أجلت فرنسا ما يزيد على 16 ألف شخص بسبب خطر حرائق الغابات التي تجتاح منطقة جنوب غربي البلاد، في ظل انتشار حرائق أخرى في إسبانيا وكرواتيا واليونان.
واضطرت سلطات منطقة جيروند الفرنسية السياحية الشهيرة إلى إجلاء العاملين في مواقع معسكرات قضاء العطلات، بعد أن غادرها سيّاح في وقت سابق، كما انتشرت الحرائق في منطقتي تست-دو-بوش ولانديرا.
وفي جنوبي إسبانيا فر ما يربو على 3200 شخص من حرائق في تلال ميخاس، على الرغم من تمكن البعض من العودة في وقت لاحق.
كما سيطرت السلطات في البرتغال على حرائق أخرى في الوقت الراهن.
وشهدت الأيام الماضية وفاة ما يزيد على ألف شخص بسبب الحر في البرتغال وإسبانيا.
ولا تبعد حرائق ميخاس في إسبانيا عن منطقة مالقة السياحية الشهيرة، كما اندلعت حرائق غابات في مقاطعات قشتالة وليون وغليقية وإكستريمادورا.
وقالت إيلين مكوردي، التي تعيش في منطقة مالقة، لوكالة رويترز للأنباء: "حملنا بعض الأشياء الضرورية وفررنا بالفعل، في ذلك الوقت كان الجميع في الشارع يركضون ... شاهدنا الكثير من سيارات الإسعاف وعربات الإطفاء".
ونشرت السلطات في عدد من دول منطقة البحر الأبيض المتوسط، من المغرب غربا إلى جزيرة كريت شرقا، الآلاف من رجال الإطفاء والعديد من طائرات مكافحة الحرائق التي تستخدم قاذفات رش المياه.
وتواجه منطقة البحر المتوسط بأكملها، منذ يوم الثلاثاء، موجة حر شديدة، تسببت في جفاف النباتات.
وأصبحت موجات الحر الشديدة من الأمور المتكررة، وتستمر لفترة أطول بسبب تغير المناخ الناتج على سلوك البشر، وهو ما أدى إلى ارتفاع درجة حرارة العالم بالفعل بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بدء العصر الصناعي، وسوف تواصل درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تقم حكومات الدول في شتى أرجاء العالم بخفض حاد لانبعاثات الكربون.
وكانت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية قد توقعت أن تصل درجات الحرارة إلى 41 درجة مئوية، في جنوبي البلاد يوم الأحد، ومن المتوقع تسجيل درجات حرارة جديدة يوم الاثنين.
وفي البرتغال سجلت درجة الحرارة مؤخرا 47 درجة مئوية.
كما أصدرت السلطات في المملكة المتحدة تحذيرا من درجات الحرارة الشديدة في مناطق في انجلترا، وهو تحذير يحمل "اللون الأحمر"، فيما تستعد البلاد لتسجيل درجات حرارة قياسية يومي الاثنين والثلاثاء، وربما تصل إلى 41 درجة مئوية في بعض المناطق.
وقالت يونيس لو، عالمة المناخ في جامعة بريستول، لبي بي سي: "درجات الحرارة المرتفعة علامة على تغير المناخ"، وتشهد المملكة المتحدة تسجيل ألفي حالة وفاة كل عام بسبب موجات الحر.
وتشير السجلات العامة إلى أنه منذ عام 1884 سجلت المملكة المتحدة أشد عشر سنوات حرارة منذ عام 2002، وأضافت لو، في إشارة إلى الوضع على الصعيد العالمي: "أصبحت موجات الحر أكثر شيوعا وتستمر لفترة أطول. نحن بحاجة إلى وقف استخدام الوقود الأحفوري، والعمل الآن وبسرعة".
كما أمرت السلطات المغربية ما يزيد على 1300 شخص بمغادرة منازلهم ونشر المزيد من رجال الإطفاء لمكافحة حرائق الغابات في شمال البلاد، وكانت منطقة العرائش الأكثر تضررا.
وفي جزيرة كريت، يكافح رجال الإطفاء حرائق هائلة في التلال المحيطة بمدينة ريثيمنو على الساحل الشمالي، وقالوا يوم السبت إنهم استطاعوا احتواء الحرائق جزئيا.
كما تضررت بعض المناطق في جنوب غربي تركيا وعلى الساحل الأدرياتيكي الكرواتي من حرائق الغابات، كما اندلعت حرائق بالقرب من بلدتي زادار وسيبينيك، وهما من بين المنتجعات الكرواتية، لكنهما لم يضطرا إلى عمليات إجلاء كبيرة.
ووضعت السلطات الفرنسية، في وقت متأخر من يوم السبت، 22 إقليما، معظمها على طول سواحل المحيط الأطلسي، في حالة تأهب قصوى، تحمل "اللون البرتقالي".
ووصف أحد سكان جنوب غربي فرنسا حرائق الغابات بأنها "مروعة للغاية"، وتسببت الحرائق في إتلاف 10500 هكتار (26000 فدان) من الأراضي هناك، كما أشاد وزير الداخلية، جيرالد دارمانان بـ "الشجاعة الرائعة" التي أظهرها رجال الإطفاء.
تأثير الحرارة على جسم الإنسان
وقالت مانون جاكارت، 27 عاما، لبي بي سي: "كل شيء حدث بسرعة كبيرة، كانت الحرائق هائلة، هائلة جدا"، وكانت جاكارت من بين الذين أجلتهم السلطات من موقع معسكر تعمل فيه، وتقول إنها نامت في مركز إيواء بالقرب من تست-دي-بوش، يضم مئات الأشخاص الآخرين أيضا تضرروا من خطر الحرائق.
وقالت: "أنا قلقة، وخائفة ... أحاول أن أكون قوية بقدر ما أستطيع ولكني لست بخير ... أريد أن أنسى هذا الأسبوع".
وفي ذات الوقت حثت السلطات متسلقي جبال الألب على تأجيل رحلاتهم إلى مون بلان بسبب خطر سقوط الصخور نتيجة "الظروف المناخية الاستثنائية".
وقالت يونيس لو إن موجات الحر تعرض المواطنين لخطر الإصابة بضربات الشمس والإرهاق الحراري والغرق، حيث يتدافع المواطنون لتخفيف حدة الحرارة التي يتعرضون لها، كما تواجه الحيوانات الأليفة وحيوانات المزارع خطرا هي الأخرى.
وأضافت: "حتى الأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة فهم معرضون للخطر"، على الرغم من أن الأطفال الصغار وكبار السن والذين يعانون من ظروف صحية صعبة هم الفئات الأكثر عرضة للخطر.
كما يمكن للحرارة الشديدة أن تتسبب في حدوث أضرار بالبنية التحتية، مثل تلف الطرق وانحناء خطوط السكك الحديدية.
وكانت الحرائق في البرتغال قد تسببت في تدمير 30 ألف هكتار (75 ألف فدان) من الأراضي العام الجاري، معظمها في شمالي البلاد، ويعد هذا أسوأ ضرر بسبب الحرائق منذ صيف عام 2017، عندما أسفرت الحرائق المدمرة عن وفاة نحو 100 شخص.
وفي جنوبي إسبانيا شاهد المصطافون على الشاطئ في مدينة توريمولينوس تصاعد أعمدة الدخان الكثيفة بسبب الحرائق في الجبال.
وتلقي الطائرات مواد لمكافحة الحرائق، كما تجوب الطائرات المروحية منطقة الساحل، وتجمع مياه البحر لإخماد النيران.
وقالت أشلي بيكر، مواطنة من السكان المحليين: "يوجد نحو 40 منزلا في منطقتنا، كان الجميع في حالة توتر عصبي بالفعل، كانوا يقفون بالخارج أو في الشرفات يراقبون الوضع".
وأضافت: "حتى الآن هناك حرائق في أعلى الجبال، ابتعدت عن هنا، أشعر بارتياح كبير".
(بي بي سي)