حمل الهواء الدخان الناجم عن حرائق الغابات التي اشتعلت في مساحات شاسعة من أستراليا، وعبر به آلاف الكيلومترات عبر بحر تسمان؛ وهو ما تسبب في تحوُّل لون السماء بنيوزيلندا إلى البرتقالي.
صور من الأقمار الصناعية أظهرت دخاناً يملأ السماء فوق نيو ساوث ويلز وفيكتوريا، اللتين دمرتهما الحرائق، قبل أن تدفع الرياح العاتية الضباب البُني الهائل لأكثر من 2000 كيلومتر إلى الجزيرة الشمالية في نيوزيلندا يوم الأحد 5 يناير/كانون الثاني 2020، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Sydney Morning Herald الأسترالية.
حذرت خدمة الأرصاد الجوية النيوزيلندية من أن الدخان الناجم عن حرائق الغابات «كان يتحرك بسرعة عبر بحر تسمان، مدفوعاً برياح غربية شديدة من المستوى العلوي».
سابقة بتاريخ نيوزيلندا
أما موقع أخبار الطقس Weather Watch، فقال إن «أعمدة الدخان غير المسبوقة غطت النصف العلوي من الجزيرة؛ وهو ما تسبب في تحوُّل لون السماء إلى البرتقالي، وإظلام السماء بشكل كبير في أوكلاند نحو الساعة الثانية بعد الظهر».
الموقع نفسه أكد أنه «لم يسبق أن عبَر دخان بهذه الكثافة نيوزيلندا من أستراليا في التاريخ المسجل».
من جانبها، قالت اختصاصية الأحوال الجوية نافا فيديف، من المعهد الوطني لبحوث المياه والغلاف الجوي النيوزيلندي: «كان كل شيء مصطبغاً باللون البرتقالي. كان مشهداً مذهلاً للغاية!».
منظر السماء جعل الناس في أستراليا ينظرون إليه على أنه نذير شؤم ومخيف؛ وشعر كثير منهم بالحيرة.
كذلك أدى الضباب الذي يكتنف المدينة إلى تلقي خدمات الطوارئ سيلاً من المكالمات من السكان المذعورين، ودفع شرطة أوكلاند إلى مطالبة السكان بعدم شغل خطوط الهاتف، ليتمكنوا من استقبال حالات الطوارئ.
لكن مع حلول اليوم الإثنين، هدأت كثافة الدخان -الذي قالت نافا إنه كان مقتصراً إلى حد كبير على «التأثير البصري» ولم يؤدِّ إلى تدهور كبير في نوعية الهواء- حيث استمرت الرياح الجنوبية في دفع الدخان إلى الشمال.
وكان الضباب الدخاني المتحرك يتجه نحو منطقة جنوب كاليدونيا الجديدة وفيجي في منطقة المحيط الهادئ. وقالت الأخصائية الجوية نافا: «من الممكن أن يؤثر في بعض هذه الجزر أيضاً».
أشارت الأخصائية أيضاً إلى أنه يبدو أن السحب الدخانية المتخلفة عن الحرائق في جنوب شرقي أستراليا خلفت أعمدة دخان في طبقة الستراتوسفير، وواصلت السفر شرقاً عبر المحيط الهادئ باتجاه أمريكا الجنوبية، مضيفةً أن «الدخان الذي يدخل طبقة الستراتوسفير السفلى يمكن أن يدوم عدة أشهر؛ ولذا فمن الممكن أن يطوق نصف الكرة الجنوبي».
لم يكن الضباب البرتقالي الذي غلّف السماء أمس الأحد، هو المرة الأولى التي يصل فيها الدخان الناتج عن موسم الحريق المروع في أستراليا إلى نيوزيلندا.
ففي الأول من يناير/كانون الثاني، صبغ الدخان والغبار الناتج عن الحرائق السماء بلون بُني ااكن، وصبغ الجبال المغطاة بالثلوج بلون الكراميل في نهري تسمان وفرانز جوزيف الجليديين في الجزيرة الجنوبية بالبلاد.
خسائر ضخمة ومخاطر
يشار إلى أن ما يقرب من 6 ملايين هكتار من الغابات بأستراليا قد احترقت في هذا الموسم من حرائق الغابات، حيث اندلع أكثر من 100 حريق في نيو ساوث ويلز وفيكتوريا اليوم الإثنين.
كما لقي 24 شخصاً حتفهم في الحرائق التي اندلعت بالبلاد في الأسابيع الأخيرة، من بينهم ثلاثة رجال إطفاء في نيو ساوث ويلز.
كذلك غطى الدخان الأجزاء المتضررة من الحرائق في الساحل الشرقي لأستراليا، وغطى المناطق الإقليمية وأجزاءً مكتظة بالسكان في سيدني وإقليم العاصمة الأسترالية، بدرجات متفاوتة منذ أن بدأت الحرائق الكبيرة والخطيرة بالاشتعال في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
في كانبيرا أيضاً أغلقت إدارات الحكومة الفيدرالية والجامعات والمؤسسات، من ضمن ذلك المعرض الوطني، الأسترالي أبوابها هذا الأسبوع، بسبب الدخان الكثيف الذي غطى العاصمة، وسجلت المدينة أسوأ قراءة لنوعية الهواء في أي مدينة كبرى بالعالم عدة أيام، هذا العام.
أما سكان سيدني فقد تنفَّسوا خلال 38 يوماً هواءً شديد التلوث من نوفمبر/تشرين الثاني إلى منتصف ديسمبر/كانون الأول، وكان من هذه الأيام 28 يوماً اعتُبرت خطيرة.