وسعت حركة طالبان سيطرتها داخل ولايات جديدة أبرزها بكتيا وبكتيكا ولوغر، وبذلك أصبحت على بعد 70 كيلومترا من العاصمة كابل، كما قالت مصادر حكومية إن القوات الحكومية صدت هجمات على تخوم مدينة مزارِ شريف، مركز ولاية بلخ شمالي البلاد.
ونقلت وكالة رويترز -عن عضو مجلس إقليمي محلي- قوله إن طالبان سيطرت اليوم السبت على مدينة بل علم التي تبعد حوالي 70 كيلومترا عن كابل، وأضاف أن مقاتلي الحركة لم يواجهوا مقاومة تذكر.
وبذلك تبسط طالبان سيطرتها على أغلب المناطق المحيطة بالعاصمة، وباتت 18 ولاية تحت حكمها.
وأعلنت الحركة أن مقاتليها اقتحموا مدينة "شارانا" مركز ولاية بكتيكا، واستولوا على أسلحة ومعدات، مشيرة إلى أن معارك ضارية تدور كذلك على تخوم مدينة مزار الشريف، مركز ولاية بَلْخ شمالي البلاد.
وأفاد مصدر أمني للجزيرة بأن مسلحي طالبان سيطروا على السجن المركزي في ولاية بكتيكا، وأطلقوا سراح جميع المعتقلين.
وشنت طالبان هجوما متعدد الجبهات على مزار الشريف شمالي البلاد. وقال المتحدث باسم ولاية بلخ، منير أحمد فرهاد، إن مسلحي الحركة هاجموا المدينة من عدة اتجاهات، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة على مشارفها، حسب ما أفادت وكالة أسوشيتد برس.
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية، السبت، مقتل 172 عنصرا من طالبان، وإصابة 107 جراء عمليات عسكرية في عدة مناطق، خلال الساعات 24 الماضية.
وخلال أيام تمكنت طالبان من السيطرة على مراكز 18 ولاية من أصل 34. ومن بين عواصم الولايات التي سقطت في قبضتها قندهار التي تعد ثاني أكبر المدن الأفغانية، وهرات ثالت أكبر مدينة، إضافة إلى غزني التي تقع على الطريق المؤدي إلى كابل، حيث تفصلهما مسافة لا تتعدى 149 كيلومترا.
وبثت وسائل إعلام محلية صورا قالت إنها للحظة دخول مقاتلي طالبان مدينة شارنا، وفي الولاية ذاتها أكد المتحدث باسم الحركة أن منطقة "خير كوت" صارت تحت سيطرة مقاتليهم.
وتستمر المعارك في مدينة "غارديز" مركز ولاية باكتيا جنوب شرقي البلاد، إذ سيطر مقاتلو طالبان على نقطة تفتيش في المنطقة واستولوا على ذخائر وأسلحة.
وقالت وزارة الدفاع إن 22 مسلحا من طالبان قتلوا في غارة على ولاية بلخ شمال البلاد الذي أصبح الجزء الأكبر منه تحت سيطرة مقاتلي طالبان إضافة إلى غرب البلاد وجنوبها.
وكابل ومزار الشريف (كبرى مدن الشمال) وجلال آباد (شرق) هي المدن الكبرى الثلاث الوحيدة التي لا تزال تحت سيطرة الحكومة.
كابل محاصرة
ومع سقوط ثاني وثالث أكبر مدن البلاد بأيدي طالبان، أصبحت العاصمة فعليا محاصرة وآخر موقع للقوات الحكومية.
ويتمركز مقاتلو طالبان الآن على بعد 50 كيلومترا فقط عن كابل، مما جعل دولا أوروبية عدة بينها بريطانيا وألمانيا والدانمارك وإسبانيا تسارع في سحب أفراد من سفاراتها هناك أمس الجمعة.
كما أعلنت هولندا وفنلندا والسويد وإيطاليا وإسبانيا أمس خفض وجودها في أفغانستان إلى الحد الأدنى، لافتة إلى برامج لإجلاء موظفيها الأفغان، وقالت ألمانيا أيضا إنها ستقلص طاقمها الدبلوماسي.
وفضلت دول أخرى مثل النرويج والدانمارك إغلاق سفاراتها مؤقتا، وأعلنت سويسرا التي لا سفارة لها إجلاء عدد من المتعاونين السويسريين ونحو 40 موظفا محليا.
كما تلقى موظفو السفارة الأميركية أوامر بإتلاف أو إحراق المواد الحساسة، مع بدء إعادة انتشار 3 آلاف جندي أميركي لتأمين مطار كابل والإشراف على عمليات الإجلاء.
غياب المقاومة
وفي السياق، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي إن بلاده لم تتوقع غياب المقاومة لدى القوات الأفغانية لوقف تقدم حركة طالبان على الأرض.
وفي لقاء مع شبكة "سي إن إن" (CNN) التلفزيونية الأميركية، أضاف كيربي أن القيادة السياسية والعسكرية في أفغانستان تفتقد الإرادة لصد هجمات هذه الحركة.
وأعرب كيربي عن قلقه بشأن السرعة التي تتحرك بها طالبان، مشيرا إلى أن الظروف المتدهورة في أفغانستان تشكل عاملا رئيسيا وراء موافقة الرئيس جو بايدن على إرسال قوات إضافية.
خطط انسحاب
على صعيد متصل، أفاد موقع "بوليتيكو" (POLITICO) بأن البنتاغون بدأ وضع الخطط لسحب البعثة الأميركية كاملة من أفغانستان.
وأضاف الموقع نقلا عن مصدرَيْن أن القيادة الوسطى الأميركية تعدّ إخلاء السفارة في العاصمة الأفغانية أمرا حتميا.
بدوره، قال مسؤول أميركي لرويترز اليوم إن جنودا أميركيين وصلوا كابل للمساعدة في إجلاء موظفي السفارة ومدنيين آخرين من العاصمة كابل.
وذكر البنتاغون أن كتيبتين من مشاة البحرية (مارينز) وثالثة من سلاح المشاة، قوامها نحو 3 آلاف عسكري، ستصل كابل بحلول مساء غد الأحد.
من جهتها قالت الخارجية الأميركية إنها لا تثق بكل ما تقوله طالبان، بل ستنظر في أفعالها، وذلك ردا على إعلان الحركة أنها لن تستهدف المنشآت الدبلوماسية.
وأكد المتحدث باسم الوزارة نيد برايس تركيز واشنطن على الدبلوماسية، من أجل وضع حد للعنف في أفغانستان، مشيرا إلى وجود وفد أميركي في الدوحة من أجل هذا المسعى.
وشدد برايس في مقابلة مع شبكة "إم إس إن بي سي" (MSNBC) على أن هناك إجماعا دوليا على عدم الاعتراف بأي حكومة تصل عبر القوة.
تربة خصبة للإرهاب
وفي بريطانيا، تعهد رئيس الوزراء بوريس جونسون بعدم إدارة الظهر لأفغانستان، داعيا الدول الغربية إلى العمل مع كابل لتجنب أن يصبح هذا البلد مجددا تربة خصبة لما سماه الإرهاب.
كما استبعد جونسون في حديث تلفزيوني، إثر "اجتماع أزمة" حكومي، فرضية اللجوء إلى حل عسكري للصراع الأفغاني.
في السياق ذاته، جدد حلف شمال الأطلسي (ناتو) الالتزام بإيجاد حل سياسي للصراع الأفغاني، وعقب اجتماع عاجل في بروكسل قال الحلف إنه لن يكون هناك اعتراف دولي بنظام طالبان في حال استيلائها على السلطة بالقوة.
المصدر: الجزيرة