أفادت وكالة "فارس" الإيرانية شبه الرسمية، مساء يوم الإثنين، بأن الاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ 17 الشهر الماضي على وفاة الشابة مهسا أميني خلفت 79 قتيلا، 19 منهم من القوات الأمنية.
وأبرز القتلى الأمنيين والعسكريين هما قائد استخبارات الحرس الثوري في زاهدان العميد حميد رضا هاشمي، والعقيد الثاني داود عبداللهي قائد وحدة الإسناد بالشرطة في مدينة مريوان بمحافظة كردستان غربي إيران.
وأشارت الوكالة إلى إصابة 200 من قوات الأمن خلال الاحتجاجات، إضافة لإلحاق أضرار مادية بالممتلكات العامة، قالت إنها طاولت 323 شعبة مصرفية و85 سيارة إسعاف و30 سيارة إطفاء و15 سيارة شرطة و170 حافلة و70 محطة ركاب.
وقالت "فارس" إن أرقام القتلى "غير رسمية"، مشيرة إلى أرقام القتلى والأضرار المادية في تقرير مصوّر بعنوان "كلفة الشغب" في البلاد.
ولم يرد في التقرير عدد المصابين من المحتجين، فيما تظهر الفيديوهات المتداولة إصابة العديد منهم خلال الاحتجاجات التي كانت حادثة وفاة مهسا أميني بمثابة شرارة فجرتها، لكنها مدفوعة أيضاً بعوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية متراكمة.
ووصفت السلطات الإيرانية، الاحتجاجات الأخيرة بأنها "مؤامرة جديدة" تستهدف أمن البلاد وازدهارها، متهمة جهات أجنبية، في مقدمتها الولايات المتحدة بالوقوف وراءها والسعي لتأليب الشارع الإيراني ضد النظام.
ولم تعلن السلطات الإيرانية بعد حصيلة القتلى والمصابين والمعتقلين بالاحتجاجات التي شكل الشباب واليافعون عصبها، لكن ثمة تقارير غير رسمية تشير إلى إصابة المئات واعتقال الآلاف.
وحول عدد القتلى، تقدم منظمة "الحقوق الإنسان في إيران" ومقرها في أوسلو، أرقاما مختلفة عن تلك التي تذكرها وكالات أنباء إيرانية شبه رسمية، حيث قالت في أحدث الإحصائيات، الأحد، إن العدد بلغ 133 قتيلا.
وتحوّلت وفاة مهسا أميني (22 عاما)، التي أوقفتها "شرطة الأخلاق" في العاصمة الإيرانية طهران في الثالث عشر من الشهر الجاري، وهي آتية من محافظة كردستان إلى طهران للسياحة برفقة أسرتها، إلى قضيّة رأي عام في إيران.
وحاولت السلطات من خلال إطلاق تصريحات وتطمينات بإجراء تحقيقات "عادلة" بشأن حادثة وفاتها، احتواء غضب الشارع، والاحتجاجات الواسعة التي اندلعت في 17 من الشهر الجاري على وفاة الشابة الإيرانية الكردية.
ورفع المحتجون هتافات سياسية مع الدعوة إلى إلغاء قانون "الحجاب الإلزامي" وإنهاء عمل دوريات شرطة الآداب في الشوارع، كما قامت محتجات بخلع حجابهن وقص شعرهن خلال الاحتجاجات.
تواصل الاحتجاجات
وما زالت الاحتجاجات مستمرة، مع انتقالها إلى الجامعات بعد أن خفّت في الشوارع الإثنين والأحد، حيث شهدت معظم الجامعات الرئيسية خلال الأيام الأخيرة، تجمعات احتجاجية أكبر من الأسبوع الماضي مع بدء الدوام الحضوري فيها من السبت.
وشهدت جامعة "الشريف" للصناعة وهي من أشهر الجامعات الإيرانية، الليلة الماضية، مواجهات عنيفة بين قوات الأمن والطلاب المحتجين الذين أطلقوا هتافات حادة.
واستنكرت الكتلة الإسلامية الإصلاحية وكذلك كتلة "الباسيج" الطلابية المحافظة بالجامعة بشدة سلوك قوات الأمن مع الطلاب المحتجين واقتحام الجامعة ومطاردتهم في موقف السيارات وتعرضهم للعنف والضرب، لكن المتحدث باسم وزارة العلوم الإيرانية، علي شمسي بور، قال اليوم الإثنين، لوكالة "إرنا" الرسمية إن هذا الموقف لا يتبع الجامعة.
واعتبرت هذه الكتل حوادث الأحد على أنها "يوم مرير ووصمة عار"، لكن كتلة "الباسيج" المحافظة، انتقدت أيضا إطلاق بعض الطلاب المحتجين "هتافات غير أخلاقية"، انتشرت مقاطع مصورة عنها على شبكات التواصل الاجتماعية.
ويوم الإثنين، قال المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي في أول تعليق منه على وفاة مهسا أميني والاحتجاجات التي فجّرتها الحادثة، إن "وفاة فتاة شابة أحزنتنا وأحرقت فؤادنا"، معتبراً أن الاحتجاجات على الحادثة منذ السابع عشر من الشهر الماضي "كانت مدبرة ومخططاً لها".
وانتقد خامنئي خلال كلمة له في حفل تخريج في جامعة "الإمام الحسن" العسكرية في طهران، الحملات ضد الشرطة والقوات المسلحة الإيرانية، داعياً شخصيات إيرانية سمّاها "خواص"، إلى تدارك ما فعلته تعليقاً على حادثة وفاة أميني، واتهاماتها للشرطة والنظام، مع القول إن مواقفها، إلى جانب "تخطيط العدو"، أطلقا "الشغب" في إيران.
واتهم المرشد الإيراني، الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي بالوقوف وراء الاحتجاجات في إيران، إذ قال: "أعلن بشكل صريح أن أعمال الشغب هذه كانت بتخطيط أميركا والكيان الصهيوني المزور وعملائهم، وبعض الإيرانيين الخونة في الخارج ساعدوهم".
وتعليقاً على دعم مشاهير إيرانيين في المجالات الفنية والسينمائية والرياضية، الاحتجاجات، قال المرشد الإيراني إن "الوسط الفني والرياضي سليم، وعناصره المؤمنة والشريفة ليست قلة، أمّا اتخاذ عدد من الأشخاص مواقف فهذا ليس له قيمة".
واتهم خامنئي الفنانين والرياضيين الإيرانيين الداعمين للاحتجاجات بأنهم "أثلجوا صدر العدو بمواقفهم هذه"، لكنه قال إن الوسط الفني والرياضي الإيراني "لن يتلوث بهذه المواقف".
وأعلن العديد من المشاهير الإيرانيين من الفنانين والرياضيين خلال الأسبوعين الأخيرين دعمهم الاحتجاجات ومطالب المحتجين، مما عرّضهم لهجمات متواصلة وملاحقات واتهامات مستمرة بالسعي لـ"إثارة الشغب" في إيران.
(العربي الجديد)