لم تكن حادثة اعتقال 3 إسرائيليين قبل أيام في الإمارات، بعد ضبطهم متلبسين بسرقة بضائع معفاة من الرسوم الجمركية من السوق الحرة في مطار دبي، حادثة استثنائية، بل كشفت عن عمق ظاهرة ضلوع الإسرائيليين بعمليات سرقة من الفنادق وارتكاب مخالفات مرورية وملفات جنائية تتعلق بالمخدرات.
وخلال عام التطبيع السياحي الأول، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بتسجيل أعمال شغب قام بها سياح إسرائيليون في الفنادق والحفلات بالإمارات، وحوادث ألحقت أضرارا بالسيارات الفاخرة.
فقد تم إحباط عمليات تهريب الهدايا والبضائع ذات الأثمان الباهظة، وكُشف عن محاولات التهرب من دفع ثمن المشروبات في الثلاجات الصغيرة بالفنادق بملء الزجاجات الفارغة من المشروبات بالمياه، والطهي في غرف الفنادق على الرغم من حظره.
أسدل الستار عن العام الأول للتطبيع السياحي، بعنوان "تم ضبطهم متلبسين" إذ أفادت شركة الأخبار الإسرائيلية "ماكو" بأنه تم احتجاز 3 سياح إسرائيليين في مطار دبي بعد ضبطهم متلبسين بسرقة المنتجات والبضائع من السوق الحرة، وعثر بحوزتهم على زجاجات خمر وعبوات شوكولاتة باهظة الثمن، وهاتف خليوي من نوع "آيفون" مطلي بالذهب.
حوادث وسرقات
وفي ظل كثرة الحوادث التي تشير إلى ضلوع سياح إسرائيليين بأعمال سرقة، طلب طاقم المستخدمين بالسوق الحرة من السياح الثلاثة تقديم توضيحات بشأن المسروقات المضبوطة بحوزتهم، وتم تغريمهم بعدة آلاف من الدراهم، بعد أن طلب منهم شراء المنتجات التي سرقوها، وعندها فقط سمح لهم بالصعود إلى الطائرة المتجهة إلى مطار بن غوريون في اللد.
ونقلت شركة الأخبار عن سائح إسرائيلي يدعى ألون، وجد في المكان لحظة ضبط المسروقات مع السياح الثلاثة، قوله "العمال في السوق الحرة لم يرغبوا في إحداث فوضى وإثارة أعمال شغب أو إشراك الشرطة حتى لا يضر ذلك بالسياح الآخرين الموجودين هناك".
وأضاف ألون "بشكل عام، دبي لديها حساسية كبيرة تجاه علاقة التطبيع مع إسرائيل، وتحاول جاهدة عدم تسليط الضوء على تورط الإسرائيليين في ارتكاب جرائم جنائية في الإمارات، وعليه فالكثير من الحوادث والسرقات والمخالفات الجائية لا يتم تبليغ الشرطة المحلية عنها، ويتم الاكتفاء بتغريم السائح الإسرائيلي وتحذيره".
صمت وتكتم
وما يعزز الطرح -الذي يشير إلى أن الإمارات تمتنع عن تسليط الأضواء على الكثير من قضايا السرقة والمخالفات الجنائية للسياح من إسرائيل حفظا على العلاقات المشتركة- هو التكتم وعدم الكشف عن تفاصيل اعتقال سائح إسرائيلي (29 عاما) قبل أيام فور هبوطه في مطار دبي.
ووفقا للقناة-12 الإسرائيلية تم نقل السائح للتحقيق لدى شرطة دبي، حيث لا تزال تفاصيل التحقيق غير واضحة، لكنها تجري في احتمال تورطه في قضية مخدرات أو سرقة.
وفي ظل حالة من التكتم على قضية الاعتقال، تواصلت سفارة تل أبيب في دبي بأسرة المحتجز وأجهزة إنفاذ القانون بالإمارات، حيث أكدت الخارجية الإسرائيلية اعتقاله، لكنها رفضت تقديم مزيد من التفاصيل بذريعة "الخصوصية الفردية".
ضبط واحتجاز
لا تقتصر المخالفات للإسرائيليين في دبي على السرقة أو جرائم تتعلق بالمخدرات، بل تشمل أيضا ارتكاب مخالفات سير. ففي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تم تغريم سائح إسرائيلي بمبلغ 12 ألف دولار بعد أن ضبطته الشرطة عقب تجاوزه الإشارة الضوئية الحمراء، بحسب ما أفاد الموقع الإلكتروني "كيبا" المحسوب على معسكر اليمين والمستوطنين.
كما تم تغريم هذا السائح بمبلغ 5 آلاف دولار إضافية من قبل شركة تأجير السيارات كونه كان يسافر بسيارة فاخرة مستأجرة من نوع "لامبورغيني" التي تم الحجر عليها لدى شرطة دبي لمدة 30 يوما، علما بأن هذه المخالفة تغرم صاحبها في إسرائيل بـ 400 دولار وسحب رخصة القيادة لمدة 30 يوما، بحسب قوانين السير المعمول بها.
وقد ألزمت سلطات إنفاذ القانون السائح الإسرائيلي بدفع الغرامة ومنعته من مغادرة أراضيها لحين دفع الغرامة كاملة، وقام السائح بالاستعانة بأحد أصدقائه بتل أبيب، حيث أخذ قرضا من أحد البنوك الإسرائيلية وقام بتحويل قيمة الغرامة لسلطات دبي التي احتجزته لمدة أسبوع وأخلت سبيله بعد دفع المبلغ.
مخالفات وغرامات
يعتقد الإسرائيليون أن الإمارات كإسرائيل، حيث يمكنهم ارتكاب مخالفات السير والتهور خلال القيادة وعمل كل ما يحلو لهم دون رقيب وحسيب. لكن هنا في الإمارات، يقول دليل سياحي إسرائيلي "هناك كاميرات على الطرقات توثق كل شيء والغرامات باهظة للغاية، لا يمكن للسائح التصرف بسذاجة، إنهم يفعلون كل شيء للقضاء على الجريمة والمخالفات المرورية".
ووفقا لـ شمعون إيفرجان مراسل "ماكو" فإن التقديرات تشير إلى أنه خلال العام الأول من التطبيع بين الطرفين تم تغريم مئات الإسرائيليين لارتكابهم مخالفات مرورية في أبو ظبي، علما بأن الغالبية العظمى للمخالفات هي تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء.
وأوضح أن السائح الإسرائيلي عليه أن يفهم أن الإمارات صارمة للغاية مع مخالفي المرور، بغض النظر عما إذا كان سائحا أو مواطنا محليا، وعلى ما يبدو فهذا السائح لا يفهم إلا لغة الغرامات ولن يلتزم بالقوانين إلا حين يشعر بأن ذلك سيكلف المساس بجيبه وتغريمه بمبالغ باهظة.
المحظور والمسموح
وفي العودة إلى بدايات التطبيع السياحي في ديسمبر/كانون الأول 2020 الذي شكل الأسابيع الأولى للوفود السياحية الإسرائيلية بالإمارات، سرعان ما تكشفت لدى سلطات إنفاذ القانون الإماراتية ظاهرة إقدام بعض السياح الإسرائيليين على سرقة أغراض وممتلكات من الغرف الفندقية.
وامتنعت الإمارات في البداية عن تقديم شكوى رسمية للجانب الإسرائيلي بغرض عدم تشويش العلاقات السياحية بين الجانبين، بحسب ما أفاد في حينه الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" التي سردت ووثقت الشكاوى على السياح الإسرائيليين في فنادق أبو ظبي ودبي، نقلا عن شركات سياحة إسرائيلية.
وتكشفت هذه الظاهرة سريعا، رغم مبادرة الخارجية الإسرائيلية بإصدار "مذكرة سلوك" تضمن تعليمات حول "المحظور والمسموح به" وإرشادات للإسرائيليين حول كيفية التصرف عند السفر إلى الإمارات والنزول في فنادقها.
وعلى الرغم من مذكرة السلوك والتعليمات، فإنه خلال العام الأول للتطبيع السياحي سجلت مئات المخالفات لسياح إسرائيليين بارتكاب مخالف سرقة من السوق الحرة، ومخالفات مرورية، عدا ملفات جنائية تتعلق بالمخدرات.
ولعل الأبرز هو ظاهرة سرقة بعض مقتنيات وممتلكات الفنادق، والمعدات والتحف والمناشف والغلايات والمصابيح وأغطية الأسرة من الغرف الفندقية، وقد باتت هناك ظاهرة تفتيش الموظفين بالفنادق لحقائب السياح الإسرائيليين قبل المغادرة.
المصدر: الجزيرة