الصحفيين الفلسطينيين دعمها المطلق لخطوة شبكة الجزيرة الإعلامية في التقدم بشكوى للمحكمة الجنائية الدولية في مدينة لاهاي الهولندية.
ردود إسرائيل الغاضبة
وقال رئيس الحكومة المنتهية ولايته يائير لبيد إنه لن يُستجوب أي من جنود الجيش الإسرائيلي بشأن مقتل شيرين أبو عاقلة، وأضاف ردا على خبر رفع الجزيرة دعوى لدى المحكمة الجنائية الدولية "لا أحد سيعظنا بأخلاق القتال، وخاصة قناة الجزيرة".
وأما وزير دفاعه بيني غانتس فقال إن -ما سماها- "وفاة شيرين أبو عاقلة" كانت حدثا قتاليا تم التحقيق فيه بأكبر قدر من الدقة والعمق، على حد قوله.
ودعا اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، المرشح لشغل منصب وزير الأمن في حكومة بنيامين نتنياهو المرتقبة، إلى طرد قناة الجزيرة من إسرائيل ووقف ما سماها أكاذيب القناة ضد إسرائيل، حسب قوله.
وقال وزير المالية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إن "من غير المقبول أن تقاضي قناة الجزيرة إسرائيل وتقدم مواعظ بالأخلاق"، وتوقع ليبرمان أن يقوم المكتب الصحفي للحكومة الإسرائيلية "بسحب أوراق اعتماد صحفيي الجزيرة الموجودين في الأراضي الإسرائيلية".
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي نشر في سبتمبر/أيلول الماضي نتائج تحقيق معمّق أجراه في قضية اغتيال أبو عاقلة، كشف أن هناك احتمالا كبيرا أن تكون مراسلة الجزيرة قد أصيبت بنيران الجيش الإسرائيلي في تبادل لإطلاق النار مع من تم تحديدهم على أنهم مسلحون فلسطينيون.
وفي التحقيق نفسه، قال الجيش الإسرائيلي إنه لا يزال من غير الممكن تحديد من قتل أبو عاقلة بشكل قاطع، مشيرا إلى أن هناك فرضية أخرى أقل احتمالا، هي أن أبو عاقلة أصيبت بنيران فلسطينية.
المصدر: الجزيرة