قالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه، اليوم الجمعة، إنه من الأفضل أن تعالج السلطات الإيرانية مشكلة شح المياه في جنوب غرب إيران بدلاً من قمع الاحتجاجات بالعنف.
وقالت باشليه، في بيان صادر عن مكتبها ووصلت إلى مكتب "العربي الجديد" في الأمم المتحدة في نيويورك نسخة منه، "يجب أن تركّز الحكومة (الإيرانية) على التأثير المدمّر لأزمة المياه على حياة وصحة وازدهار معيشة أهل خوزستان بدلاً من التركيز على احتجاجات السكان الذين دفعتهم سنوات من الإهمال إلى اليأس".
وعبرت باشليه عن قلقها العميق بشأن الوفيات والإصابات التي وقعت خلال الأسبوع الماضي، فضلاً عن الاعتقالات والاحتجازات التي نفذتها السلطات الإيرانية على نطاق واسع.
وأشارت في هذا السياق إلى "أن محافظة خوزستان، التي يعيش فيها قرابة خمسة ملايين نسمة، أغلبهم من الأقلية العربية الإيرانية، كانت مصدر المياه الرئيسي في البلاد والتي يعتمد عليها. إلا أن سوء الإدارة المزعوم، وعلى مدى سنوات عديدة، بما في ذلك تحويل المياه إلى أجزاء أخرى من البلاد، إلى جانب الجفاف على مستوى البلاد، قد استنزف مواردها الثمينة المنقذة للحياة بطريقة ثبت أنها غير مستدامة.
في الأشهر الأخيرة جفّ مجرى نهري الكرخة والزهرة في غرب خوزستان، وكذلك أراضي حور العظم الرطبة (أو أهوار الحويزة)".
وخلصت باشليه إلى أنه "نتيجة لذلك، اندلعت الاحتجاجات في عدة مدن وفي جميع أنحاء المحافظة، في 15 يوليو/ تموز، على نقص المياه وسوء الإدارة. وردد المتظاهرون، بمن فيهم الأطفال، عدداً من الهتافات، من بينها (أنا عطشان، الماء حقي)، إلى جانب دعوات أخرى تتعلق بشكل واضح بالأزمة الحالية".
وحول تعامل السلطات الإيرانية مع الاحتجاجات قالت باشليه "يبدو أن قوات أمن الدولة ردت بقوة غير متناسبة ضد المتظاهرين غير المسلحين والمسالمين، مما أدى إلى مقتل أربعة أفراد على الأقل، بينهم قاصر، وإصابة آخرين". ولفتت باشليه الانتباه إلى تقارير، لم يتم التأكد منها، عن "وجود عدد أكبر من القتلى، حيث انتشرت الاحتجاجات خلال الأسبوع الماضي إلى ما لا يقل عن 20 بلدة ومدينة رئيسية في خوزستان، مع اندلاع مزيد من الاحتجاجات الداعمة في أماكن أخرى في إيران، بما في ذلك في طهران وإقليم لورستان".
ثم تحدّثت باشليه عن التقارير التي تقول إن المتظاهرين المصابين يتجنّبون المستشفيات خوفاً من الاعتقال، لافتة الانتباه إلى أن ذلك "مؤشرٌ على مدى سوء الوضع". وشددت في الوقت ذاته على أن السلطات الإيرانية "ملزمة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان بضمان أن أي استخدام للقوة رداً على الاحتجاجات يجب أن يأتي فقط كخيار أخير، وعندما يكون ضرورياً للغاية ومتناسباً فحسب".
وأشارت باشليه إلى تصريحات الرئيس الإيراني المنتهية ولايته، حسن روحاني، والتي قال فيها إن "للمواطنين الحق في التعبير عن أنفسهم والاحتجاج في إطار القوانين". ولفتت الانتباه في هذا الصدد إلى "افتقار إيران بشكل عام للقنوات الفعالة للشكوى بأي طريقة أخرى غير الاحتجاجات. المساحة المدنية المقيدة بشدة، والافتقار إلى أساليب الاشتراك والافتقار إلى وسائل الإعلام الحرة تجعل من المستحيل على الناس لفت الانتباه إلى المواقف الأليمة مثل هذه من خلال أي وسيلة أخرى". وتحدثت باشليه كذلك عن "تعطيل الإنترنت وغيرها من أشكال الاتصال خلال الأزمة الحالية، ووصف المسؤولين الحكوميين المتظاهرين بأنهم مثيرو شغب وانفصاليون".
من جانبه، عبّر نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، عن أمله في أن تأخذ إيران بنظر الاعتبار توصيات المفوضة السامية لمنظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ميشيل باشليه.
وقال حق، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، ردّاً على أسئلة حول التظاهرات التي يشهدها إقليم خوزستان في إيران وتعامل السلطات الإيرانية معها: "نتواصل عادة على مستويات عدة مع السلطات الإيرانية، وأودّ أن ألفت الانتباه في هذه المرحلة إلى ما جاء في تصريحات المفوضة السامية حول الموضوع، إذ إن من ضمن صلاحياتها التعليق والحديث عن كيف تم التعامل مع هذه الاحتجاجات ونأمل أن تستمع إيران لتوصياتها".
وتشهد المحافظة الغنية بالنفط والحدودية مع العراق احتجاجات منذ الخميس الماضي، على خلفية شح المياه.
والجمعة، أفاد الموقع الإلكتروني للتلفزيون الرسمي "إيريب نيوز" بأنه في "ليل أمس، اندلعت أعمال شغب في شوارع أليكودرز (في محافظة لورستان) استمرت لساعات"، تخللها "إطلاق نار مشبوه من عناصر مجهولين"، أدى إلى مقتل شخص في العشرين من عمره وإصابة اثنين آخرين، وفقاً لـ"فرانس برس".
وكانت هذه المرة الأولى التي تتحدث فيها وسائل إعلام إيرانية عن احتجاجات أو سقوط ضحايا خارج خوزستان، منذ بدء أحداث المحافظة ليل 15 تموز/يوليو.
وقال المرشد الإيراني علي خامنئي في كلمة متلفزة، الخميس، إنه "لحق طبيعي (لسكان خوزستان) أن يتحدثوا، أن يعبروا، أن يحتجوا وحتى أن ينزلوا إلى الشوارع في إطار القانون"، داعياً سكان محافظة خوزستان إلى عدم توفير "ذريعة" لأعداء إيران.
العربي الجديد