أرجأت محكمة مغربية، الأربعاء، محاكمة 28 مهاجراً سرياً من ضمن مجموعة ثانية من مهاجرين أفارقة اعتقلتهم السلطات في المغرب أثناء محاولتهم اقتحام البوابة الحدودية الفاصلة ما بين محافظة الناظور شمال شرقي البلاد، ومدينة مليلية المحتلة، في 24 يونيو/ حزيران الماضي، في ما عُرف بـ"مأساة مليلية".
وحسب صحيفة "العربي الجديد"، فقد قرّرت غرفة الجنايات الاستئنافية في الناظور، للمرة الثانية على التوالي، تأجيل جلسة محاكمة المهاجرين السريين، من أجل استدعاء المشتكين من قوات الأمن المغربية الذين كانوا قد تقدّموا بعشرين شهادة طبية لإثبات إصابتهم في خلال أحداث اقتحام المعبر الحدودي الفاصل بين مدينة الناظور ومدينة مليلية المحتلة، التي أدّت إلى مصرع 23 مهاجراً سرياً وجرح مئات في صفوف قوات الأمن المغربية والمهاجرين.
ووجّهت المحكمة إلى المهاجرين الـ28، وهم سودانيون بمعظمهم، إلى جانب مهاجر واحد من تشاد، وآخر من اليمن، تهماً بـ"الدخول بطريقة غير شرعية إلى التراب المغربي"، و"إهانة موظفين عموميين في أثناء قيامهم بمهامهم والعنف في حقهم والعصيان"، و"حيازة السلاح الأبيض في ظروف من شأنها تهديد الأمن العام"، و"الضرب والجرح بواسطة سلاح"، و"تسهيل وتنظيم خروج أشخاص أجانب بصفة سرية خارج التراب الوطني".
وقد وُجّهت إلى مهاجرين آخرين من المجموعة نفسها تهم "إضرام النار عمداً في الملك الغابي"، و"احتجاز شخص والقبض عليه وحبسه وحجزه دون أمر من السلطات المختصة وفي غير الحالات التي يجيز فيها القانون أو يوجب ضبط الأشخاص"، و"الضرب والجرح العمديين بواسطة السلاح"، و"استعمال العنف ضدّ رجال القوة العمومية في أثناء قيامهم بعملهم مع سبق الإصرار".
وكانت المحكمة الابتدائية بالناظور قد قضت، يوم الثلاثاء في 19 يوليو/ تموز الجاري، بحبس 33 مهاجراً سرياً ضمن مجموعة أولى من مهاجرين أفارقة اعتقلتهم السلطات المغربية في أثناء محاولتهم اقتحام المعبر الحدودي الفاصل بين الناظور ومليلية في 24 يونيو الماضي.
ويمتدّ الحبس على 11 شهراً نافذة لكلّ واحد من المهاجرين الـ33، مع تغريمهم مبلغ 500 درهم مغربي (نحو 50 دولاراً أميركياً)، فيما حكمت بتعويض لثلاثة مطالبين بالحق المدني بمبلغ 3500 درهم (نحو 350 دولاراً)، مع تحميلهم الصائر (المصاريف القضائية) وإجبارهم في الأدنى (غرامة مالية لفائدة خزينة الدولة وتعويض المطالب بالحق المدني).
يُذكر أنّه خلال جلسة الحكم تلك، التمست هيئة الدفاع عن المهاجرين المعتقلين البراءة للمتّهمين، لافتة انتباه المحكمة إلى وضعهم كلاجئين فارّين من ظروف حرب وعدم استقرار اجتماعي، وكذلك اقتصادي، في حين التمس وكيل الملك لدى المحكمة إدانتهم بما نُسب إليهم.
وعرف السياج الحدودي الفاصل بين مدينة مليلية المحتلة ومحافظة الناظور، منذ الساعات الأولى من صباح 24 يونيو الماضي، محاولات اقتحام أتى بها عشرات المهاجرين الأفارقة، وصفتها وسائل إعلام إسبانية بـ"العنيفة والمنظمة"، مشيرة إلى أنّ المجموعة التي تمكّنت من الاقتراب من السياج كانت محمّلة بحقائب ظهر مليئة بالحجارة والأسلحة البيضاء.
وتُعَدّ مدينة مليلية كما مدينة سبتة نقطتَي عبور معروفتَين للمهاجرين السريين الذين يحاولون الوصول إلى "الفردوس الأوروبي". وقبل أسابيع من الحدث المأساوي المشار إليه تجاوز عدد المهاجرين الذين دخلوا سبتة ومليلية ثلاثة أمثال العدد الذي دخل في الفترة نفسها من عام 2021.