أعفى الرئيس اللبناني ميشال عون اليوم الأربعاء وزير خارجيته شربل وهبة من مهامه، وعين زينة عكر نائبة رئيس مجلس الوزراء ووزيرة الدفاع وزيرة للخارجية بالوكالة، في محاولة لاحتواء أزمة دبلوماسية مع السعودية ودول خليجية أخرى.
وأثارت التصريحات -التي أدلى بها وهبة مطلع الأسبوع خلال مقابلة مع قناة تلفزيونية في بيروت، والتي وصفتها الرياض بأنها تطاول على المملكة وشعبها- عاصفة من ردود الفعل محليا وخليجيا، مما دفعه اليوم لزيارة عون والتقدم بطلب إعفائه من مهامه.
وطلب عون من عكر -وفق بيان صادر عن الرئاسة- المباشرة بمهامها كوزيرة للخارجية بالوكالة، إضافة إلى مهامها الأصلية بعد قبوله طلب وهبة.
واتهم وهبة -المحسوب على عون- دول الخليج بدعم تنظيم الدولة الإسلامية، وقال "أتى الدواعش الذين أحضرتهم لنا دول أهل المحبة والصداقة والأخوّة"، فقاطعته الصحفية وسألت "تتحدث عن دول الخليج؟"، فأجابها "لا أريد أن أسمي، دول المحبة جلبت لنا الدولة الإسلامية".
وفي خضم سجال على الهواء خلال الحلقة مع ضيف سعودي اتهم عون بـ"تسليم" لبنان إلى حزب الله المدعوم من إيران، ذكّر وهبة بجريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في 2018، وسأل "من قتل خاشقجي في إسطنبول؟ الذي قتل خاشقجي في إسطنبول يجب ألا يتحدث بهذه الطريقة"، ثم أضاف وهو يغادر الأستوديو "لن أقبل وأنا في لبنان أن يهينني واحد من البدو".
ورغم مسارعة وهبة في اليوم التالي إلى الاعتذار وتأكيده أن "القصد لم يكن (…) الإساءة إلى أي من الدول أو الشعوب العربية الشقيقة"، وتنديد كل من رئاسة الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال ومسؤولين بمضمون تصريحاته فإن ذلك لم يحل دون عودة التوتر إلى العلاقة اللبنانية الخليجية، خصوصا مع السعودية.
وقال وهبة اليوم في كلمة مقتضبة إثر لقائه عون إنه طلب إعفاءه من مهامه حرصا "على عدم استغلال ما صدر للإساءة إلى لبنان واللبنانيين".
وشهدت العلاقات السياسية بين البلدين فتورا في السنوات الأخيرة على خلفية تعاظم دور حزب الله الذي تعتبره الرياض منظمة "إرهابية" تنفذ سياسة إيران خصمها الإقليمي الأبرز.
ونددت وزارة الخارجية السعودية في بيان أمس الثلاثاء بشدة بما تضمنته تصريحات وهبة "من إساءات مشينة تجاه المملكة وشعبها ودول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة"، واستدعت السفير اللبناني وسلمته مذكرة احتجاج رسمية.
واعتبر الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية نايف الحجرف في بيان أن التصريحات "تتنافى مع أبسط الأعراف الدبلوماسية"، مطالبا وهبة "بتقديم اعتذار رسمي لدول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها نظير ما بدر منه من إساءات غير مقبولة على الإطلاق".
ونددت كل من الإمارات والبحرين والكويت بتصريحات وهبة وما تضمنته من "إساءات بالغة"، وتسلم سفيرا لبنان في أبو ظبي والمنامة والقائم بأعمال السفارة في الكويت مذكرات احتجاج رسمية.
ويأتي هذا التوتر في وقت يعيد لبنان الغارق في أسوأ أزماته الاقتصادية والمالية ترتيب علاقاته السياسية مع دول الخليج -خصوصا السعودية- ويعول على دعمها المالي في المرحلة المقبلة.
المصدر: وكالات