كشف زعيم "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" اليوم السبت أن جيش الحكومة الإثيوبية بدأ هجوما للسيطرة على ميكيلي عاصمة الإقليم، في وقت فشلت وساطة أفريقية لبدء حوار.
وقال رئيس "الجبهة" ديبريتسيون جبريمايكل في رسالة نصية لرويترز إن ميكيلي تحت "قصف عنيف". ومن جانبها ذكرت بيليني سيوم المتحدثة باسم مكتب رئيس الوزراء أن القوات الحكومية لن "تقصف" مناطق مدنية، مضيفة أن "سلامة الإثيوبيين في ميكيلي وإقليم تيغراي ما زالت أولوية للحكومة الفدرالية".
من جهته قال الجيش الإثيوبي إنه سيسيطر على مدينة ميكيلي خلال الأيام المقبلة، وذلك بعد يوم من إعلان رئيس الوزراء آبي أحمد بدء "المرحلة الأخيرة" من الهجوم في الإقليم.
وقال الفريق حسن إبراهيم، رئيس وحدة التدريب في قوات الدفاع الإثيوبية، في بيان إن القوات الاتحادية سيطرت على بلدة وقرو التي تبعد 50 كيلومترا شمالي ميكيلي و"ستسيطر على ميكيلي خلال بضعة أيام".
وأضاف أن القوات الحكومية سيطرت أيضا على عدة بلدات أخرى.
وقد أعطت الحكومة "الجبهة الشعبية" مهلة الأحد الماضي لإلقاء السلاح أو مواجهة هجوم على ميكيلي التي يبلغ عدد سكانها 500 ألف نسمة مما أثار مخاوف منظمات الإغاثة من سقوط عدد ضخم من الضحايا المدنيين. وانقضت هذه المهلة الأربعاء.
استهداف إريتريا
وذكرت تقارير إعلامية أن 4 صواريخ على الأقل أطلقت باتجاه إريتريا من تيغراي، حيث يرجح أن تكون "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" هي من أطلقتها، في حين لم تعلن الجبهة مسؤوليتها عن الهجوم الصاروخي.
وأوضحت وسائل إعلام إريترية أن الصواريخ سقطت قرب مناطق سكنية في العاصمة أسمرا، بالإضافة إلى بلدات دكيمهاري وجميهالو ونفاسيت. ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات.
وقبل أسبوعين، أعلن جبريمايكل استهداف العاصمة الإريترية بالصواريخ.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن 4 دبلوماسيين تأكيدهم وقوع الهجوم الثاني من نوعه منذ اندلاع المعارك على الأراضي الإثيوبية هذا الشهر.
وقال أحد الدبلوماسيين "إن صاروخا أُطلق من إقليم تيغراي سقط على ما يبدو جنوب أسمرا" مشيرا إلى عدم ورود أي معلومات عن سقوط ضحايا أو وقوع أضرار.
وسبق أن اتّهمت "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" الحكومة الاتحادية باستقدام الدعم العسكري من إريتريا، وهو أمر تنفيه أديس أبابا.
ومنذ 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، تتواصل في الإقليم مواجهات مسلحة بين الجيش الإثيوبي الفيدرالي وهذه الجبهة.
وقد هيمنت "الجبهة الشعبية" على الحياة السياسية بإثيوبيا لنحو 3 عقود، قبل أن يصل أحمد إلى السلطة عام 2018، ليصبح أول رئيس وزراء من عرقية "أورومو" في بلد يبلغ عدد سكانه نحو 108 ملايين نسمة.
رفض الحوار
وقد تزامنت هذه التطورات مع إبلاغ رئيس الوزراء الإثيوبي موفدي الاتحاد الأفريقي عزمه على مواصلة العمليات العسكرية في منطقة تيغراي، رافضا دعوات الحوار.
والخميس، أعلن أحمد الحائز جائزة نوبل للسلام بدء "المرحلة الثالثة والأخيرة" من حملته العسكرية ضد "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي".
ومنذ أكثر من 3 أسابيع يخوض الجانبان معارك عنيفة، قالت مجموعة "الأزمات الدولية" إن الاشتباكات أوقعت آلاف القتلى "بينهم مدنيون كثر وقوات أمن".
وأعرب فرانشيسكو بابا الفاتيكان عن قلقه إزاء المعارك المحتدمة وتزايد أعداد القتلى والنازحين، وفق المسؤول الإعلامي بالفاتيكان ماتيو بروني.
ومن جانبها رفضت أديس أبابا التفاوض مع "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" واعتبر أحمد أن الدعوات المطالِبة بإجراء حوار تمثّل "تدخلا" في شؤون إثيوبيا الداخلية.
تحركات دبلوماسية
واستقبل رئيس الوزراء الإثيوبي في أديس أبابا الجمعة 3 رؤساء أفارقة سابقين هم الموزمبيقي جواكيم شيسانو، والليبيرية إلين جونسون سيرليف، والجنوب أفريقي كغاليما موتلانتي، الذين أرسلهم الاتحاد الأفريقي هذا الأسبوع لإجراء وساطة.
وفي بيان أعقب الاجتماع، أعرب أحمد عن تقديره "لهذه اللفتة.. والالتزام الثابت الذي تمثله لمبدأ حل المشاكل الأفريقية أفريقياً". لكنه شدد على أن حكومته "مسؤولة بموجب الدستور عن فرض سيادة القانون في الإقليم وأنحاء البلاد".
واعتبر أحمد أن عدم فرض سيادة القانون في تيغراي "من شأنه أن يفاقم ثقافة الإفلات من العقاب".
أزمة إنسانية
وقد أعقب تطورات الصراع تكثيف الجهود الدبلوماسية هذا الأسبوع لحل النزاع، في وقت عقد مجلس الأمن الدولي أول اجتماع له بشأن تيغراي، في حين دعا مسؤولون أميركيون وأوروبيون إلى ضبط النفس.
ومن جانبه دعا وزير الخارجية الفرنسي جان أيف لودريان -الذي التقى نظيره الإثيوبي ديميكي ميكونين في باريس، الخميس، إلى اتّخاذ خطوات عاجلة لحماية المدنيين، في ظل تفاقم التداعيات الإنسانية للأزمة على صعيد المنطقة.
ومن ناحية أخرى، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الجمعة إن نحو 100 ألف لاجئ إريتري في تيغراي يواجهون خطر نفاد الغذاء بحلول يوم الاثنين في حال لم تصلهم الإمدادات.
أما شرق السودان، حيث وصل أكثر من 40 ألف لاجئ فروا من معارك تيغراي، فتحاول السلطات المحلية جاهدة توفير الاحتياجات المتزايدة للغذاء والمأوى وغير ذلك من الأساسيات.
المصدر: وكالات