هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتنفيذ عملية برية جديدة شمالي سوريا “قريباً” وذلك عقب أيام من عملية جوية واسعة نفذها الجيش التركي واستهدفت عددا كبيرا من المواقع في سوريا والعراق، مخلفة عشرات القتلى في صفوف الوحدات الكردية، في حين دعت واشنطن وموسكو إلى “ضبط النفس”.
وعقب يوم واحد من تأكيده أن العملية الواسعة التي نفذها الجيش التركي “لن تبقى جوية فقط”، هدد أردوغان بعملية برية أوسع بالقول “منذ أيام نلاحق الإرهابيين بطائراتنا ومدافعنا وفي أقرب وقت سنقتلع جذورهم بدعم جنودنا ودباباتنا أيضا.. سنقتلع جذورهم جميعاً بأقرب وقت إن شاء الله”.
واعتبر أردوغان أن “القوات المسلحة التركية دمرت معاقل الإرهابيين شمالي سوريا والعراق، ردا على الهجوم الإرهابي الذي نفذوه في إسطنبول”، وقال “حانت نهاية الطريق لأولئك الذين يعتقدون أن بإمكانهم تشتيت انتباه تركيا عن طريق التلاعب بالحروف وتغيير اسم التنظيم الإرهابي”، وتابع “لا أحد يستطيع منعنا من سحب الخط الأمني إلى حيث يجب أن يكون، في الأماكن التي تتواصل فيها الهجمات على حدودنا ومواطنينا”.
واعتبر أردوغان أن “صبر تركيا ليس نتيجة عجز أو عدم كفاءة، بل نابع من حساسيتها بوصفها دولة قانون تجاه الالتزامات والاتفاقيات الدبلوماسية والوعود”، مضيفاً أن “تركيا أوفت بالتزاماتها وواجباتها بكل اتفاق أبرمته حول تأمين الحدود السورية، ومن الآن فصاعدا فإن المقياس الوحيد لتركيا هو أمنها وسلامة مواطنيها.. من حق تركيا ضمان أمن حدودها وسلامة مواطنيها”.
ومنذ أيام تتصاعد المواجهات بين الجيش التركي والوحدات الكردية في شمال سوريا حيث قتل العشرات من عناصر “بي كا كا” و”ب ي د” في ضربات جوية واسعة، أعقبها ضربات صاروخية من سوريا نحو الأراضي التركية خلفت قتلى وجرحى، في حين واصلت المدفعية والمسيرات التركية تنفيذ ضربات متتالية ضد أهداف مختلفة للوحدات الكردية شمال وشرق سوريا.
وعقب أيام من التكهنات حول الطريقة التي نفذت بها الطائرات التركية ضرباتها الجوية الواسعة في سوريا، قالت مصادر تركية ومن المعارضة السورية إن الطائرات الحربية التركية استخدمت المجال الجوي الذي تسيطر عليه روسيا والولايات المتحدة لأول مرة خلال تنفيذ عملية “المخلب- السيف”، إذ يعتبر دخول الطائرات الحربية التركية في عمق الأراضي السورية حدثاً استثنائياً كون ذلك يتطلب تنسيقاُ متقدماً مع الولايات المتحدة وروسيا، اللتين تنشران أنظمة دفاعية في المنطقة.
كما يؤشر ذلك على موقف تركي حازم بإجبار روسيا وأمريكا على قبول تحركاتها في شمال سوريا جواً أو تنسيق وموافقة على التحركات، وفي كلا الحالتين فإن ذلك يعزز إمكانية بدء تركيا عملية عسكرية أوسع ببعد بري كما توعد أردوغان، إذ كان العائق على الدوام هو تأمين الغطاء الجوي للقوات البرية وتجنب الصدام مع موسكو وواشنطن، اللتين أصدرتا بيانات لافتة عبرتا فيها عن “تفهم” للاحتياجات الأمنية التركية رغم المطالبات لأنقرة بـ”ضبط النفس”.
والثلاثاء، قال الكرملين إنه يحترم ما يسميه المخاوف الأمنية “المشروعة” لتركيا بشأن سوريا، لكنه قال إنه يتعين على جميع الأطراف تجنب الخطوات التي قد تؤدي إلى تدهور الوضع.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين: “نتفهم ونحترم مخاوف تركيا بشأن ضمان أمنها. نؤمن بأن هذا حق مشروع لتركيا. وفي الوقت نفسه، ندعو جميع الأطراف إلى عدم الإقدام على خطوات قد تؤدي إلى زعزعة استقرار الوضع العام”.
من جهته، قال البيت الأبيض إن تركيا تواجه “تهديداً إرهابياً” على حدودها الجنوبية و”لها الحق في استخدام كل أنواع الدفاع”، في حين قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة تعارض أي تحرك عسكري يزعزع استقرار الوضع في سوريا.
ونقل على لسان وزير الدفاع التركي خلوصي أقار، الذي زار غرفة العمليات العامة في مقر وزارة الدفاع وقيادة العمليات البرية وغيرها من الهيئات العسكرية، قوله: “نقول لجميع شركائنا، لا سيما الولايات المتحدة، على كل المستويات، إن وحدات حماية الشعب تماثل حزب العمال الكردستاني، ونُصر على مطالبنا بوقف كل أنواع الدعم للإرهابيين”.
والثلاثاء، استهدفت مسيرة تركية قاعدة مشتركة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن وقوات سوريا الديموقراطية، التي قتل اثنان من عناصرها، وفق ما أفاد متحدث باسم تلك القوات والمرصد السوري لحقوق الإنسان، فيما أعلنت القوات الأمريكية أنها “كانت بمنأى عن الخطر”.
وكانت عشرات الطائرات الحربية والمسيرة التركية، شنت ليل السبت- الأحد، بشكل متزامن قرابة 100 ضربة جوية على مواقع مختلفة لتنظيم “بي كا كا” والوحدات الكردية والنظام السوري في سوريا والعراق، في واحدة من أوسع العمليات الجوية للجيش التركي في السنوات الأخيرة أطلق عليها اسم عملية “المخلب- السيف”.
وقالت أنقرة إنها تهدف إلى توجيه ضربة قوية للتنظيمات الإرهابية وسط إشارات على أنها جاءت رداً على هجوم إسطنبول الأخير، الذي خلف 6 قتلى وعشرات الجرحى واتُهم تنظيم “بي كا كا” والوحدات الكردية في شمال سوريا بالمسؤولية عنه.
(القدس العربي)