أعلن في العاصمة الألمانية برلين عن اختتام مؤتمر برلين 2 الذي ناقش الأوضاع في ليبيا بمشاركة جهات دولية فاعلة وبرعاية من الأمم المتحدة وألمانيا.
وفي مؤتمر صحفي عقب اختتام المؤتمر، عبر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس عن اعتقاده بأن هناك تفاهما بين تركيا وروسيا على سحب تدريجي للقوات من ليبيا للحفاظ على التوازن وإنه لن يحدث بين عشية وضحاها، مشددا على أن انسحاب القوات الأجنبية من ليبيا لا بد أن يتحقق خطوة بخطوة وبشكل تدريجي.
وقال "سنعمل على أن يتم سحب كل القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا ولن نتوانى في ذلك".
واعتبر أنه ليست هناك تحديات أقوى من توحيد القوات الليبية.
انسحاب وشيك للمرتزقة
من جهتها قالت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش في مؤتمر صحفي مع نظيرها الألماني بعد انتهاء مؤتمر برلين 2 اليوم الأربعاء إن هناك تقدما فيما يتعلق بمسألة المرتزقة الأجانب في بلادها، وإنها تأمل في انسحابهم من جانبي الصراع في الأيام المقبلة.
واعتبرت أن استمرار وجود القوات الأجنبية والمرتزقة لا يضر فقط بليبيا بل بالمنطقة برمتها.
ونوهت إلى أن أفضل طريق لتحقيق الاستقرار في ليبيا هو تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، وأن اجتماع برلين يعكس الالتزام الدولي بتحقيق الاستقرار في ليبيا.
وأكدت أن الوقت حان لاتخاذ تدابير يراها الشعب الليبي على أرض الواقع من أجل تحقيق الاستقرار، وأنها تؤمن بأن هناك متطلبين أساسيين في ليبيا هما تنفيذ مسار برلين ودعم مبادرة إرساء الاستقرار في البلاد.
وقالت إنه لا يمكن الحديث عن العدالة الانتقالية دون وجود آليات على أرض الواقع، وإن المصالحة الوطنية جزء من العدالة الانتقالية.
الخلافات الداخلية تعيق المسار
وفي وقت سابق، قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد الدبيبة -في افتتاح مؤتمر برلين 2- إن الخلاف الداخلي والمصالح الضيقة يعيقان مسيرة الانتخابات في البلاد.
وأكد الدبيبة -في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر برلين 2، المنعقد في العاصمة الألمانية حول ليبيا، بمشاركة 15 دولة و4 منظمات إقليمية ودولية- حرص حكومته على إجراء الانتخابات في أحسن الظروف، وفي موعدها المحدد نهاية هذا العام.
واستعرض ما سماها "مبادرة استقرار ليبيا"، وشدد على أن العنوان الأبرز لهذه المبادرة هو الأمن؛ محذرا -في الوقت نفسه- من وجود مخاوف أمنية تتربص بالعملية السياسية.
ودعا الدبيبة المجتمع الدولي إلى مساعدة بلاده في إجراء الانتخابات بموعدها المحدد في 24 ديسمبر/كانون الأول القادم، مشيرا إلى أنه يفصلنا عن هذا الموعد 6 أشهر، ومع ذلك وبسبب الخلافات الداخلية التي ما زالت مستمرة لم تُعتمد الميزانية حتى الآن.
ردع المعرقلين
كما دعا المجتمعين في برلين إلى الالتزام بتعهداتهم والمساعدة في ردع المعرقلين للعملية السياسية، مؤكدا أن حكومته لن تكون "شاهدة زور" على عرقلة البعض حق الليبيين في تحديد مصيرهم، وأنها بدأت تحضير خطة أمنية شاملة لتأمين الانتخابات.
وأضاف أن البلد بحاجة كذلك إلى المزيد من العمل لتوحيد المؤسسة العسكرية وحفظ الأمن في ليبيا، وأن هناك مخاوف أمنية بسبب وجود مرتزقة وقوى عسكرية لها أبعاد سياسية وإرهابيين في الجنوب الليبي.
وأكد ضرورة معالجة مسألة التوزيع العادل للإيرادات، وخلق التنمية المطلوبة والخدمات، منوها إلى أن كل ما تقوم به هذه الحكومة الحالية سيحدد ملامح مستقبل ليبيا.
وقال إن حكومته تستعد لفتح الطريق الساحلي، وعقد اجتماع مجلس الوزراء في بنغازي، وأن المرحلة الحالية ما زالت حرجة لكنها مليئة بالأمل.
ورغم ما وصفها بالظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، واستمرار الخلافات الداخلية، فقد أكد الدبيبة أنه لا عودة للحرب، وشدد على ضرورة الإسراع في عودة النازحين والمهجرين داخل ليبيا.
من جهتها، قالت الخارجية الأميركية إنها تتطلع إلى العمل مع المجتمع الدولي والشركاء الليبيين لضمان دعم قوي لتنظيم الانتخابات، وتدعم بقوة عمل حكومة الوحدة الوطنية لضمان إجراء الانتخابات في ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وأكدت الخارجية الأميركية معارضتها التصعيد العسكري والتدخل الأجنبي الذي يؤدي إلى تعميق وإطالة أمد الصراع، وهدفها أن تتمتع ليبيا بالسيادة والاستقرار والأمن من دون أي تدخل خارجي.
من جانبه، دعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى توحيد المؤسسات العسكرية في ليبيا، وقال إن الرسالة التي يبعث بها مؤتمر برلين هي وجوب وقف التدخل الخارجي، وأن على القوات الأجنبية مغادرة الأراضي الليبية.
وأضاف أن الليبيين يريدون "أن نسمع أصواتهم وأن تجرى انتخابات حرة ونزيهة"، مشيرا إلى أن الوضع في ليبيا تحسن في مناح عدة، ولكن لا تزال هناك تحديات.
غوتيرش يدعو لمعالجة أسباب الأزمة الليبية
وفي مستهل أعمال مؤتمر برلين 2، الذي يستمر يوما واحدا، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "نحن هنا اليوم للبناء على التقدم المحرز في مؤتمر (برلين 1) من خلال التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار وخريطة طريق منتدى الحوار الليبي".
وأضاف غوتيريش -في رسالة مسجلة في افتتاح المؤتمر- أن الأمم المتحدة قلقة إزاء تدهور الوضع الإنساني في ليبيا، مشددا على أن تحسين الأمن في ليبيا سيسهم في التقدم على المستوى السياسي.
ودعا الأمين العام الأممي إلى معالجة الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار في ليبيا، ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان هناك، كما حث الحكومة الليبية على اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المعتقلين وآلاف المهاجرين من العنف.
وأفاد مراسل الجزيرة بأن مسودة بيان المؤتمر ستشدد على فرض عقوبات على الأطراف التي تعيق مسار العملية السياسية في ليبيا، ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان فيها.
وتجري أعمال مؤتمر برلين 2 بشأن الأزمة في ليبيا بمشاركة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا والصين وتركيا وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي.
ويبحث المؤتمر عددا من الملفات، على رأسها توحيد الجيش الليبي، وإجراء الانتخابات في موعدها المقرر في ديسمبر/كانون الأول المقبل، فضلا عن خروج القوات الأجنبية من البلاد.
وحسب تقديرات الأمم المتحدة، تمركز نحو 20 ألف مرتزق أجنبي في ليبيا منذ ديسمبر/كانون الأول 2020، ولم يتغير الرقم بشكل كبير، كما أن شحنات الأسلحة لم تتوقف.
يذكر أن مؤتمر برلين 1 شهد مشاركة قادة العديد من الدول، ودعا حينها إلى وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا، وفرض احترام الحظر على توريد الأسلحة إلى هذا البلد.
المصدر: الجزيرة