أعلنت أرمينيا مقتل ما لا يقل عن 105 من جنودها في أحدث حصيلة للاشتباكات الحدودية مع القوات الأذربيجانية على مدى يومين، وقد تبادل الطرفان الاتهامات بشن هجمات جديدة في إقليم ناغورني قره باغ، ضمن أعنف جولة من الصراع منذ حرب عام 2020.
وقال رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان في كلمة أمام البرلمان اليوم الأربعاء "وفقا للبيانات المحدثة، تأكد حتى الآن مقتل 105 من أفراد القوات المسلحة الأرمينية".
وذكر باشينيان أنه مستعد للاعتراف بوحدة أراضي أذربيجان ضمن حدود الحقبة السوفياتية فقط.
من جهتها، عرضت أذربيجان في وقت سابق اليوم تسليم جثث 100 جندي أرميني قالت إنهم قتلوا في هذه الاشتباكات التي اندلعت ليل الاثنين.
وقالت لجنة أسرى الحرب الأذربيجانية في بيان "أذربيجان تدعو إلى وقف إطلاق النار وهي مستعدة لتسليم جثث 100 جندي من جانب واحد إلى أرمينيا".
وكانت وزارة الدفاع الأذرية أعلنت أمس مقتل 50 من جنودها خلال الاشتباكات.
وتبادل الجانبان الاتهامات بشن هجمات جديدة بالمنطقة الحدودية، رغم إعلان روسيا أمس أن اتصالاتها مع الطرفين أفضت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وقالت وزارة الدفاع الأرمينية إن باكو "استأنفت هجماتها بالمدفعية وقذائف الهاون والأسلحة من العيار الثقيل باتجاه جيرموك فيرين شورجا".
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الأذرية أن القوات الأرمينية انتهكت وقف النار و"قصفت مواقعنا في منطقتي كيلبجار ولاشين ليلا بقذائف الهاون والمدفعية".
ومع توالي الدعوات الإقليمية والدولية لوقف القتال وتخفيف التوتر ولا سيما في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا، قالت أرمينيا إن اشتباكات قره باغ قد تؤدي إلى صراع كبير آخر في دول الاتحاد السوفياتي السابق.
وقال باروير هوفهانيسيان نائب وزير الخارجية الأرميني -في مقابلة مع وكالة رويترز- إن الأمر يتطلب مزيدا من اهتمام المجتمع الدولي.
وأضاف "تحدثتم عن الحرب في أوكرانيا، هذا بالضبط ما تصبو إليه جارتنا.. أن يكون كل الاهتمام منصبا هناك، من دون رد فعل مناسب من قبل شركائنا الرئيسيين".
ورأى هوفهانيسيان أن وحدة أراضي بلاده مهددة، وقال إنه طلب من موسكو التدخل.
وردا على سؤال عن احتمالات تردي الوضع والانزلاق إلى حرب شاملة، قال هذا المسؤول الأرميني "هناك خطر واضح".
من جهة أخرى، اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أرمينيا بانتهاك الاتفاق المبرم مع أذربيجان عقب حرب 2020، وقال إن بلاده لا يمكنها أن تقبل ذلك.
وكان المسؤولون الأتراك قد استنكروا ما وصفوها بالاستفزازات الأرمينية التي قالوا إنها تسببت في تصاعد التوتر في قره باغ، وأكد وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو وقوف بلاده بجانب أذربيجان.
وفي الولايات المتحدة، قال منسق الاتصالات الإستراتيجية بمجلس الأمن القومي جون كيربي إن بلاده قلقة من استمرار الهجمات المتبادلة على الحدود الأذرية الأرمينية.
وأضاف كيربي -في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض- أن الولايات المتحدة تجري اتصالاتها مع الطرفين لحل الأزمة، وتؤكد أنه ما من حل عسكري لهذا الصراع.
وأشار إلى أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن تحدث -عبر الهاتف- مع رئيس أذربيجان إلهام علييف ورئيس وزراء أرمينيا.
ويخوض البلدان صراعا منذ عقود على منطقة ناغورني قره باغ، التي كانت تضم تاريخيا أغلبية من السكان الأرمن لكنها كانت جزءا قانونيا من أذربيجان في ظل حكم السوفيات.
وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، أعلنت منطقة قره باغ استقلالها عن باكو تحت اسم جمهورية آرتساخ، بدعم من يريفان، مما أثار حربا استمرت 3 سنوات.
وانتهت الحرب عام 1994 مع انتصار أرمينيا، وظلت قره باغ ربع قرن تحت السيطرة الأرمينية الفعلية رغم أن وضعها لم يكن معترفا به دوليا أبدا.
وبعد عقود من الجمود، استعادت أذربيجان فجأة أجزاء كبيرة من هذه المنطقة في حملة عسكرية عام 2020، مما أجبر أرمينيا على تقديم تنازلات إقليمية كبيرة.
(الجزيرة)