أعلنت روسيا اليوم الاثنين أن هناك "فرصا" لحل الأزمة الأوكرانية من خلال القنوات الدبلوماسية، في وقت أكدت فيه كييف تمسكها بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) أحد أسباب التوتر مع موسكو في ظل تحذيرات غربية من اندلاع حرب وشيكة.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف -خلال لقاء مع الرئيس فلاديمير بوتين بث عبر التلفزيون- "يجب أن أقول إن هناك دائما فرصة لحلّ المشكلات التي تحتاج إلى حلّ"، مضيفاً أنّ فرص الحوار "لم تستنفد".
إلا أن لافروف أكد أن الرد الغربي بشأن مسألة عدم تجزئة الأمن غير ملائم لروسيا، وأضاف أن موسكو ستسعى للحصول على إجابات بشأن الضمانات الأمنية، بما في ذلك انضمام أوكرانيا للناتو.
بدوره، طلب بوتين من لافروف متابعة المشاورات مع الغرب بشأن القضايا الرئيسية التي تثير هواجس روسيا في مجال الأمن.
وفي لقاء منفصل مع الرئيس الروسي، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إن بعض المناورات ستنتهي قريبا.
وأبلغ شويغو بوتين تفاصيل إجبار غواصة أجنبية على مغادرة المياه الإقليمية الروسية شرقي البلاد، وأشار إلى أن النشاط العسكري الأجنبي الواسع في أقصى الشرق غير مفهوم وغير مبرر، وفق تعبيره.
وأشار وزير الدفاع الروسي إلى أنّ جزءاً من المناورات العسكرية الضخمة الجارية حالياً في روسيا وبيلاروسيا شارفت على الانتهاء.
تحذيرات غربية
ويأتي الموقف الروسي الذي يفسره البعض خطوة على طريق التهدئة فيما تواصلت التحذيرات الغربية من احتمال اندلاع الحرب في أوكرانيا.
وقال وزير القوات المسلحة البريطاني إن روسيا قد تهاجم جارتها الغربية من دون سابق إنذار، كما تحدث الإعلام الأميركي عن معلومات استخباراتية تشير إلى أن يوم الأربعاء سيكون موعدا محتملا لبدء الغزو.
وقالت شبكة "سي بي إس" (CBS) الأميركية إن 3 مصادر أكدوا لها أن الولايات المتحدة تستعد لسحب كل موظفيها من العاصمة الأوكرانية كييف في غضون 24 إلى 48 ساعة.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) أن المسؤولين الأميركيين حصلوا على معلومات استخباراتية تفيد بأن روسيا تدرس بدء العمل العسكري المحتمل ضد أوكرانيا يوم الأربعاء.
لكن الصحيفة نقلت عن عدد من المسؤولين -الذين تم إطلاعهم على تلك المعلومات- احتمال أن تكون الإشارة إلى تاريخ محدد جزءا من محاولة تضليل روسية.
وكان مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان صرح الجمعة الماضي بأن الروس باتوا في وضع يمكنهم من إطلاق عمل عسكري كبير في أوكرانيا في أي يوم، مشيرا إلى أن الغزو قد يبدأ قبل نهاية أولمبياد بكين الشتوية التي تختتم في 20 فبراير/شباط الجاري.
وقال وزير القوات المسلحة البريطاني جيمس هيبي اليوم إن الهجوم على أوكرانيا قد يحدث من دون سابق إنذار، ورأى أن أوروبا باتت أقرب إلى الحرب مقارنة بأي مرحلة أخرى خلال 70 عاما الماضية.
وأكد هيبي أن بريطانيا ستدعم أي قرار تتخذه أوكرانيا بشأن مساعيها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وقال في تصريح لشبكة "سكاي" (Sky) "إذا قررت أوكرانيا أن تعرض عدم انضمامها إلى الحلف فإننا ندعم ذلك، وهذا أمر يقرره الأوكرانيون". وذلك ردا على سؤال بشأن تصريحات للسفير الأوكراني في لندن قال فيها إن بلاده قد تتخلى عن سعيها للانضمام لحلف شمال الأطلسي لتجنب حرب مع روسيا.
في غضون ذلك، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن الكرملين قوله إن العلاقات بين موسكو وواشنطن وصلت إلى "الحضيض"، رغم تزايد الحوار الثنائي في الآونة الأخيرة.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف -في مقابلة مع الوكالة- "زعيما البلدين على تواصل، وهناك حوار على أصعدة أخرى؛ هذا تطور إيجابي لأنك تعلم أنه قبل عامين فقط لم يكن هناك حوار، ولم تكن هناك مثل هذه الاتصالات على الإطلاق".
وتابع "لكن بالنسبة لبقية الجوانب، للأسف لا يمكن الحديث سوى عن سلبيات فقط في العلاقات الثنائية؛ وصلنا إلى مستوى متدن للغاية، إنها في الحضيض".
وقال بيسكوف إن روسيا تعمل على وضع اللمسات الأخيرة لسياستها الخارجية وفق تطورات الوضع الراهن، مؤكدا أن موسكو غير مستعدة لنقل الحوار الأمني إلى نظام مفاوضات يمتد سنوات.
دبلوماسية الساعات الأخيرة
وفي خضم التوتر المتصاعد حاليا، وصل المستشار الألماني أولاف شولتز اليوم الاثنين إلى كييف لمواصلة الجهود الدبلوماسية من أجل تجنب ما قد تكون أسوأ أزمة في أوروبا منذ الحرب الباردة.
ومن المقرر أن يتوجه شولتز غدا الثلاثاء للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، على خطى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زارها الأسبوع الماضي.
وقال الرئيس الأوكراني في مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني في كييف إن بلاده ما تزال تسعى للحصول على عضوية حلف النيتو، وأكد أن ذلك الانضمام "سيضمن أمنها".
وأضاف زيلينسكي أنه من المهم أن تتمكن بلاده من شراء أسلحة لـ"صد العدوان". وأن "بعض القادة يلمحون إلى أنه ينبغي ألا نتحدث كثيرا عن الانضمام للنيتو ولكن قرار الانضمام بيدنا"، وفق قوله.
Olaf Scholz - Volodymyr Zelensky meeting in Kievالرئيس الأوكراني (يمين) خلال اجتماعه مع مستشار ألمانيا في كييف (الأناضول)
وأبلغ الرئيس الأوكراني المستشار الألماني خلال اجتماع أنّ بلاده تعتبر خط أنابيب الغاز المثير للجدل "نورد ستريم 2" الذي يربط بين روسيا وألمانيا "سلاحاً جيوسياسيا".
بدوره حضّ المستشار الألماني روسيا على اغتنام "عروض الحوار" الهادفة إلى وقف تصعيد الأزمة الأوكرانية.
وقال شولتس إنّ "النشاطات العسكرية لروسيا على الحدود الأوكرانية غير مفهومة. لا توجد أسباب معقولة لهذا الانتشار العسكري. ونطلب من روسيا اغتنام عروض الحوار المطروحة".
وأضاف "نعمل بشكل حثيث على إعداد حزمة عقوبات غربية على روسيا ومستعدون لاتخاذ القرار اللازم في أي لحظة".
وحشدت روسيا -وفق بعض المصادر الغربية- نحو 130 ألف جندي قرب حدودها مع جارتها الغربية، غير أنها -وهي التي ضمت شبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014- تنفي أن تكون لديها أي نية للغزو حاليا، لكنها تشترط لوقف التصعيد مجموعة من المطالب؛ بينها ضمان عدم انضمام كييف إلى الناتو، ويرفض الغربيون هذا الشرط.
وعكست بعض عناوين الصحافة الغربية مخاوف متصاعدة من تفجر الصراع؛ إذ عنونت صحيفة ميرور (Mirror) البريطانية اليوم "عدّ تنازلي للحرب"، وقالت إن "سفك الدماء يلوح في أوروبا".
(الجزيرة)