قدمت دول -تفتقر إلى ما تتمتع به قوى عظمى من موارد مالية وقدرات علمية وصحية- دروسا وقصص نجاح، حيث اتبعت نموذجا متشابها ساعد حتى الآن في كبح جماح فيروس كورونا.
من سلوفينيا إلى الأردن إلى أيسلندا، اتخذت الحكومات إجراءات مبكرة لفرض عمليات الإغلاق، واختبار وتعقب آلاف الأشخاص، وعزل المرضى، وتشجيع التباعد الاجتماعي والتدابير الوقائية مثل ارتداء القناع، فضلا عن التواصل مع الجمهور بكل صدق وشفافية، وفق موقع فوكس الأميركي.
التدابير التي اتخذتها تلك الحكومات حدت من عدد الإصابات ووفيات كورونا (كوفيد-19) مما سمح لقادتها بإعادة فتح المدارس والشركات وإعادة الإحساس بالحياة الطبيعية اليومية.
اللافت أن كل واحدة من الدول الخمس -التي تقدم نموذجا اليوم في التعاطي مع كورونا- لها حالة خاصة تجعل التحديات لديها تختلف عن الأخرى، فاليونان مثلا تقع في أوروبا التي تعد أهم البؤر الساخنة للفيروس، ولكنها تمكنت من الهروب من الأسوأ على الرغم من استقبال أعداد كبيرة من السياح وعطلة عيد الفصح.
وفيتنام تجنبت تفشي المرض على الرغم من وجود حدود برية كبيرة مع الصين، وموارد مالية محدودة.
الأردن.. تخطيط مبكر
الأردن ضمن من تحرك مبكرا لمواجهة كورونا، فقبل خمسة أسابيع من الإعلان عن حالتين بالفيروس في مارس/آذار، كانت الدولة تعد العدة وشكلت لجنة خاصة مع ظهور أنباء عن تفشي المرض في الصين.
وشملت هذه الإجراءات تحديد المستشفيات التي ستعالج المصابين وكيف سيعتني بهم الأطباء بالضبط. كما قامت الحكومة، بناءً على طلب الملك عبد الله الثاني، بإصدار قوانين الطوارئ للسماح للجيش بفرض حظر صارم وحظر التجول.
بحلول منتصف مارس/آذار، تم إغلاق المدارس والشركات. كما تم إغلاق الحدود، حيث اضطر الأردنيون العائدون إلى قضاء 14 يومًا في الحجر الصحي بالفنادق.
هذه الأفعال السريعة والقوية هي التي أبقت البلاد على أقل من 500 حالة مؤكدة وحوالي 10 وفيات.
وبينما تبقى الغالبية العظمى من الناس في منازلهم، تختبر الحكومة حوالي 2000 إلى 3000 شخص يوميًا لتتبع المرض وأولئك الذين على اتصال مع المصابين.
أيسلندا.. الاختبارات
تحولت الاختبارات والتتبع إلى هوية وطنية جديدة، فقد اختبرت الدولة 13% من سكانها البالغ عددهم 350 ألف نسمة، وتم عزل الذين تم العثور والتأكد من إصابتهم والمخالطين بهم، حتى ذهبت أعراض المرض.
وتمكنت أيسلندا من الحد من تفشي المرض دون إغلاق اقتصادها تمامًا أو إغلاق جميع المدارس.
وهناك بعض المحاذير التي يلتزم بها الأيسلنديون، فلا تزال البارات وصالات الرياضة وأحواض السباحة مغلقة، وتم حظر التجمعات العامة التي يزيد عددها عن 50 حتى هذا الأسبوع. ويجب على كل من يعود إلى الخارج الحجر الصحي لمدة 14 يومًا.
فيتنام.. تدابير مبكرة
ورغم أنها من البلدان ذات الدخل المنخفض والكثافة السكانية الكبيرة، فإنها تصرفت بقوة في وقت مبكر، حتى قبل أن تعلن منظمة الصحة العالمية عن خطورة كورونا وحالة الطوارئ العالمية، وحتى اليوم لم تؤكد فيتنام وفاة واحدة بسبب المرض.
استجابة السلطات أثبتت حتى الآن نجاحها من خلال القيام بثلاثة أشياء: الكثير من الاختبارات، والكثير من تتبع مخالطي المرضى، والكثير من الحجر الصحي.
وبدأت الاختبارات فور الإعلان عن إصابة ثلاثة مسافرين قادمين من ووهان الصينية في يناير/كانون الثاني الماضي، حيث أجرت السلطات الصحية الفحوص لأكثر من 300 ألف شخص.
وجرت الاختبارات على مراحل، فاختبرت أولا الأشخاص الذين سافروا، ثم انتقلت إلى اختبار المقربين منهم، ومن ثم بدأت في اختبار أي شخص يظهر عليه أعراض شبيهة بفيروس كورونا.
سلوفينيا.. عزل صارم
رغم قلة عدد سكانها (حوالي مليوني نسمة) وإصابة ما يقرب من 1500 شخص بكورونا و100 حالة وفاة حتى الخامس من مايو/أيار الجاري، فإن هذا التفشي يبقى محدودا نسبيا إذا أُخذ بعين الاعتبار أن سلوفينيا وجهة سياحية متنامية على حدود إيطاليا التي تعد واحدة من بؤر التفشي في أوروبا.
أبرز أسباب نجاح هذه البلاد في مكافحة كورونا: الإغلاق المبكر، والحجر الصحي للمرضى، والإنفاق الحكومي السخي.
وقد تحسن الوضع إلى درجة أن الشركات بدأت بالفعل في الانفتاح مرة أخرى، ويمكن للمواطنين السفر خارج بلدياتهم.
وستبدأ المدارس أيضًا العودة في 18 مايو/أيار الجاري. وستظل الأحداث العامة الرئيسية، مثل الحفلات الموسيقية وألعاب كرة القدم، معلقة حتى يتم العثور على تطعيم ضد الفيروس.
اليونان.. تعزيز الرعاية الصحية
إذا كانت هناك إمكانية بأي دولة أوروبية لأن تصبح البؤرة التالية للفيروس فهي اليونان في ظل نظام رعاية صحية يواجه صعوبات، ونسبة معتبرة لكبار السن، واقتصاد يعتمد بشكل كبير على السياحة.
ولكن بعد خمسة أشهر من الجائحة، فإن اليونان لديها حوالي 2600 حالة مؤكدة وحوالي 150 حالة وفاة حتى 5 مايو/أيار الجاري.
وقد حققت ذلك من خلال فرض حظر صارم، وتعزيز التباعد الاجتماعي، وتعزيز قطاع الرعاية الصحية الخاص بها.
وقد بدأ إغلاق البلاد منتصف مارس/آذار، حيث طلبت السلطات من السكان البقاء في منازلهم. وقد لا يكون ذلك ضروريًا، حيث إن معظم الناس التزموا بالمبادئ التوجيهية الحكومية التي تدعو إلى البقاء على بعد ستة أقدام على الأقل من بعضهم البعض وغسل أيديهم بشكل متكرر.
كما عملت الحكومة على ثني السياح عن السفر إلى اليونان، مطالبة الزوار بالحجر الصحي لمدة أسبوعين قبل الدخول، أو دفع غرامة أخرى تزيد عن 5000 دولار.
المصدر: الجزيرة