دعت مصر مجلس الأمن، الجمعة 19 يونيو/حزيران 2020، إلى التدخل من أجل استئناف المحادثات حول سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق، بينما أعلنت أديس أبابا أنها ستبدأ في ملئه خلال أيام سواء باتفاق أو دون اتفاق.
وزارة الخارجية المصرية قالت في بيان، إنها "اتخذت قرار الوصول لمجلس الأمن، في ضوء تعثر المفاوضات التي جرت مؤخراً حول سد النهضة نتيجة للمواقف الإثيوبية غير الإيجابية".
جاء في بيان الخارجية المصرية، أن "القاهرة استندت في خطابها إلى مجلس الأمن إلى المادة 35 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تجيز للدول الأعضاء أن تنبه المجلس إلى أي أزمة من شأنها أن تهدد الأمن والسلم الدوليين".
وأفاد بيان الخارجية المصرية، بأن القاهرة طلبت من مجلس الأمن "التدخل بغرض التوصل إلى حل عادل ومتوازن لقضية سد النهضة الإثيوبي، وعدم اتخاذ أية إجراءات أحادية قد يكون من شأنها التأثير على فرص التوصل إلى اتفاق".
وجاء في البيان "نظراً إلى ما تمثله مياه النيل من قضية وجودية لشعب مصر، فقد طالبت مصر مجلس الأمن بالتدخل وتحمُّل مسؤولياته؛ لتجنب أي شكل من أشكال التوتر، وحفظ السلم والأمن الدوليين".
وتتخوف القاهرة من تأثير سلبي محتمل للسد على تدفق حصتها السنوية من مياه نهر النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب، في حين يحصل السودان على 18.5 مليار.
واشتكت مصر في البيان، من "تعثر المفاوضات التي جرت مؤخراً حول سد النهضة، نتيجة للمواقف الإثيوبية غير الإيجابية والتي تأتي في إطار النهج المستمر في هذا الصدد على مدار عقد من المفاوضات المضنية، مروراً بالعديد من جولات التفاوض الثلاثية وكذلك المفاوضات التي عُقدت في واشنطن برعاية الولايات المتحدة ومشاركة البنك الدولي والتي أسفرت عن التوصل إلى اتفاق يراعي مصالح الدول الثلاث والذي قوبل بالرفض من إثيوبيا.
وتخطط إثيوبيا لبدء ملء سد النهضة الإثيوبي في موسم الأمطار لهذا العام، والذي يتزامن مع حلول يوليو/تموز المقبل، وسط رفض سوداني ـ مصري للملء بقرار أحادي دون اتفاق.
والجمعة أيضاً أعلن وزير الخارجية الإثيوبي غيدو أندارغاشو، أن بلاده ستمضي قدماً وتبدأ ملء خزان سد النهضة "حتى دون اتفاق".
وقال أندارغاشو، في مقابلة مع وكالة "أسوشييتد برس"، إنه "بالنسبة لنا ليس إجبارياً التوصل إلى اتفاق قبل البدء في ملء الخزان، ومن ثم سنباشر عملية الملء في موسم الأمطار المقبل".
أضاف: "نعمل بجهد للتوصل لاتفاق، لكننا ما زلنا سنمضي قدماً في جدولنا أياً كانت النتيجة (..)، وإذا تعين علينا انتظار مباركة الآخرين، فقد يظل السد عاطلاً لسنوات، وهو ما لن نسمح بحدوثه، نريد أن نوضح أن إثيوبيا لن تتوسل مصر والسودان لاستخدام موردها المائي لتنميتها"، مشيراً إلى دفع إثيوبيا لبناء السد بنفسها.
في حديثه عن عدم تحديد موعد لاستئناف المحادثات، قال وزير الخارجية إن "بلاده لا تعتقد أنه حان الوقت لنقل الأمر على مستوى زعماء الدول".
وفي وقت سابق، لمّحت كل من مصر وإثيوبيا إلى اتخاذ خطوات عسكرية لحماية مصالحهما بسد النهضة، ويخشى الخبراء من أن يؤدي انهيار المحادثات إلى صراع.
وفي المقابلة مع الوكالة الأمريكية، لم يذكر وزير الخارجية الإثيوبي ما إذا كانت بلاده ستستخدم القوة العسكرية للدفاع عن السد وعملياته.
وبهذا الخصوص، قال أندارغاشو: "يجب أن يكون هذا السد سبباً للتعاون والتكامل الإقليمي، وليس سبباً للخلافات وشن الحروب".
ويعتبر هذا التصريح هو الأول من نوعه لوزير الخارجية الإثيوبي بعد انتهاء آخر جولة مباحثات مع مصر والسودان، الأربعاء، بعد أن احتضنتها الخرطوم على مدار نحو أسبوع، دون التوصل إلى نتائج إيجابية.
وأعلنت مصر إنهاء هذه المفاوضات، بسبب ما قالت إنه "تعنت" إثيوبي، ورفضها إبرام اتفاقية ملزمة للدول الثلاث.
وبينما لم ترد أديس أبابا حتى الآن على اتهامات القاهرة، قال أندارغاشيو، الثلاثاء: إن "مصر جاءت إلى المباحثات بموقفين: التفاوض وفي الوقت ذاته توجيه اتهامات لإثيوبيا، وعرقلة المفاوضات، تريد كل شيء لصالحها دون الاستعداد لتقديم أي شيء".
تعتبر المفاوضات المذكورة هي الأولى منذ أن انهارت المناقشات في فبراير/شباط الماضي.
يضع النزاع المستمر منذ سنوات. رغبة إثيوبيا في أن تصبح قوة مصدّرة كبرى ومحركاً للتنمية، في مواجهة قلق مصر من أن يؤثر السد بشكل كبير على إمدادها من المياه إذا امتلأ أسرع من اللازم، فيما علق السودان بين المصالح المتضادة.
يشار إلى أن وصول موسم الأمطار يجلب مزيداً من المياه للنيل الأزرق، وهو الفرع الرئيسي لنهر النيل، وتعتبر إثيوبيا أنه الوقت المثالي للبدء في ملء خزان السد الشهر المقبل.
المصدر: وكالات