انطلقت مظاهرات عدة في العاصمة السودانية الخرطوم اليوم الجمعة دعما لمدنيّة الدولة، في وقت تعهد فيه رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان بمنع أي محاولات لإعاقة مسار العملية الانتقالية.
ووصل ظهر اليوم الجمعة إلى الخرطوم قطار عطبرة الذي يحمل أعدادا من المتظاهرين للمشاركة في مواكب (مظاهرات) دعم الحكم المدني.
وكان القطار تأخر عن اللحاق بمظاهرات أمس الخميس بسبب ما وصفه المتظاهرون بأعمال تخريبية أعاقت وصوله في الوقت المناسب.
وقد خرج متظاهرون من عدة أحياء بالخرطوم في استقبال القطار، وذلك في إطار حراك الشارع السوداني لدعم الحكم المدني وإكمال هياكل الفترة الانتقالية وعلى رأسها المجلس التشريعي وتحسين الأوضاع المعيشية.
وأضاف أن هذ القطار يحمل الشعارات نفسها التي رفعتها المظاهرات التي خرجت في الخرطوم أمس الخميس، والتي تندد بمحاولات الانقلاب المتكررة وتطالب بإقامة حكم مدني وتكوين البرلمان والمحكمة الدستورية.
ومنذ أيام، يتصاعد توتر بين المكونين العسكري والمدني في السلطة الانتقالية بسبب انتقادات وجهتها قيادات عسكرية للقوى السياسية على خلفية الإعلان عن إحباط محاولة انقلاب الأسبوع الماضي.
واندلعت أمس الخميس مواجهات في الخرطوم بين قوات الأمن ومتظاهرين يطالبون بإرساء حكم مدني واستكمال مؤسسات السلطة الانتقالية، وقد تم اعتقال عدد من المحتجين، في حين دعا مجلس الوزراء السوداني إلى عقد اجتماع عاجل مشترك مع مجلس السيادة لمناقشة قضايا الوضع الراهن.
كما خرجت مظاهرات في كسلا وبورتسودان والقضارف (شرق) ودارفور (غرب) وعطبرة (شمال). ونشر ناشطون صورا ومقاطع فيديو لمظاهرات متفرقة في مدن وبلدات أخرى.
تعهدات البرهان
من جانبه، تعهد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان بمنع أي محاولات لإعاقة مسار العملية الانتقالية من أي جهة، مؤكدا حرصه على التحول الديمقراطي وإيمانه به والحفاظ عليه حتى تسليم السلطة لحكومة مدنية.
وقال البرهان في رسالة خطية بعثها إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة مجلس الأمن الدولي ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، إن السودان ملتزم بتنفيذ بنود اتفاقية جوبا للسلام.
وأبدى استعداد حكومة الفترة الانتقالية للانخراط الإيجابي، والبقاء في التفاوض مع الفصائل الأخرى التي لم تلحق بعد بركب العملية السلمية.
كما أكد عزمه على إصلاح وهيكلة الأجهزة الأمنية، والعمل على ضمان قوات مسلحة مهنية تصون الأمن القومي للبلاد.
وأوضح البرهان أن عملية إصلاح القوات المسلحة، ودمج مختلف فصائل العملية السلمية، عملية شديدة التعقيد لتعدد أطرافها الداخلية.
دعوات حكومية
في المقابل، دعا مجلس الوزراء السوداني مساء أمس الخميس إلى عقد اجتماع عاجل لمجلسي الوزراء والسيادة لمناقشة قضايا الوضع الراهن.
وأكد مجلس الوزراء -في بيان- أهمية تحصين الفترة الانتقالية من خلال تقييم الفترة الماضية بشفافية ووضوح، داعيا إلى بذل الجهود لتمتين الشراكة بين العسكريين والمدنيين بما يحقق أهداف الفترة الانتقالية.
وأشاد القرار بدور القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى في إفشال المحاولة الانقلابية، مشددا على ضرورة التعامل الإعلامي الواعي لمواجهة الشائعات والإعلام المضاد في وسائل الإعلام المختلفة.
وبالتزامن، قال ياسر عرمان المستشار السياسي لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك للجزيرة إن المظاهرات التي شهدتها الخرطوم اليوم الجمعة ليست موجهة ضد الجيش، بل استهدفت الانقلابيين.
وأضاف عرمان أن مسألة انتقال رئاسة المجلس السيادي للمكون المدني نصت عليها الوثيقة الدستورية، لكنها ليست النقطة الخلافية الوحيدة بين المكونين العسكري والمدني. وتابع أن الإشراف على المؤسسات العسكرية من أبرز النقاط الخلافية بين الجانبين.
تطورات في الشرق
على صعيد آخر، قال أمين الشباب بالمجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة شرقي السودان إنه تم استثناء القمح المرسل من المعونة الأميركية من قرار إغلاق موانئ شرقي السودان.
وأضاف عسكر أن المجلس سمح للسفينة التي تحمل القمح بتفريغ حمولتها في ميناء بورتسودان لأسباب إنسانية، وفقا لتعبيره.
وأشار عسكر إلى أن المجلس الأعلى يناقش حاليا السماح بدخول مواد طبية قادمة لوزارة الصحة السودانية عبر ميناء بورتسودان.
وشدد عسكر على أن المفاوضات مع الحكومة المركزية لم تراوح مكانها، وأن الخرطوم كانت مشغولة فقط بالسماح بتصدير بترول جنوب السودان.
وكان رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا محمد الأمين ترك قال أمس الخميس إنه سيعلن ما سماها دولة الشرق إذا لم تستجب الحكومة لمطالبهم خلال 10 أيام.
وأضاف ترك -في حوار نشرته صحيفة "السوداني"- أن هناك جهات سياسية تستهدف اعتصام الشرق وتصوره كاعتصام مسلح.
وكان محتجون شرقي السودان أغلقوا مؤخرا مرافق حيوية بينها ميناء بورتسودان وخط الأنابيب الذي يغذي الخرطوم بالمشتقات النفطية، وهو ما دفع السلطات إلى إرسال وفد إلى المنطقة سعيا لإنهاء الأزمة.
المصدر: الجزيرة + وكالات