جددت تركيا نفي مسؤوليتها عن الهجوم الذي استهدف منتجعا بكردستان العراق أمس وأسفر عن مقتل 9 أشخاص وإصابة 22 آخرين، في وقت حمّلت فيه بغداد أنقرة مسؤولية القصف وأعلنت الخميس يوم حداد رسمي في البلاد.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو لمحطة "تي آر تي خبر" التركية إن "قوات الأمن التركية لم ولن تستهدف المدنيين إطلاقا، وبحسب المعلومات الواردة من قواتنا المسلحة، لم ننفذ أي هجوم ضد المدنيين في محافظة دهوك العراقية".
وطالب الوزير التركي السلطات العراقية بتجنّب السقوط في فخ التنظيمات الإرهابية بشأن الهجوم، وأضاف أن بلاده تقف إلى جانب الحكومة العراقية وتعمل على مواجهة التنظيمات الإرهابية، التي قال إنها تواصل استهداف المدنيين.
وأوضح جاويش أوغلو أنه "بعد هذا الهجوم الذي نعتقد أن منظمة (حزب العمال الكردستاني) الإرهابية نفذته، نحن مستعدون لإجراء محادثات مع المسؤولين العراقيين. يمكننا التعاون لإزالة الغموض وكشف الملابسات. وإلى حين حدوث هذا، ليس من الصواب إلقاء اللوم على تركيا".
وكانت وزارة الخارجية التركية دعت أمس السلطات العراقية إلى التعاون للكشف عن الجناة الحقيقيين في الهجوم الذي وقع في دهوك.
وأكدت أن أنقرة ضد أي هجوم يستهدف المدنيين، مشددة على أن تركيا تكافح الإرهاب بشكل يتوافق مع القانون الدولي، مع مراعاة عظمى لحياة المدنيين والبنية التحتية المدنية والصروح الثقافية والتاريخية.
وقدّمت السفارة التركية -على حسابها على تويتر- "العزاء لإخوتنا العراقيين الذين استشهدوا على يد حزب العمال الكردستاني".
يوم حداد
وفي المقابل، شيّع العراق -اليوم الخميس- ضحايا قصف المنتجع السياحي في زاخو، والذي حمّل تركيا مسؤوليته. وقد أرسلت السلطات العراقية طائرة عسكرية لنقل جثامين الضحايا من مطار أربيل إلى بغداد.
وأعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الخميس يوم حداد وطني، فيما تصاعد الغضب الشعبي في العراق بسبب الحادث.
وكان الكاظمي اتهم القوات التركية بارتكاب ما وصفه بالانتهاك السافر للسيادة العراقية.
وأدان الرئيس العراقي برهم صالح ما قال إنه قصف تركي في إقليم كردستان العراق. وفي تغريدة على تويتر، اعتبر صالح القصف انتهاكا لسيادة العراق، وأن تكراره غير مقبول ويهدد الأمن القومي العراقي.
وقال الرئيس العراقي -في تغريدته- إن مثل هذه الأعمال منافية للقانون الدولي وقواعد حسن الجوار.
كما دان رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور البارزاني القصف على محافظة دهوك، وقال إنه لا يوجد أي مبرر للهجوم على المدنيين.
وسلمت وزارة الخارجية العراقية، الخميس، مذكرة احتجاج شديدة اللهجة إلى السفير التركي احتجاجا على القصف التركي على محافظة دهوك.
ودعت رئاسة البرلمان العراقي إلى عقد جلسة للبرلمان يوم السبت المقبل لبحث تداعيات الاعتداءات التركية على الأراضي العراقية بحضور وزيرا الدفاع والخارجية ورئيس أركان الجيش.
وكان غالبية الضحايا من وسط وجنوب البلاد، ممن يتوجهون إلى المناطق الجبلية في كردستان المحاذية لتركيا هربا من حرارة الصيف.
وشهدت مدن عراقية مختلفة من بينها العاصمة بغداد بعض الاحتجاجات أمام مقار تابعة للسفارة التركية، وطالب المحتجون السلطات العراقية بالرد على الهجوم الذي شهدته محافظة دهوك.
وجرت مظاهرات مماثلة ليل الأربعاء في مناطق مختلفة من البلاد أمام مراكز منح تأشيرات الدخول، مثل كركوك شمالا، والنجف وكربلاء جنوبا.
وصعّدت بغداد الليلة الماضية النبرة بمطالبتها بانسحاب الجيش التركي من أراضيها، كما أعلنت استدعاء القائم بأعمالها من أنقرة "وإيقاف إجراءات إرسال سفير جديد إلى تركيا"، بحسب بيان رسمي.
كما قرر العراق رفع شكوى لدى مجلس الأمن ضد تركيا، ووجه الكاظمي -بحسب التلفزيون الرسمي- بإعداد ملف شامل "للانتهاكات" التركية المستمرة، وتقديمه إلى مجلس الأمن.
ودعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى تصعيد الموقف مع تركيا عقب القصف، وذلك عن طريق إغلاق المعابر والمطارات العراقية في وجه تركيا، وتقليل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، وإلغاء الاتفاقيات الأمنية بين الجانبين، إذا استمرت أنقرة في مثل هذه الهجمات.
إدانات
وأدان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط -اليوم الخميس- الهجوم التركي، ونقل جمال رشدي المتحدث الرسمي باسم الأمين العام عنه تأكيده الرفض الكامل للاعتداء التركي على السيادة العراقية، والذي يمثل خرقا صريحا للقانون الدولي وانتهاكا سافرا لمبادئ حسن الجوار.
كما قدَّمت مصر التعازي بضحايا الهجوم، وأعربت عن "إدانتها بأشدِّ العبارات لهذا الاعتداء الآثم"، مشددةً على "ضرورة احترام ثوابت ومقررات القانون الدولي ذات الصلة بحماية المدنيين".
وأكدت مصر "دعمها الكامل لسيادة العراق، ومساندتها لما تتخذه الحكومة العراقية من إجراءات لحفظ أمن واستقرار البلاد ومقدرات الشعب العراقي".
وأعرب البرلمان العربي -اليوم الخميس- عند إدانته للهجوم التركي، وأكد أنه انتهاك صارخ لكافة المواثيق والأعراف الدولية.
وأعربت إيران عن إدانتها القصف التركي، وأكدت أهمية الاستقرار لأمن العراق.
من جانبها، قالت الخارجية الأميركية إنها اطلعت على تقارير عن قصف أسفر عن مقتل مدنيين في شمال العراق أمس الأربعاء، داعية إلى ضرورة أن يحترم أي عمل عسكري سيادة العراق وسلامة أراضيه.
ودعت ألمانيا وكندا لإجراء تحقيق شامل بشأن القصف.
وتشهد المناطق الحدودية مع تركيا في العراق توترا وعنفا متكررا. ففي منتصف أبريل/نيسان الماضي، أعلنت تركيا -التي تقيم منذ 25 عاما قواعد عسكرية في شمال العراق- تنفيذ عملية جديدة ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني، وجاءت العملية -التي أطلق عليها اسم "قفل المخلب"- بعد عمليتي "مخلب النمر" و"مخلب النسر" اللتين أطلقهما الجيش التركي في شمال العراق عام 2020.
لكن هذه العمليات تفاقم الضغط على العلاقات بين أنقرة وبغداد التي تتهم تركيا بانتهاك حرمة أراضيها رغم أن البلدين شريكان تجاريان مهمان.
وفي أواخر مايو/أيار الماضي، قُتل طفلان بسقوط صواريخ على بساتين في إقليم كردستان.
ويخوض حزب العمال الكردستاني -الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون منظمة "إرهابية"- تمردا ضد تركيا منذ عام 1984، ويتمركز في مناطق جبلية نائية بالعراق.
(وكالات)