سجلت السلطات المصرية رسمياً اعتراضها لدى مجلس الأمن الدولي على إعلان أديس أبابا استمرارها في ملء السد المثير للجدل.
فقد أعلنت وزارة الخارجية المصرية، في بيان صدر السبت 12 يونيو/حزيران 2021، عن قيام الوزير سامح شكري، الجمعة، بتوجيه خطاب إلى رئيس مجلس الأمن بالأمم المتحدة؛ لـ"شرح مستجدات ملف سد النهضة، وذلك انطلاقاً من مسؤولية المجلس، وفق ميثاق الأمم المتحدة، عن حفظ الأمن والسلم الدوليَّين".
خطاب شكري تضمَّن تسجيل اعتراض بلاده على ما أعلنته إثيوبيا حول نيتها الاستمرار في ملء سد النهضة خلال موسم الفيضان المقبل، والإعراب عن رفض مصر التام لما وصفه بالنهج الإثيوبي القائم على السعي لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب، من خلال إجراءات وخطوات أحادية تعد بمثابة "مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق"، وفق نص البيان.
ملف متكامل لدى مجلس الأمن
من جهته، قال السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، إن "خطاب وزير الخارجية، الذي تم تعميمه كمستند رسمي لمجلس الأمن، يكشف للمجتمع الدولي عن حقيقة المواقف الإثيوبية المتعنتة التي أفشلت المساعي المبذولة على مدار الأشهر الماضية، من أجل التوصل لاتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً حول سد النهضة، في إطار المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الإفريقي".
كما أشار حافظ إلى أنه تم كذلك "إيداع ملف متكامل لدى مجلس الأمن حول قضية سد النهضة ورؤية مصر إزاءها، وذلك ليكون بمثابة مرجع للمجتمع الدولي حول هذا الموضوع ولتوثيق المواقف البنّاءة والمسؤولة التي اتخذتها مصر على مدار عقد كامل من المفاوضات، ولإبراز مساعيها الخالصة للتوصل لاتفاق يراعي مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوقها".
"تعكير" محطات الشرب بالسودان
كان وزير الري المصري، محمد عبدالعاطي، قد صرّح، الجمعة 11 يونيو/حزيران 2021، بأن إثيوبيا تسببت في "تعكير" محطات الشرب بالسودان، من جرّاء إطلاق كميات مياه محمَّلة بـ"الطمي" دون إبلاغ دولتي المصب.
جاء ذلك خلال لقائه أيمن عقيل رئيس مؤسسة "ماعت" للسلام والتنمية (غير حكومية، مقرها القاهرة)، وممثلي المبادرة الإفريقية "النيل من أجل السلام" (غير حكومية، مقرها أوغندا)، والذي أوردته صحيفة "الأهرام" المملوكة للدولة.
تأتي تصريحات الوزير المصري في ظل تنسيق رفيع المستوى، متواصل منذ سنوات، بين القاهرة والخرطوم في ملف سد النهضة، والمفاوضات مع أديس أبابا بشأنه.
في حين أوضح عبدالعاطي أن "قيام إثيوبيا بتنفيذ الملء الأول لسد النهضة دون التنسيق مع دولتي المصب، تسبب في معاناة السودان من حالة جفاف قاسية، أعقبتها حالة فيضان عارمة"، منوهاً إلى أن بلاده والسودان "لن تقبلا بالفعل الأحادي لملء وتشغيل السد الإثيوبي".
فيما لم يصدر عن السودان أي تصريحات رسمية حتى الساعة (12.30 ت.غ) حول الأمر.
يشار إلى أن السودان ومصر أكدا، في بيان مشترك، قبل أيام، أهمية تنسيق جهودهما دولياً وإقليمياً لدفع إثيوبيا إلى "التفاوض بجدية" بشأن سد النهضة.
فشل مفاوضات "سد النهضة"
تأتي تلك التطورات في أعقاب الفشل المستمر لمفاوضات "سد النهضة" منذ فترة طويلة.
فقد خاضت مصر والسودان وإثيوبيا عشرات الجولات التفاوضية، خلال السنوات العشر الماضية، دون التوصل إلى اتفاق نهائي، وسط مخاوف لدى مصر والسودان من خفض حصصهما المائية البالغة 55.5 مليار متر مكعب و18.5 مليار متر مكعب على الترتيب.
كان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قد صرّح في 30 مارس/آذار الماضي، بأن "مياه النيل خط أحمر، وأي مساس بمياه مصر سيكون له رد فعل يهدد استقرار المنطقة بالكامل"، وذلك في أقوى لهجة تهديد لأديس أبابا منذ نشوب الأزمة قبل 10 سنوات.
فيما تتمسك القاهرة والخرطوم بعقد اتفاقية تضمن حصتهما السنوية من مياه نهر النيل.
في حين تصر إثيوبيا على ملء ثانٍ لـ"سد النهضة"، في يوليو/تموز وأغسطس/آب المقبلين، بعد نحو عام على ملء أول، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق ثلاثي بشأن السد الواقع على النيل الأزرق، وهو الرافد الرئيس لنهر النيل، وتقول إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح السودان ومصر، وإن الهدف من السد هو توليد الكهرباء لأغراض التنمية.
بينما كشف كبير مفاوضي السودان بملف السد، مصطفى حسين الزبير، خلال مؤتمر صحفي، يوم 25 مايو/أيار الماضي، أن إثيوبيا بدأت بالفعل الملء الثاني للسد.
المصدر: وكالات